حوادث سقوط الأطفال والكبار في البالوعات اصبحت امرا عاديا يعتبره المحافظون والمحليات قضاء وقدرا.. وتحولت البالوعات الي مصائد للموت معلومة المكان.. وهذه الحوادث ليست وليدة الساعة بالطبع.. ولكنها ميراث تاريخ من الإهمال.. ويبقي السؤال: من المسئول عن تلك البلاعات هل هي مسئولية شركة المياه والصرف الصحي أم الأحياء؟ قرية بمركز ملوي/ المنيا شهدت وفاة الطفلة حسناء7 سنوات نتيجة سقوطها في بالوعة صرف صحي بالمنطقة, مما اثار غضب الأهالي بالمنطقة, خاصة انهم أبلغوا اكثر من مرة عن هذه البالوعة واعلن المحافظ عن عدم مسئوليته عن الحادث وانه قضاء وقدر .وبعد ثورة الاهالي قام بصرف10 الاف لأسرة الطفلة كتعويض, فهل هذا يكفي للاعتراف بخطأ المسئولين؟ والغريب في الامر انه علي الرغم من اكتشاف المسئولين للحادث لم يقوموا بانتشال الجثة, نتيجة انشغالهم باحتفال زفاف جماعي بالمنطقة نفسها! فهجم اهالي الطفلة علي المسئولين بالحجارة لغضبهم من عدم تعاونهم معهم, ثم اصدر محافظ المنيا اللواء احمد ضياء الدين قرارا بإحالة3 مسئولين بالبلديات والصرف المغطي للتحقيق ووقفهم عن العمل. الطفلة حسناء لم تكن الاولي ولن تكون الاخيرة بالطبع, فبمحافظة كفر الشيخ وبالتحديد في مدينة فوة لقي عاملان مصرعهما نتيجة سقوطهما في احدي بالوعات الصرف الصحي. وشهدت قرية خلوة ابو مسلم بابو حماد بالشرقية ابتلاع بالوعة اخري5 مواطنين اثناء قيامهم بتسليك مواسير الصرف الصحي بعد اهمال وتجاهل رئيس المدينة لشكواهم من كثرة اعطال خطوط المجاري بالقرية. ولن تحتاج لاكتشاف اماكن مثل البالوعات الا الي التجول في شوارع القاهرة. واضطر الاهالي الي منع اولادهم من الخروج ليلا حتي لا يسقطوا في البالوعات المفتوحة, واضطروا الي وضع مجموعة من الاحجار لحماية اطفالهم. بالوعات المجزر الآلي وفي البساتين ونتيجة لوجود المجزر الآلي الذي تسبب في اغراق الشوارع بمياه المجاري بالاضافة الي الرائحة التي لا يتحملها الاهالي, بجانب انك ان حاولت الدخول هناك بالسيارة فتأكد انها ستتحول الي خردة. وهناك يلجأ الاهالي الي كشف بالوعات الصرف الصحي لتصريف المياه. وهذا ما اكده حسن صبري احد العاملين بأحد المصانع المطلة علي شريط السكة الحديد, موضحا ان المجزر ومخلفاته تؤدي الي غرق المنطقة بالمجاري لذلك يلجأ الاهالي الي فتح البالوعات, مما يعرض الكبير والصغير للخطر.. وهناك بالوعات مفتوحة لاصلاح الصرف الصحي, وتستمر عمليات الاصلاح اياما وليالي دون ان تعلق هيئة الصرف الصحي اي لافتة تشير الي وجود بالوعة صرف صحي مفتوحة تنبه المارة الي وجودها, مطالبا بتفعيل دور رؤساء الاحياء والقائمين علي الصرف الصحي لانه رغم ابلاغ الاهالي للمسئولين اكثر من مرة عن اماكن البالوعات بالمنطقة ولكن لا حياة لمن تنادي. ويري محمد اسماعيل موظف يقطن بالمنطقة ان حوادث بالوعات الصرف الصحي تتكرر يوميا, وتوجد بمنطقته بالوعة مكشوفة بجوار مدرسة ابنه, ورغم مطالبته اكثر من مرة للمسئولين بتغطيتها فإنهم لا يبالون. مؤكدا ان هذا الامر ينتشر بكثرة في المناطق الريفية نتيجة الاهمال. والمثير للدهشة هو اعلان المسئولين عن عدم مسئوليتهم عن الحادث مما يثير استفزاز المواطنين, فضلا عن استخفاف الاعلام في تناوله مثل هذه الحوادث. حشمت ابو حجر عضو مجلس محلي البساتين اكد ان المنطقة بالفعل تعاني من مشاكل الصرف الصحي, خصوصا لما بها من زيادة سكانية تساعد علي انتشار هذه الحوادث وكذلك لوجود المناطق العشوائية, وتحتاج بالوعات الصرف الصحي الي تجديد بشكل مستمر لتستوعب الزيادة السكانية ولكنه اكد ان هذه المشكلة تنتشر في العديد