تشتهر محافظة قنا. بالعديد من الصناعات الحرفية. أبرزها الفخار والخزف والفركة والجريد والنحت علي الخشب. وتشتهر تلك الصناعات داخل 45 قرية بالمحافظة. أبرزها قري الشيخ علي وكوم الضبع والمحروسة وجراجوس وحجازة ونجع المسلمات. والبعض منها يلقي اهتماماً والبعض الآخر لا يزال يعاني الإهمال حتي أوشكت الصناعات داخل القري المهملة علي الاندثار. "المساء الاسبوعية" قامت بجولة داخل بعض القري المنتجة بمحافظة قنا. وكانت البداية من قرية جراجوس بمركز قوص. التي تمتلك أقدم مصنع لصناعة الخزف والذي يعود تاريخ إنشائه إلي حقبة الخمسينيات هو أحد أهم الصروح التاريخية شيده المعماري الشهير حسن فتحي علي هيئة متحف. وأسسه الراهب الفرنسي استيفان ديمون. ليكون علي رأس الخريطة السياحية العالمية قبل الأحداث الإرهابية التي وقعت بالأقصر في التسعينيات. ولدت فكرة بناء مصنع الخزف بقرية جراجوس. علي يد "مسيو لوفريه" أحد أفراد البعثة الأثرية. وتحمس لها الأب "مونجولوفييه" الذي استعان بالمهندس حسن فتحي لبناء المصنع. وتتابع عدد من الفرنسيين والسويسريين علي تعليم أبناء القرية صناعة الخزف بكافة جوانبها الحرفية والكيميائية والتشكيلية بداية من عام 1955 حتي اكتسبوا مهارة عالية. وحظي المصنع بزيارة ملك السويد في عام 1986م. يشكو فواز سيدهم. أحد العاملين بالمصنع من ارتفاع سعر طن المادة الخام لصنع الخزف "الطين الأسواني" إلي جانب انعدام فرص التسويق وكنا نعتمد بشكل أكبر علي إقامة معارض في الأقصروالقاهرة وكانت وفود سياحية تزور المصنع للشراء أما الآن فالوضع تغير ونأمل أن يتم احياء المصنع من جديد. تعتبر قرية الشيخ علي بمركز نقادة واحدة من أهم القري التي تشتهر بصناعة الفخار في محافظة قنا. أشار كامل أبواليزيد أحد الحرفيين بالقرية. إلي توارث الحرفة من الآباء والأجداد ولا يزال أكثر من 130 أسرة تعمل في صناعة الفخار. إلا أننا نعاني من انعدام الاهتمام بالصناعة ولا نزال نعيش علي أمل إنشاء قرية الحرفيين بنقادة التي أعلن عنها منذ أكثر من 10 سنوات ومع ذلك الأرض المخصصة لا تسلم من التعديات من فترة لأخري دون أن تكون هناك خطوات جادة لإنشاء القرية. خاصة أن مركز نقادة يشتهر أيضاً بصناعة "الفركة" التي كانت تصدر إلي السودان فيما مضي إلي جانب صناعة منتجات الجريد من كراسي وأسرة وغرف نوم كاملة. وكل هذه الحرف إن لم تسع الدولة لتنميتها فستندثر قريباً. تقول "كريستين هارون" إحدي العاملات بصناعة الفركة بنقادة. إن هذه الصناعة انفردت بها مدينة نقادة. وتعتمد في مادتها الخام علي خيوط من الحرير أو القطن لتنتج منها أشكال مختلفة من الأقمشة أشهرها الطرحة والملاية وترتديها معظم النساء في صعيد مصر ودولة السودان. بالإضافة إلي "الشال" المصنع يدوياً من الحرير علي نول خشبي ويطلق عليها الكثيرون اسم "أم درمان" لكون سكان مدينة أم درمان بالسودان هم أكثر الشعوب استخداماً للفركة اعتقاداً منهم بأنها تجلب البركة. أشارت إلي وجود أكثر من 700 أسرة بنقادة تشتغل الفركة يعملون علي حوالي 1200 نول و20 أسرة بقرية الخطارة يعملون علي 400 نول و20 فتاة بقرية كوم الضبع ضمن مشروع البيت الريفي وتوفر هذه الصناعة حوالي 3000 فرصة عمل تبعا لمراحل الانتاج أغلبهم من السيدات وكبار السن. وكانت تصدر إلي السودان وكان يقدر الانتاج سنوياً حوالي 700 ألف قطعة فركة تصل قيمتها إلي ما يقرب من 4 ملايين دولار وكان عدد العاملين بها نحو 10 آلاف أسرة بالمدينة والقري المجاورة وعدد الأنوال 5000 نول وكان العاملون بها يحصلون علي الخيوط من احدي الشركات بكفر الدوار. ثم بدأت عملية الاستيراد من الصين والهند والتي أدت إلي تراجع الصناعة في الوقت الحالي بشكل