علي مدي ثمانية أشهر ونصف الشهر منذ قيام ثورة 25 يناير وحتي الآن عشنا علي أمل أن يكون اليوم أفضل من الأمس وأن يكون الغد أفضل من اليوم.. عشنا علي أمل أن يتفهم الناس مغزي الثورة. وأنها تعني حياة أفضل لهم من الحياة التي عاشوها علي مدي 30 عاما. عشنا علي أمل أن تنتهي هذه الحالة الاستثنائية التي "تقلقل" حياتنا وتجعلها حياة مضطربة.. حياة هدم لا حياة بناء.. حياة تقهقر لا تقدم.. حياة حرب نفسية لا حياة سلام ووئام. ما حدث بالأمس أمام مبني اتحاد الإذاعة والتليفزيون يجعلنا نتساءل للمرة العاشرة: هل نحن شعب لا نستحق الديمقراطية والحرية؟! هل نحن شعب لا ينفع فيه الا ان يحكم بقبضة حديدية؟! هل نحن شعب يجب أن يتحكم فينا جهاز أمن الدولة؟! هل نحن شعب نخاف ولا نختشي؟! كيف تتحول مظاهرة سلمية إلي مظاهرة دموية يتطاير فيها الرصاص من هنا ومن هناك؟! لماذا يسقط حتي كتابة هذه السطور 19 قتيلا واكثر من 160 مصابا من المواطنين وقوات الشرطة العسكرية.. ما هي الأسباب ومهما كانت أهميتها وضرورتها التي تجعل الناس تحتشد في تظاهرة تخل بالأمن العام وتؤدي إلي هذه الكوارث؟! أية مطالب تلك التي شجعت كارهي مصر أن يدبروا لهذه المجزرة؟! ألم يحن الوقت لأن نتنبه إلي التهديدات التي تنطلق عبر القنوات التليفزيونية بإثارة هذه الفتن صراحة؟! ماذا يريدون؟! وإلي أية غاية يتجهون؟! النفوس المشحونة في الداخل.. والنيات المبيتة من الخارج.. والسذاجة التي نتعامل بها مع المواقف وتجعلنا نندفع في طريق مظلم.. كل هذه أمور لا شك في ذلك مدبرة ومقصودة. ماذ لو تطورت الأمور أكثر من ذلك.. وانقلبت مصر إلي فريقين يقاتل أحدهما الآخر.. وتحولت الأمور لا قدر الله إلي حرب أهلية؟! هل يقصد البعض أن يعطي الفرصة لتدخل خارجي بحجة أن هناك اضطهادا لفئة من الفئات.. وماذا يتوقع هذا البعض لو حدث ذلك؟! هل ستكون العيشة هنية؟! أم تكون كارثية؟! ماذا سيفعل المجلس العسكري تجاه هذا الخروج المفضوح علي الأمن العام؟! هل يعلن الأحكام العسكرية؟! وكيف للغالبية العظمي المسالمة أن تمارس حياتها الطبيعية في ظل هذه الأجواء غير الطبيعية. أين الرشد وأين العقل؟! وأين الراشدون والعقلاء من أبناء هذا الوطن؟! "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" و"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".