من الدول وتحتاج الي وقفة وتعاون من الاهالي للقضاء عليها. اما محمود حسن سباك ويقطن بالمنطقة نفسها فيؤكد ان المناطق الفقيرة بالفعل تتم بها سرقة اغطية البالوعات, ويتم بيعها خردة, خاصة انها مصنوعة من الحديد ولها ثقل يصل الي150 كيلو واستعين به اكثر من مرة لتركيب البالوعة في احد الاماكن, ولا يمر سوي يومين وتعود السرقة مرة اخري. مؤكدا ان السكان طرقوا كل ابواب المسئولين لكن دون جدوي, ولم يستجب لشكواهم احد وتحاصرهم الروائح الكريهة والحشرات والقوارض. عزبة خير الله عزبة خير الله بالقرب من البساتين من اكثر المناطق التي تمثل نموذجا صارخا للفوضي, فيؤكد خالد محمود احد اهالي العزبة ان بها صرفا صحيا بدائيا يعرضها للغرق بجميع الحواري والمنازل. وهناك صعوبة لدخول عربات الاسعاف في حالة حدوث اي حادث. وذكر واقعة حادث سقوط5 عمال منذ اسبوعين في بيارة صرف صحي, ادي الي وفاتهم في الحال نتيجة عدم تمكن سيارة الاسعاف من الوصول اليهم, بجانب ان بعض الاهالي قد يضطر الي فتح بالوعات الصرف الصحي لحل ازمة الصرف. بالوعات شبرا وتعرض محمود سليمان موظف ويقطن بالمنطقة لموقف كاد يسبب موته في بالوعة بشبرا الخيمة نتيجة الظلام بالمنطقة, ويقول انه لولا ستر ربنا معه لسقط بها ولم يجد من ينقذه نتيجة عدم وجود اي لافتة تنبه المارة لوجود مثل هذه البالوعات. مؤكدا اهمال الحواري الضيقة والاهتمام يقتصر فقط علي الشوارع الرئيسية. وتساءل كيف لبلد حضاري ان تحتوي شوارعه علي بالوعات صرف صحي مكشوفة تعرض الكبير والصغير للخطر. مؤكدا انه يحدث تخريب بشكل متعمد لاغطية البالوعات, حيث شهد ذات مرة احد العمال يكسر الغطاء بالمطرقة ويسرقه في عز النهار. وفي السادس من اكتوبر التي يدهشك منظر رصف الطرق بها وتناسق الاشجار, يؤكد صابر محمود محاسب انها لا تخلو من البالوعات المكشوفة بلاغطاء ايضا, ويضع الناس عليها الواحا خشبية او الاستعانة بكاوتش قديم خشية سقوطهم بداخلها, بالاضافة الي افتقاد هذه المناطق الي الاضاءة الليلية. حوادث متفرقة تحدث هنا وهناك ولكن الفاعل واحد هو بالوعة صرف صحي لتتحول الي غول يقتنص المواطنين. جمال شحاتة عضو مجلس الشعب عن دائرة شبرا الخيمة اكد انه تقدم بطلب لوزارة الاسكان والمرافق باسماء الشوارع التي توجد بها بالوعات صرف صحي مكشوفة في مختلف انحاء الدائرة, وطالب الوزارة بسرعة التحرك لتغطية جميع البالوعات المكشوفة حفاظا علي ارواح المواطنين, قال انه تلقي ردا من وزير الاسكان والمرافق يؤكد ان الوزارة قامت بمعاينة المناطق الواردة بالطلب, واصدرت الوزارة تعليماتها للجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي بتدبير اغطية للبالوعات المكشوفة بدلا من التي فقدت. ولكنه عاد ليقول ان المسئولين بالحي يهتمون فقط بالشوارع الرئيسية ويتجاهلون المناطق الداخلية المليئة بالقمامة وبالوعات الصرف. دور الأحياء وللتعرف علي مسئولية الاحياء في الاشراف علي اغطية بالوعات الصرف الصحي يؤكد مصطفي زهران رئيس حي باب الشعرية ان اغطية البالوعات بالاحياء مسئولية هيئة الصرف الصحي في البداية, ويقومون بالفعل بتغطية البالوعات بعد الانتهاء من اعمال الصيانة حتي لا يتعرضوا للمساءلة, ولكن تحدث العديد من السرقات لاغطية البالوعات ويتم بيعها خردة. وتنتشر هذه السرقات في المحافظات والقري والاحياء الفقيرة والوحدات المحلية. ويري انه يجب وجود مراقبة من المحليات لابلاغ الهيئة في حالة السرقة, وان وضع لافتات علي البالوعات المفتوحة التي يستمر العمل بها لحماية الناس من الوقوع في البالوعة. وان يتم استبدال الاغطية المسروقة بشكل