كبير جداً خاصة بعد توقف التصدير إلي السودان منذ عام 1987 فبعد أن كانت تدر الملايين أصبح مكسبها ملاليم في الوقت الحالي. تشتهر قرية حجازة بمركز قوص باتقان فن النحت علي الخشب منذ أن أسس للفكرة راهب فرنسي يدعي "بتروس ايون" عاش في القرية 27 عاماً حيث توفي ودفن بها. وكان طوال حياته بالقرية يسعي لتعليم أبناء القرية فن النحت علي الخشب حتي أتقنوا المهنة تماماً وتحولت الفكرة إلي تجارة رائجة خاصة بعد إنشاء احدي الجمعيات لمركز متخصص لصناعة المنتجات الخشبية. قال عاطف بقطر أحد العاملين بصناعة النحت علي الخشب. أنه كان يتم إقامة معرض للتسويق في القاهرة ويقام عادة في شهر مارس. ولكنه توقف منذ أحداث 25 يناير وسبق أن قمنا بعمل معرضين بالمحافظة وتم عمل 5 معارض منذ بداية عام 1986 بالإضافة إلي المعارض التي أقامتها الجمعية والتصدير لأوروبا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. مشيراً إلي أن الأوضاع التي أعقبت 25 يناير كان لها بالغ الأثر حيث أدت إلي قلة المعارض. قال وليد بريقع مدير المبادرة المصرية للتنمية المتكاملة "النداء" بمحافظة قنا. إن المبادرة نجحت منذ انطلاقها قبل 4 سنوات في تنفيذ العديد من المشروعات التنموية علي أرض محافظة قنا بتكلفة تخطت ال 56 مليون جنيه شملت إنشاء مزارع سمكية وفصول لرياض الأطفال وفصول لمحو الأمية. وكذلك تنفيذ مشروعات لتحسين مستوي الأسر الفقيرة كتربية الدواجن وإعادة تدوير مخلفات الزراعة لافتاً إلي أن محافظة قنا بها 45 قرية ب 45 منتجاً منها ما اندثر وما هو مستمر ونجحنا في تطوير هذه الحرف وادخال حرفة جديدة وهي صناعة الأرابيسك. وقمنا بتبني فكرة "منتج لكل قرية" بحيث تصبح كل قرية مميزة بصناعتها فمثلا الفركة تشتهر بها نقادة فقط هنا نقوم بتنمية الصناعة داخل مدينة نقادة وفتح مراكز تدريب أكثر بنفس المكان دون الحاجة لفتح ورش مماثلة في مركز آخر أو قرية أخري. أما د. بدوي إسماعيل. مدير عام مركز تنمية الحرف التراثية والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر بجامعة جنوب الوادي. فقال إن الجامعة بدأت في دراسة إنشاء معهد تكنولوجي للصناعات الصغيرة والحرف التراثية يهدف إلي تنمية الصناعات الصغيرة وإحياء الحرف التراثية وتخريج كوادر فنية ذات مهارات عالية في تلك الصناعات للتنمية المستدامة لجنوب الصعيد. اللواء عبدالحميد الهجان. محافظ قنا فأكد ل "المساء الاسبوعية" علي اهتمام المحافظة بتنمية كافة الصناعات الحرفية واليدوية التي تشتهر بها المحافظة. حيث تسعي لإقامة معارض تسويقية للمنتجات علي هامش المؤتمرات التي تنظمها المحافظة. إلي جانب فرص التسويق بالمحافظات الأخري. مؤكداً أنه تم تخصيص 50 فداناً لإنشاء مدينة للحرفيين بمركز نقادة جاري تمويلها من قرض ال 500 مليون دولار المخصص من البنك الدولي الذي يستهدف دعم محافظتي قنا وسوهاج. وتخصيص 20 فداناً أخري لاقامة قرية للحرفيين العاملين بصناعة الفخار بنقادة. وأكد أن المشروع القومي الخاص بإنشاء محور علي النيل يربط مدينتي نقادة وقوص بتكلفة تتجاوز المليار جنيه. سيسهم إلي حد كبير في تسويق المنتجات. قال "الهجان" إن هناك جهوداً متواصلة في كافة قري المحافظة التي تشتهر بصناعات يدوية لتحويلها إلي قري منتجة بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية لتصبح قري منتجة. فضلاً عن مساعدة الشباب علي الاقتراض من المشروع القومي للتنمية المجتمعية "مشروعك" لتنمية الصناعات الصغيرة. حيث تولي المحافظة المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر أولوية خاصة لما لها من دور كبير في إعطاء دفعة قوية لعجلة التنمية علي أرض قنا وزيادة الانتاج والحد من البطالة.