الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون جاء إلي القاهرة للتحدث أمام غرفة التجارة الأمريكية في العديد من الموضوعات التي تتعلق بدور منظمات المجتمع المدني في المشاركة في حل قضايا مجتمعاتها. وكعادته كان كلينتون بليغاً واضحاً في كلماته وأفكاره. ولم يكن فيها ما يستدعي الاختلاف أو التوقف كثيراً للحديث عنه. ولكن كلينتون فاجأ الجميع بالحديث عن مشكلة القمامة في مصر التي استرعت انتباهه وجعلته يقول إنها واحدة من أهم التحديات التي تواجه القاهرة..! وهو حديث وتحذير يؤكد أن مشكلة القمامة عندنا قد تجاوزت حدود "المحلية" ودخلت نطاق "العالمية" وأن العالم يترقب ويتابع كيف سنتعامل مع هذه المشكلة وكيف سنتصرف مع تلال وأكوام القمامة التي بدأت تنتشر في كل مكان من الطريق الدائري إلي المهندسين مروراً بالمناطق الشعبية وصولاً إلي مدينة نصر ومختلف أنحاء القاهرة.. وأين ومن سيقوم بجمع كل هذه الجبال والتخلص منها بطريقة سليمة تقوم علي أساس تحويل القمامة إلي ثروة كما يقول كلينتون الذي نصحنا بالتوسع في صناعة إعادة التدوير وإنتاج الطاقة من المخلفات بما يقلل من استيراد مصر للطاقة ويوفر فرص العمل. ولقد بح صوتنا من قبل ونحن نتحدث مراراً وتكراراً عن مشكلة القمامة التي زادت وتفاقمت وتعقدت منذ القضية الخيالية المبالغ فيها عن أنفلونزا الخنازير والتي صاحبها حملة إعدام الخنازير وتخلي جامعي القمامة عن السعي لجمع القمامة بالطرق التقليدية. وعجز شركات النظافة عن أداء هذه المهمة بكفاءة. فقد تراكمت تلال القمامة في مختلف المناطق وبدأت حرائق التخلص من القمامة في بعض الأحياء تنافس حرائق التخلص من قش الأرز في محافظات الوجه البحري. وبات الناس في حيرة من سحب الدخان التي أصبحت تحمل مختلف أنواع الروائح وتزكم الأنوف وتصيب الناس بالسعال والدوار. وسمعنا الكثير والكثير من الوعود عن جهود مبذولة وخطط موضوعة للتخلص من القمامة بالشكل السليم. ولكنها خطط وجهود تحولت في النهاية إلي تبادل للاتهامات وهروب من المسئولية بين مختلف الأجهزة والهيئات والمحافظات واستمراراً للمشكلة في شكل أعنف وأكثر إيلاماً. وليس من قبيل المبالغة أن نقول إن بعض شوارع القاهرة وفي أحيائها الراقية لا يمكن المرور بها بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من أكوام القمامة والتي صارت مرتعاً للحشرات والزواحف والقطط والكلاب. ومصدراً لكل الميكروبات والأوبئة التي يمكن أن تنتشر من خلالها. وتبلغ المأساة ذروتها حين تصبح أسوار بعض المدارس منطقة تجمع لهذه القمامة. يلقي فيها الأهالي بمخلفاتهم في غير اهتمام أو اكتراث بما يمكن أن تسببه من مضايقات وأمراض لأطفالهم داخل هذه المدارس. ولأننا أصبحنا نفتقر إلي ثقافة النظافة فإن الناس لا تهتم كثيراً بأن تضع القمامة في أكياس مغلقة وتضعها داخل الصناديق الضخمة للقمامة وإنما تفضل إلقاءها بشكل عشوائي علي الأرض المجاورة لتعبث بها كلاب وقطط الشوارع الضالة التي تقوم بمهمة نشر القمامة في كل الأرجاء..!! ونحن أيضاً نتصرف بغرابة واستفزاز عندما ننفق الآلاف من الجنيهات علي ديكورات الشقق من الداخل ونرفض انفاق بضعة جنيهات علي نظافة سلالم المبني ووضع صناديق محكمة الإغلاق أمام باب كل شقة توضع فيها القمامة ليسهل جمعها. إن كلينتون أتي من الولاياتالمتحدةالأمريكية ليعبر عن قلقه وانزعاجه من القمامة التي أصبحت تمثل خطراً كبيراً علينا. ونحن أصحاب المشكلة لم نتعامل معها بمثل هذا القلق أو الانزعاج. وربما تبرع البعض أيضاً بتوجيه الانتقاد بعد ذلك إلي كلينتون باعتبار أنه يتدخل في شئوننا الداخلية..!! ** ملحوظة أخيرة: المستشار ممدوح مرعي وزير العدل يقول في تصريحات له إن الفترة الزمنية للتسجيل العقاري لا تزيد حالياً علي 34 يوماً بعد أن كانت 193 يوماً.. ويا سيادة الوزير.. سكان المناطق العمرانية الجديدة الذين استجابوا للتسجيل العيني "السهل نسبياً" قدموا أوراق التسجيل منذ أكثر من خمسة أشهر.. ولم يتصل بهم أحد حتي الآن.. حتي مجرد اتصال.. أو حتي توضيح.. أخذوا منهم الرسوم.. وخلاص..!