سريع. اما محيي الصيرفي مدير العلاقات العامة بالهيئة القومية للصرف الصحي فيؤكد ان هناك بالفعل عددا من مشروعات الصرف الصحي التي مازالت مفتوحة ولم يتم الانتهاء منها, وتشرف عليها الهيئة, بالاضافة الي مشروعات احلال وتجديد حسب الكثافة السكانية بالمنطقة سواء كانت داخل او خارج القاهرة. وتقوم الهيئة بتغطية البالوعات ولكن تتم سرقتها. وتابع قائلا ليس من مهام الهيئة ان تقوم بتعيين حارس علي كل غطاء, وان كان هناك اتجاه من الهيئة لتصميم اغطية جديدة من مادة صلبة حتي لا تسرق وبها مفصل ومفتاح ويصعب خلعه . الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب يؤكد ان مثل هذه الحوادث تحتاج الي وقفة, ويري انه من غير المقبول ان يعلن المسئولون عن عدم مسئوليتهم, خاصة ان سببها يرجع الي اهمال جسيم في الخدمات وهناك تقصير من المسئولين ورؤساء الاحياء والادارت المحلية. ولا يقتصر الاهمال فقط علي البالوعات المفتوحة بل هناك العديد من صور الاهمال مثل عواميد الكهرباء المكشوفة, التي تؤدي الي وفاة ممسكها في الحال, فضلا عن اهمال الطرق وعدم رصفها. وعن عدم اعتراف المسئولين بخطئهم واستمرار الحوادث بسبب الاهمال يقول الدكتور عاطف العوام نائب رئيس جامعة عين شمس ان الخطأ يقع علي كاهل كل مسئول, ولابد من محاسبة المسئولين عن الحي من الكبير الي الصغير, ولا تقع المسئولية علي العامل البسيط الذي تتم التضحية به دائما ليكون كبش فداء, ويؤكد عدم الحاجة الي مزيد من القوانين ولكن يجب تفعيلها. وعن تنصل المسئولين من المسئولية واعتبار الحادث قضاء وقدرا تري الدكتورة سامية خضر استاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس ان اي حادث لابد من مسئول عنه, وتهرب المسئول من المسئولية امر غير مقبول. وهذا يثير حفيظة المواطنين ويجعلهم لا يثقون بهم. وقالت انه يجب علي المواطنين الابلاغ عن اي اهمال او قصور, وان يتم التبليغ عن اي حادث وان تعلن المحافظة عن ارقام تسهل عملية اتصال المواطنين في حالة اكتشاف اي اهمال والا ينتظروا حدوث الكارثة للابلاغ عن الحادث. مؤكدة انه في الدول الاوروبية يحاسب اي مسئول يتسبب في موت قطة, متسائلة اين أعضاء المجالس الذين يوجدون فقط اثناء الانتخابات, وبعد الفوز يختفون تماما. ويري سعيد عبد الحافظ رئيس مؤسسة الملتقي والحوار ان معظم المشكلات بسبب انتشار الفساد بالمحليات التي لا تقوم بدورها فأصبحت الحوادث امرا عاديا. تناول الاعلام لقصة موت الطفلة حسناء لم يسلط الضوء علي الكارثة الكبري, واكتفي بتقديم تقرير عن الحادث. هذا ما اكدته الدكتورة ثريا البدوي استاذة الاعلام بجامعة القاهرة وقالت ان الاعلام بالفعل لا يولي مثل هذه القضايا الاهمية لانها حوادث فردية, ويركز علي الحوادث الجماعية او اذا كان اشخاصها مشهورين, ويكتفي بعرضها كما هي دون توجيه اصابع الاتهام الي المسئول عن هذا الاهمال لتحويله الي النائب العام. وتضيف منذ ايام قليلة شهدت منطقة الساحل سقوط طفل عمره11 سنة في بالوعاة اثناء سيره مع والدته, وفي لحظة لم تجد الام ابنها بجوارها, وما زالت اغلب الشوارع تعاني من الاهمال بكثرة المطبات وعدم رصفها. وهذا يحتاج الي خطط من المسئولين عن الحي وتعميق الوعي بخطورة هذه البالوعات المفتوحة وان يوليها الاعلام الاهتمام ولا ننظر لها علي انها قضاء وقدر, فهي جريمة يعاقب عليها القانون من قبل ادارة الحي وشركات الصرف الصحي المنوطة بالمنطقة الذين يتعاملون مع مشاكل المواطنين عن بعد, ويعتمدون علي من تحت ايديهم في نقل الصورة لذلك عليهم النزول الي ارض الواقع بالتعامل مع مشاكل الطرق والصرف الصحي.