حسنا فعلت الجامعة العربية إذ أعلنت أن القضية الفلسطينية ستكون المحور الرئيس في القمة العربية القادمة التي ستعقد في مدينة الدمام بالسعودية يوم الأحد القادم . فالمفترض أن القضية الفلسطينية موضع إجماع عربي وهناك خطوط استراتيجية بشأنها تم التوافق عليها ولا تحتاج إلا لمزيد من التأكيد والتفعيل . ورغم أن الخريطة العربية تعج بقضايا خطيرة مثل الإرهاب والحروب المشتعلة في اليمن وسوريا والعراق وليبيا والنزاعات الحدودية والخلافات العلنية والسرية إلا أن القضية الفلسطينية وما ينتج عنها تظل التهديد الوجودي الأكبر للأمة العربية . ومن ثم فهي جديرة بأن تأتي علي قمة جدول أعمال القمة. ولهذه القمة أهمية خاصة لأنها أول لقاء للقادة العرب بعد الاعتراف الأمريكي بضم إسرائيل للقدس ونقل السفارة الأمريكية إليها وتواتر التسريبات حول المؤامرة الجديدة المسماة ب "صفقة القرن" التي ترمي إلي إزاحة ملفات القدس ومستوطنات الضفة الغربية واللاجئين من علي مائدة المفاوضات بوضعها جميعا في يد إسرائيل بما يعني عمليا عدم وجود ملفات حقيقية للتفاوض وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا. لذلك سيكون علي قمة الدمام مهمة إسماع العالم صوت العرب إزاء هذا التحدي التاريخي . وذلك باتخاذ مواقف واضحة وعملية . في مقدمتها بالطبع إعلان التمسك بالمبادرة العربية الخاصة بالتسوية السلمية لقضية فلسطين وشروطها . وهي المبادرة التي خرجت من السعودية أساسا وتبناها القادة العرب في قمة بيروت. وسيكون التأكيد عليها اليوم له وقع خاص بالنظر إلي رمزية انعقاد القمة في هذا التوقيت الحرج في بلد الحرمين الشريفين . ولربما يساعد في استعادة إدارة الرئيس الأمريكي ترامب لصوابها. لقد هانت الأمة العربية علي العالم أجمع كما لم تهن من قبل . وأصبح مصير دولها تقرره واشنطن وموسكو وطهران وأنقرة . ولذلك من المهم جدا أن يسارع القادة إلي لم الشمل وإنهاء حالة الفوضي والتشتت . والبحث عن كل سبيل يدفع في اتجاه تعظيم المصالح العربية وتوحيد المواقف وحل النزاعات العربية البينية عن طريق المفاوضات السياسية النزيهة اقناعا بأنه لا يوجد حل عسكري يحسم هذه النزاعات . بل إن الصراع العسكري هو الذي فتح الأبواب العربية للتدخلات الخارجية . في آخر حوار مع الأهرام قال أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن الأمل مازال موجودا في إصلاح الشأن العربي وفي بناء التواصل بين العرب حفاظا علي الإقليم العربي من أطماع القوي الطامعة فيه وبالتحديد إيران . وعلي هذا مازلنا نتمني أن تتجه القمة القادمة إلي بناء سياسة عربية تعيد للعرب شيئا من الاعتبار المفقود . وأن يعلم القادة العرب أن مصالحهم ومصالح شعوبهم الحقيقية سواء الجماعية أو الثنائية تكمن في قدرتهم علي التأثير في مواقف الآخرين . وهذا سيؤدي بهم إلي تحرك نشط وفعال يتيح للعرب علي الأقل مقعدا علي الموائد التي يتقرر فيها مصير فلسطين وسوريا واليمن وليبيا بما يوازن النفوذ التركي الإيراني الروسي والأمريكي . وهي الأطراف التي خلت لها الساحة في غياب الوجود العربي . فهل تحقق القمة شيئا من هذا؟