انتقد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ظاهرة انتشار القمامة في مصر. ووصفها بأنها واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العاصمة القاهرة. ولست أدري كيف عرف كلينتون الذي زار القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية لإلقاء محاضرة في غرفة التجارة الأمريكية أن القاهرة وغيرها من المدن والقري المصرية تعاني من مشكلة القمامة.. مع أنه قطع الطريق من المطار إلي الغرفة التجارية في شوارع نظيفة ليس بها أكوام قمامة.. اللهم إلا إذا اعتبر هذه الشوارع غير نظيفة مقارنة بشوارع المدن الأمريكية. قطعاً.. كلينتون لم يستق معلوماته من خلال رؤيته البصرية للشوارع في مصر لأن أحداً لن يأخذه من يده ويسير به في حواري السيدة زينب أو البساتين أو إمبابة أو بولاق الدكرور أو غيرها من تلك الأماكن التي ترتفع فيها أكوام القمامة عدة أمتار فضلاً عن روائحها الكريهة التي تزكم الأنوف. كلينتون قبل أن يحضر للقاهرة قرأ عن مشاكل مصر أو علي الأقل المشاكل الحادة فيها. ووقع اختياره علي مشكلة القمامة باعتبارها مشكلة مزمنة لم تنجح معها أية حلول. وكلما زادت الدولة من الرسوم التي تحصلها من المواطنين تحت بند النظافة كلما زادت القمامة وتعقدت مشكلتها أكثر فأكثر. لم يتطرق كلينتون إلي مشاكل المياه أو الصرف الصحي أو التعليم أو الصحة أو زيادة أسعار المواد الغذائية ولم يقرأ أن سعر الطماطم وصل عشرة جنيهات للكيلو. وأن سعر كيلو اللحم ناطح ال 70 أو ال 80 جنيها أو غير ذلك من الأسعار التي تكوي الجيوب وتلفح الوجوه. الرجل ركز علي القمامة فقط لأنه أراد أن يمس جانباً يحفظ للمصريين صحتهم ويبعد عنهم التلوث البصري وتلوث الشم.. وهذا يكفيه ويكفينا. وليتنا نأخذ مقترحاته مأخذ الجد لأنه كرئيس سابق لأكبر وأقوي دولة في العالم لا يمكن أن يتكلم من فراغ. ولا يتكلم كلاماً عشوائياً. كلينتون طالب منظمات المجتمع المدني بالتدخل لحل مشكلة النظافة.. ونبه إلي أنه من الممكن أن تكون القمامة مصدراً للثروة من خلال التوسع في إعادة تدويرها وإنتاج الطاقة منها بما يقلل من استيراد مصر للطاقة ويوفر فرص العمل. طبعاً.. لن يلتفت أحد من المسئولين عندنا لكلام كلينتون وسيعتبرونه مجرد "رغي" لا فائدة منه لأننا نحن - المصريين - العباقرة الذين نعرف مصالحنا ولسنا في حاجة إلي نصائح الآخرين خصوصاً إذا كان هؤلاء الآخرون من أمريكا!! كلينتون جاء وذهب وألقي محاضرة أخذ ثمنها عشرات الآلاف من الدولارات إن لم يكن مئات الآلاف.. وسيجئ آخرون غيره ويذهبون وتبقي القمامة في احضاننا نملأ عيوننا منها ونملأ أنوفنا من رائحتها الذكية!! وتحيا الأمة العربية علي رأي عادل إمام.