ما كان أغناه عن هذا المصير المأساوي.. ما كان اغناه عن أن يسجل اسمه في سجل أسود في التاريخ الإنساني.. ما كان أغناه عن أن تفتك به الجماهير وبأسرته ويقتل ابناؤه معه أو يؤسروا أو يشردوا. ما أشبه اليوم بالبارحة سقط القذافي بعد طول عناد.. أنه نفس مصير صدام حسين طاغية العراق.. كيف استذل كل منهما الشعب وكيف ذاقا الذل والهوان والمصير الأسود علي يد الشعب. هكذا يتساقط الطغاة.. إنهم لا يتعلمون ولا يعتبرون.. هذه هي مصائرهم علي مدي التاريخ.. يتجبرون ويبطشون.. ويتمادون في غيهم.. لكنهم ينتهون هذه النهاية التي لا نهاية مثلها. يجب أن ترفع الشعوب العربية القبعة للشعب التونسي الشقيق الذي نفذ المبادرة واسقط الطاغية زين العابدين بن علي الذي جثم علي صدر هذا الشعب ردحا طويلا من الزمن وحول تونس إلي سجن كبير كان هو السجان والشعب كله المسجون. يجب أن نرفع القبعة لشباب مصر الذي هب هبة رجل واحد لخلع الرئيس السابق حسني مبارك واسقاط نظامه القمعي الفاسد.. يجب أن نرفع لهم القبعة لقدرتهم علي حشد المظاهرات والوقفات المليونية حتي تحررت مصر من هذا الكابوس. هل يعتبر باقي الطغاة العرب ويجنبون أنفسهم هذا المصير الأسود؟! هل يعتبر بشار الأسد الذي حول سوريا إلي ساحة حرب من أجل الحفاظ أو البقاء علي كرسيه الذي ورثه عن والده حافظ الأسد. هل يعتبر علي عبدالله صالح قاتل إبراهيم الحمدي وقاتل الحريات في اليمن.. أم أنه مازال مصرا علي السير في طريق الندامة.. هل يضمن الرئيس اليمني أنه لن يلقي نفس هذا المصير معتمدا علي بث روح الفرقة بين القبائل اليمنية؟! لماذا يتمسك الطغاة بالكرسي إلي آخر أعمارهم مهما طالت ومهما طال بقاؤهم عليها.. بل لماذا يتمسكون باستمرارهم في السلطة حتي بعد وفاتهم بتوريث بلادهم إلي أبنائهم.. فعلها حافظ الاسد وورث سوريا لبشار.. وكان مبارك يخطط لتوريث جمال.. وكان القذافي يخطط لتوريث سيف الإسلام.. وكان علي عبدالله صالح يخطط لتوريث ابنه ويقول إن من حقه أن يترشح مثله مثل غيره من المواطنين.. وربما كان صدام يخطط لتوريث احد نجليه قصي أو عدي. الحقيقة إنني اجول بخاطري وابحث عن الأسباب النفسية وغير النفسية التي تجعل مثل هؤلاء الطغاة يتمسكون أو يتشبثون بالحكم لهذه الدرجة حتي بعد رحيلهم عن الدنيا.. ولكن لم استطع أن اصل إلي نتيجة.. والأمر يحتاج إلي محللين نفسيين يفسرون لنا ما تنطوي عليه نفوسهم. ولكن اتساءل: هل هؤلاء الطغاة لا يعلمون أنهم مهما طالت أعمارهم سوف يفارقون دنياهم رغما عنهم؟! هل هؤلاء الطغاة لا يعترفون بأن هناك ربا سيعودون إليه وأنه سيحاسبهم حسابا عسيرا؟! هل بهرتم السلطة والمال والجاه والنفوذ عن أن يفكروا ويمعنوا النظر في التاريخ الإنساني؟! فانطبقت عليهم الآية الكريمة: "ختم الله علي قلوبهم وعلي سمعهم وعلي أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم.." أيها القذافي البائس الأحمق.. لقد ظللت تهدد وتتوعد وتؤكد أنك ستنتصر علي شعب هب للدفاع عن حريته وكرامته.. لكن الله خيب ظنك وكان النصر للشعب. لم تكن أنت ولا صدام ولا مبارك في ذكاء زين العابدين بن علي الذي جنب نفسه هذا المصير.. ففر بجلده من القتل.. وها هو مبارك حبيس السجن ينتظر مصيره الذي يقرره القضاء العادل.. ولا ندري إلي الآن ما هو مصير بشار وعلي عبدالله صالح. لقد آن الأوان أن تخرج الشعوب العربية إلي الحياة.. إلي النور.. أن تعيش حياة الإنسان التي ارتضاها الله له عندما قال في كتابه الكريم "ولقد كرمنا بني آدم".