تواجه محافظة أسيوط علي مدار العقود الثلاثة الأخيرة ظاهرة التلوث بكل أنواعه. فلم يعد للتلوث صورة واحدة مثل القمامة المنتشرة في الشوارع وأكياس البلاستيك المتطايرة التي يقوم الناس بإحراقها فتبعث غازات خانقة ومؤثرة علي الجهاز التنفسي. في البداية يقول الدكتور مرسي محمد مرسي رئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة أسيوط وجراح الكبد العالمي. إننا كثيراً ما نادينا بالتخلص الآمن من المخلفات الزراعية خاصة أن عملية إحراقها في المناطق المتاخمة للمساكن تمثل خطراً كبيراً علي صحة الإنسان ولا سيما أن الأدخنة المنبعثة منها تحمل كثيراً من الغازات السامة. ويعدد الدكتور البدري أبوالنور مدير عام المستشفي الجامعي الأسبق أنواع التلوث الخطيرة في المستشفيات بشكل عام منها علي سبيل المثال التلوث عن طريق نقل الدم ومخاطره الكبيرة والعدوي من الجراثيم والميكروبات. بالإضافة إلي مخاطر العدوي في غرف العمليات الجراحية وهو ما يحتاج إلي تعقيم الأجهزة بشكل جيد إلي جانب مخلفات المستشفيات من مواد صلبة. ولدائن والقياس علي ذلك في العيادات بجميع أشكالها خاصة الأسنان والعيادات التي تجري بها العمليات الجراحية. ومحلات الخلاقة.. وهذه الأماكن تحتاج إلي رقابة صارمة من الأجهزة المعنية. ويضيف الدكتور عزت عبدالله أحمد رئيس جامعة أسيوط الأسبق ان هذه المشكلة نابعة من عدم الاستخدام الأمثل للمخلفات الزراعية سواء في إنتاج الأسمدة العضوية أو أعلاف الماشية وكثيراً من هذه المواد جرت عليها كثير من التجارب العلمية التي أثبتت أهميتها في خلق مواد غذائية للماشية خاصة عواد الذرة الشامية وخلطها ببعض المواد وتخميرها. فتنتج منها أعلاف للماشية ذات قيمة غذائية عالية. ويطالب الحاج زكريا الحمصاني المسئولين بمديرية الزراعة والمحليات بتنظيم حملات مستمرة علي الحقول والزراعات وإجراء حصر كامل للمحاصيل الصيفية التي تضطر المزارع للتصرف في مخلفاتها بالحرق خاصة أنه لا يستطيع الاستفادة منها بالشكل الأمثل. ويقول الحاج أحمد إبراهيم "مزارع" إن بعض المزارعين تضطرهم الظروف لحرق أعواد حطب القطن خاصة أنه لم تعد هناك أي استفادة به سواء في إعداد الخبز أو طهي الطعام بعد أن اختفي الفرن البلدي والكانون من منازل المزارعين وحلت محلها أفران البوتاجاز فأصبح عبئاً علي الفلاح لأن تخزينه في الحقل يكون بمثابة مأوي للحشرات الضارة مثل الفران والثعابين والثعالب والكلاب الضالة. وهي ما تمثل خطرا علي الزراعات والماشية بل المزارع نفسه ويقول أشرف شعبان إن من الظواهر التي أصبحت تشكل عبئاً علي المواطن الأسيوطي هو قيام البعض من أصحاب المحلات بجمع القمامة المتناثرة في الشوارع التي يكون بها الكثير من المواد اللدنة وأكياس البلاستيك ويقومون بإحراقها ظناً منهم بأنهم سيتخلصون منها. ولكن هذه الطريقة تعد خطراً علي صحة المواطنين حيث تنبعث منها الأدخنة المحملة بالغازات السامة والتي تصيب المواطنين بأخطار جمة.. وهو سلوك خاطيء نتمني اختفاءه. ويشير إبراهيم عوض "صاحب محل" إلي انتشار الكثير من القمامة والمخلفات خاصة في الأماكن البعيدة عن أعين المسئولين وبالتالي تشكل خطراً داهماً يعبث القطط والكلاب الضالة فيها.ويعبر المهندس حمدان محمد من قرية درنكة. عن استيائه الشديد من تلوث مياه الشرب في قري ومدن أسيوط خاصة التي تعتمد علي الآبار الارتوازية في نتاج المياه حيث تبدو المياه محملة بكل نواع التلوث من مواد ثقيلة بسبب اختلاطها بالصرف الصحي بعد انتشار الأيسونات التي يقوم كثير من الأهالي بإنزالها في باطن الأرض لتصريف مياه الصرف الصحي ومخلفاته وهو ما ساهم بالقطع في انتشار الأمراض. ويبيِّن المحاسب أحمد السيد مدير إحدي الشركات السياحية مظهراً آخر من مظاهر التلوث وهو قيام المواطنين بإلقاء مخلفاتهم من القمامة في الترع خاصة الحيوانات النافقة التي تلوث المياه بجميع نواع الجراثيم. ويقول المهندس محمد عبدالحفيظ: إن من المظاهر الخطيرة للتلوث هو قيام الأهالي خاصة أصحاب سيارات الصرف الصحي الخاصة بإلقاء مخلفات الصرف الصحي في الترع جهاراً نهاراً تحت سمع وبصر المسئولين الذين لم يحركوا ساكناً أمام تلك الظاهرة. بالإضافة إلي سلوكيات المواطنين أنفسهم الذين يقومون بكسح آبار الصرف الصحي ومخلفاتها الثقيلة وتسميد الأراضي الزراعية بها معتقدين أنها تفيد الزراعات وهي خطر داهم لابد من تجنبه. يعرب الدكتور عبدالمنعم الحجاجي رئيس قسم المسالك البولية الأسبق بطب أسيوط عن أسفه الشديد لارتفاع نسبة أمراض الفشل الكلوي في العقود الثلاثة الأخيرة بشكل تجاوز الخط الأحمر بكثير. ويمثل خطراً يهدد صحة المواطنين والمجتمع في مصر بشكل عام ويرجع ذلك لعدة أسباب منها تفشي مرض البلهارسيا في السابق وزيادة معدلات التلوث في الأطعمة ومياه الشرب علي الخصوص. التي تؤثر تأثيراً سلبياً علي الكلي والمسالك البولية. ويوضح الدكتور محمود مصطفي عميد معهد الأورام بجامعة أسيوط أن نسبة تفشي الأورام السرطانية مرجعها الأعلي دائماً هو التلوث خاصة سواء تلوث الهواء أو المواد الغذائية التي تنتج عنها كثير من المضاعفات خاصة في الصدر والجهاز الهضمي والكبد علي وجه الخصوص.. مشيراً إلي أن جميع الفيروسات التي تصيبه سببها التلوث سواء تلوث الدم أو المواد الغذائية وغيرها. ويؤكد المهندس حسن محمد وكيل وزارة القوي العاملة بأسيوط: أن المديرية لا تألو جهداً في مكافحة التلوث وذلك عن طريق رجال التفتيش من رجال الأمن الصناعي والعلم علي قياس معدلات التلوث.