عفوا.. ليست القصة في نيبوشا ولا ايهاب جلال ولا حفني ولا محمد إبراهيم ولا الشناوي ولا كابونجو.. ليست الحدوتة كلمتي تحميس وبس.. ليست الفكرة في أنك تريد الفوز فتلعب له دون قراءة للمشهد ودون وعي بما يدور حولك وبمن هو منافسك.. القصة قصة ثقافة واحساس بالموقف.. قصة تقدير لحجم الحدث.. قصة الروح.. روح الفانلة الحمراء.. قصة أنك إذا أردت الفوز فعليك أن تجهز له بما يليق وتتحرك نحوه بكل احترام وتقدير. إنها ببساطة قصة التفوق الأزلي للأهلي علي الزمالك.. التفوق الذي لم يحدث في التاريخ.. الفوز المتتالي الذي انطلق من 11 عاماً واستمر حتي الأمس بفوز جديد تاريخي.. فوز جاء في ختام الدور الأول للدوري الممتاز وان بقي للأهلي مباراة مؤجلة مع المقاولون.. فوز بثلاثية سهلة كادت تتضاعف بعد أن رفع الزمالك الراية البيضاء مبكرا حتي وهو يهاجم ويضغط ويسيطر.. ثلاثية أهلاوية أكدت ان الأهلي لايزال كبيرا.. ويغيب أحيانا ثم يعود مفترسا.. ثلاثية بثلاث نقاط رفعت رصيده للنقطة 39 ومعتليا القمة بعد أن تفوق علي الإسماعيلي بفارق نقطتين. ثلاثية جاءت بأقدام مؤمن زكريا وعبدالله الصعيد ووليد أزارو في الدقائق 3 و40 و53.. ثلاثية شارك فيها المبدع والحاوي وليد سليمان نجم اللقاء بصناعته هدفين.. وخطورة حقيقية ساهمت في فرض الأهلي كلمته علي الموقف. سيطر الزمالك احترم الأهلي منافسه ولم يتفلسف ولعب بحثا عن فوز هو في حاجة إليه.. اختار تشكيلاً قويا يعرف كيف يتحرك كيف يسيطر كيف يعود برغم ان ذلك لم يحدث لكنه رؤيته.. واخطأ جلال لأنه استهتر باللقاء واعتبره فرصة استعادة النجوم فأعاد باسم مرسي وأيمن حفني ثم محمد إبراهيم.. لعب بشكل هجومي مبالغ فيه وكأنه في نزهة.. غيب ايهاب المتألق اتشيامبونج والرهيب كاسونجو.. حتي في ضربة الجزاء التي حصل عليها أهداها لباسم فأهدرها. التشكيلات تشكيل البدري كشف رغبته الواضحة في السيطرة علي اللقاء من ثلثي اللعب.. فهو لم يكن متعجلا للهجم والتبكير بهدف السبق.. بل يهدف للتمرير وارباك المنافس معتمدا علي خبرات لاعبيه عاشور والسعيد وسليمان ومؤمن وهم ممن يملكون القدرة علي اللعب دفاعا وهجوما.. بل وتنفيذ الهجمة المرتدة. لعب حسام بالشناوي وأمامه فتحي وأيمن أشرف ورامي ربيعة وعلي معلول.. وفي وسط الدفاع عاشور والسولية.. ثم ثلاثي هجومي السعيد وسليمان وزكريا.. ورأس الحربة وليد أزارو.. وهذا التشكيل يجيد التحرك في كل أرجاء الملعب يدافع ويهاجم ويقترب من بعضه بشكل جماعي رائع. أما إيهاب جلال فلعب علي عنصر المباغتة سواء برباعي هجومي.. حفني ومدبولي والشامي وباسم مرسي.. والأخير لعب به جلال ربما ينفجر في هذا اللقاء ويعود من جديد من القمة للمنتخب قبل المونديال.. وهي شجاعة ولكنها خطورة. لعب جلال بالشناوي وأمامه العجان وجبر والونش وحازم إمام وفي الوسط دونجا وطارق حامد.. وثلاثي هجومي مدبولي وحفني والشامي.. ورأس حربة باسم مرسي.. وهذا الرباعي كان أضعف من أن يخترق دفاع الأهلي ويهدد الشناوي.. لذلك كانت محصلته صفرا.. في الأهداف والفرص الخطيرة. التوتر التوتر كان سمة البداية.. وان كان الزمالك أكثر خوفا.. لم يجد الأهلي بديلا عن استغلال الخوف الأبيض فضغط الأهلي بكل صفوفه.. وأفلت وليد وضغط وراوغ وفاجأ الجميع بعرضية انشق لها مؤمن واستقبلها بهدوء في المرمي معلنا تقدم الأهلي بهدف في الدقيقة الثالثة. الهدف لم يربك الزمالك ولم يمنح الأهلي الثقة المطلوبة.. بل تحرك الأبيض وحاصر الأهلي الذي فكر في تأمين دفاعاته وسحب الزمالك المندفع ثم الارتداد بواحدة.. وفعلها الأهلي فعلا لكن دون نهاية ايجابية. الزمالك أيضا اعتمد علي مهارات حفني في خلق فرصة من تمريرة للمنطلق الشامي الذي كان يقاتل وحده في ظل سلبية غريبة من دفاع الأهلي.. وحالة فراغ في وسط الملعب بعد أن ترك لاعبو وسط الأهلي الدور الدفاعي وتفرغوا للمنطقة الهجومية فلم يعد يبدو واضحا ما إذا كان الأهلي يلعب مدافعا أو مهاجما.. الغريب ان الزمالك لم يحسن استغلال ذلك وكانت سيطرته بلا خطورة تذكر وهذا هو ما جعل الأهلي يواصل أداءه الهادي والذي تسبب في أخطاء عديدة في التمرير. 