بعد كتابة مقال الأسبوع قبل الماضي "حروف متحركة" بعنوان "دعه ينهب دعه يفر".. تلقيت عدداً من الاتصالات الهاتفية والرسائل علي البريد الالكتروني. يستفسر أصحابها عن مفهوم "الشركات عابرة القوميات" أو "الشركات متعدية الجنسيات". والشركات عابرة القوميات - أو متعدية الجنسيات - هي شركات مملوكة لأشخاص ينتمون لدول متعددة.. ونشاطها لا يرتبط بدولة بعينها أو مكان بذاته في ظل آليات العولمة وانهيار الحدود والحواجز الجمركية أمام حرية حركة رأس المال والتجارة.. حيث نري مثلاً الشركات والأجانب يدخلون مضاربين في البورصة المصرية ويخرجون منها بلا ضابط ولا رابط.. وما يحققونه من أرباح - مهما علت وتشاهقت - معفي من الضرائب في حين يخضع العامل والموظف محدود الدخل للضريبة..!! وإذا ضربنا مثالاً.. من واقعنا - علي الشركات عابرة القوميات أو متعدية الجنسيات والتي ساهمت في تخريب اقتصاد مصر واذلال محدودي الدخل فيها نجد "شركة غاز شرق المتوسط". هذه الشركة التي تردد اسمها كثيراً في أعقاب تفجر فضيحة تصدير الغاز لإسرائيل بثمن بخس يملكها رجل الأعمال حسين سالم وهو صديق شخصي للرئيس المخلوع حسني مبارك وشريك له في مشروعات عديدة.. وحسبما جاء في الموسوعة الحرة "ويكبيديا" باللغة الانجليزية حول الاقتصاد المصري وتحت عنوان فرعي "الموارد المعدنية والطاقة" فقد تأسست هذه الشركة عام 2000 وكانت الهيئة المصرية العامة للبترول تملك حوالي 68% منها بينما تملك شركة ميرهاف الإسرائيلية 25% وشركة امبال - إسرائيل الأمريكية 6.6% وهاتان الشركتان يملكهما يوسف مايمان ضابط المخابرات السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"..!!! هناك مصادر أخري تشير إلي أن الشركة المصرية القابضة للبترول لا تملك سوي 10% من أسهم الشركة أما نسبة ال90% الأخري فتملكها شركات بريطانية وهولندية وأن "شركة غاز الشرق الأوسط" تمتلك 20% من الشركة! الأنكي من ذلك.. أن اتفاقية تصدير الغاز من خلال هذه الشركة تلزم مصر بإمداد هيئة الكهرباء الإسرائيلية بما حجمه 170 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا "!!" بينما يعاني أغلبية المصريين - وهم من محدودي الدخل - من عذاب الحصول علي أنبوبة البوتاجاز التي تباع حاليا في السوق السوداء لندرتها.. وسوف تباع بمبلغ 25 جنيها - إن التزم التجار بهذا السعر - بعد تطبيق نظام الكوبونات!! أرأيتم إلي أي حد تتحكم الشركات عابرة القوميات - في ظل السعار الرأسمالي وتحالف رأس المال مع السلطة - في موارد الدول وكيف توجهها الوجهة التي تخدم مصالح أصحاب هذه الشركات دون النظر إلي مصلحة الشعوب صاحبة الحق الأصيل في هذه الموارد! وهل عرفتم سر المليارات التي يقال إن السيد حسين سالم صديق الأسرة الحاكمة المخلوعة قد حققها لصالحه ولصالح حلفائه علي حساب المطحونين من أبناء هذا الشعب؟! وهل ننسي أن تحالف رأس المال مع السلطة قد دفع "بالسيد أحمد عز" لاحتكار سوق الحديد حتي وصل سعر الطن منه إلي ما يقرب من عشرة آلاف جنيه في حين أن سعره في الأسواق العالمية لم يكن وقتها يتجاوز الثلاثة آلاف جنيه؟! وإذا قيل إن النظام الرأسمالي أو الليبرالي لا ذنب له في ذلك وأن الفساد السياسي كان وراء تلك الانحرافات. فبماذا نفسر الاحصاءات الخاصة بالولاياتالمتحدة والتي يقال إن النظام الديمقراطي فيها يضمن الرقابة علي أي انحراف ؟! لقد جاء في مقال نيكولاس د.كريستوف بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يوم الأحد الماضي تعليقا علي موجة الاحتجاجات التي تجتاح الولاياتالمتحدة والعالم ضد النظام الرأسمالي ما يلي: * يملك أغني 400 شخص في الولاياتالمتحدة أكثر مما يملكه 150 مليون أمريكي في قاعدة الهرم الاقتصادي..!! * 1% علي قمة الهرم الاقتصادي الأمريكي يملكون ما يزيد علي مجموع ثروات 90% من أفراد الشعب الأمريكي..!! * خلال فترة حكم بوش الثانية.. استأثرت نسبة ال1% من الأمريكيين الأكثر ثراء بحوالي 65% من العائدات والمكاسب الاقتصادية! وأخيراً.. فقد أثبتت الرأسمالية فشلها في تحقيق العدالة والمساواة.. أو تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء.. ولابد من البحث عن نظام أكثر رحمة وشفقة..!!