25 دقيقة مرت دون تغيير.. وظهر الملل علي الجميع بعد أن رأي سيناريو وجاء مغايرا للبداية السخنة وهدف التبكير.. وفعلا هتف جمهور الأهلي العب يا أهلي.. فالأهلي هو المتقدم ولكنه غير متواجد والخطر يهدده والذي تجلي في مراوغة من مدبولي لفتحي ولكنه تلعثم داخل ال18 فطارت الفرصة.. لكنها كانت فرصة ومؤشر خطورة. خطورة حمراء بعد 30 دقيقة عاد الأهلي بخطورة جديدة من مرتدة عن طريق السعيد لوليد أزارو لمؤمن ردها لوليد الذي لم يتحرك فطارت فرصة جديدة.. وكاد الرد يكون رهيبا من الزمالك الذي حصل علي ضربة جزاء بعد عرقلة من مؤمن لحازم إمام فتصدي لها باسم مرسي ظنا منه مرة أخري انه لحظة العودة.. ولكن باسم خذل الجميع.. وبدا من خلال التصوية انه مرعوب من الحارس الشناوي فلعبها في يديه. لم يصدق الزمالك انه أهدر فرصة الهدف فعاقب نفسه بضربة حرة تصدي لها وليد وصوب رائعة ردها الشناوي بصدة أروع. الدقيقة 40 كانت الصدمة ولكن علي الزمالك بعد خطأ غريب من الشناوي الذي عرقل علي معلول فلم يتردد الحكم في احتساب ضربة جزاء تصدي لها بالتخصص عبدالله السعيد ليحرز الهدف الثاني. جاء الهدف وكأننا تحولا للقاء آخر.. ففي ثلاث دقائق فقط أهدر الأهلي فرصتين أغرب من الخيال.. الأول بانفراد تام لوليد أزارو الذي ضغط وأربك الشناوي فترك له الحارس الكبير الكرة ولكن وليد كان كريما فأعادها سهلة ليد الشناوي.. وفي نفس الهجمة يرتد السعيد ويراوغ ويبالغ في المراوغة ويمرر متأخرا ولكن وليد سليمان يحيي الفرصة بلعبة بخلف القدم لمؤمن الذي صوب في الشباك من الخارج.. ومرت اللحظات الأخيرة ثقيلة علي الزمالك الذي بات ينتظر الهدف الثالث بعد ان كان يترقب هدف التعادل.. وينتهي الشوط بهدفي مؤمن والسعيد وثلاث فرص حقيقية دون خطورة للزمالك. الشوط الثاني بتغيير واحد بدأ الشوط الثاني حيث دفع ايهاب جلال بمحمد إبراهيم بدلا من مدبولي.. ما يعني ان فكر المدربين لم يتغير.. وبالفعل واصل الزمالك ضغطه وبدت خطورته أكثر من الشوط الأول في ظل أيضا استسلام غريب لدفاع الأهلي الذي سمح لمحمد إبراهيم بالانطلاق والاقتراب والتصويب ولكن فوق العارضة.. ولكنه اقتراب.. وهنا شعر البدري بالخطورة فأخرج السعيد المجهد أو غير الجاهز "أو أو أو.. المهم خرج ولعب اسلام محارب.. ولم تمر دقيقة حتي أهدي وليد سليمان تمريرة سحرية لأزارو الذي انفرد وركز وكالعادة ارتبك الشناوي قبل وصول أزارو وسقط لحظة تصويب أزارو لتمر تصويبة أزارو نحو الشباك بكل قوة معلنا تقدم الأهلي بثلاثية بعد 54 دقيقة. الوقت يمر والزمالك يتراجع يائسا والأهلي يتفوق حتي دون سيطرة التي دانت للزمالك دون خطورة تاركا اياها للأهلي.. ويجد البدري نفسه في ورطة باصابة رامي ربيعة وخروجه ونزول محمد هاني في الوقت الذي خرج فيه باسم الغائب عن اللقاء ودفع بالخطير كابونجو. شباك ساكنة 70 دقيقة وثلاثية دفعت الأهلي للعب ببرود غريب ومخيف سمح للزمالك بالسيطرة والضغط حول ال18 ولكن لم تصل للشناوي خطورة تشير إلي ان الزمالك قريب من التهديف.. هذا السيناريو أخذ اللقاء لوسط الملعب وان كانت خطورة الأهلي أكثر بسبب اندفاع الزمالك فانكشف دفاعه.. لكن المحصلة ظلت الشباك ساكنة وكأنها مكتفية بالثلاثية.. بل ان الأهلي مارس هوايته وعزف أنشودة النصر من خلال عدة تمريرات وترو لاعبي الزمالك وأدت لعنف غريب من جانب محمد إبراهيم الذي نال كارتين لينال البطاقة الحمراء ويخرج ليبدأ الأهلي السيرك والاستعراض.. وباتت جماهيره في انتظار هدف رابع. وصل اللقاء للدقيقة 90 وتوقف طموح الفريقين عند هذه النتيجة لتمر الدقائق كتأدية واجب من الطرفين.. فالأهلي قد فاز وحصد ثلاث نقاط ولقي الزمالك سقوطا جديدا أبعده أكثر عن السباق علي القمة.