مع كل لون.. تبدأ حياة جديدة.. تتقدم الفرشاة للقياه.. تعانق تلك المساحة البيضاء.. التي تفصل بين الحلم والواقع.. ليكون الإبداع وحده هو تلك التجربة.. التي تصبغنا بألوانها. ثنائي يترنم بروح الحب وجهنميات الحياة * تستضيف قاعة الزمالك للفن معرضين لاثنين من الفنانين المعاصرين ممن لهما دور بارز في الحركة التشكيلية المصرية هما الفنان جورج فكري بمعرضه "روح الحب" والفنان عماد إبراهيم ومعرضه " الجهنمية" وذلك في الفترة من 15 أكتوبر وحتي 6 نوفمبر المقبل. ويشمل معرض "روح الحب".. رؤي مختلفة لاشكاليات التعبير الفني والنقل البصري للمشاعر الحسية والوجدانية والعاطفية لمفاهيم الحب ومعناه ومشاهده وأحلامه. في محاولة من الفنان جورج فكري لرصد مكونات السلوك الفردي والمجتمعي في التعامل مع الحب في منظومة علاقاته الإنسانية وذلك من خلال تتبع الأشكال والرموز وعناصر التعبير الفني كأداة للتعبير عن معاني الحب وصوره. كما للحب أسماء عِدة كالهوي والود والوله والعشق والغرام والهيام فإن أنواعه تعددت ومنها العشق الإلهي والأمومة والحب الأخوي والعذري والأفلاطوني و.... إلا أن الفنان جورج فكري يؤكد في كل لوحاته أن الحب هو أساس الحياة مهما تعددت أسماؤه وأنواعه.. وبدونه لا معني لها. من خلال رصد هذه الحالة الإنسانية الرابضة خلف كل لوحة نري أن الفنان قد وضع مستويات متعددة في بناء التكوين في تلك المشاهد الإنسانية التي رسمها والتي تمثلت في لوحاته. واعتمد علي الاختزال والتبسيط في إطار التجريب والبحث عن سياق مختلف لقراءات بصرية وتعبيرية وثقافية جديدة في تناوله للرموز والعناصر وحركة الشخوص والمفردات والعلاقات البصرية ليبرز دور العلاقات الإنسانية التي تتجلي ضمن وضعية التراكيب الجمعية في حركة ديناميكية وإظهار البُعد المنظوري في إسقاط الضوء علي عناصره داخل المشهد. كما أكد في لوحاته علي التداخل الخطي للأشكال والمفردات التشخيصية بشكل تعبيري خالص لاظهار الوحدات بالعمل الفني مما يعمل علي استقرار الشخوص وتلاحمها الرمزي. أظهرت لوحاته بنجاح محاولاته في تكثيف الرؤية الإدراكية الجزئية لتكون هي نفسها المحرك الرئيسي للتفاعل مع الكل أي أنه من أجزاء وتفاصيل وعناصر لوحاته يذهب بخيالنا للرؤية الكلية الفلسفية للبحث عن معني الحب وروحه في احتواء متبادل بين ألوانه وموضوعاته وبين المشاهد المرسومة وذلك في إطار محاولات فنية لتناول الشعور الإنساني الحالم وتجليه في إطار العلاقات الاجتماعية والإنسانية والعودة ل "روح الحب" في حياتنا. * معرض "الجهنمية" للفنان عماد إبراهيم هو تجربة جمالية وتقنية متميزة فنيا واستثنائية تقنيا وجماليا. فقد رسم لنا تجربة بصرية نابضة من خلال المعايشة الواقعية التي صاغها في سياق حصره بين الاتجاه الانطباعي والتصميم المُحكم في إعداد المشهد الذي تطور معه ونما في تلك التجربة واستند علي خلفية ذات علاقة وثيقة بالهوية والتأثر بحضارات الشرق الأدني القديم. * استوحي الفنان هذه التجربة الجمالية الدرامية من تشذيب النباتات الساترة للأسوار "الجهنميات المتفاوتة الألوان" وخضوع النباتات المالئة لفراغات الأسوار لعمليات التقليم. ومن ثم فقد تابع تلك الأجزاء المُستبعدة وما تتعرض له من جفاف تدريجي. ثم نقل هذه الحالات المميزة التي وضعها في إطار تكويني استثنائي. واستخدم الفنان التعبيرية الفلسفية الممتزجة بالانطباعية التأثيرية من خلال تصدير شعور الحركة والتبدل في العمل الواحد.. تلك الحركة التي تناولها من باب التجريب والتي تجلت في الورود والنباتات الكثيفة والمتشابكة مما جعل المشهد يتغير في عين المتلقي مع كل تحرك له وكل تغير لإنعكاس الضوء الساقط عليه. لننتهي بما يوازي التعبيرية الشارحة لنفسها ومحققا معادلة ترادف "السهل.. والممتنع" لتجربة الجهنمية التي حافظ فيها علي مفهوم المعايشة الكاملة للحالة والتجريب مع الممارسة التقنية الفنية التي تميزت بالقصدية التراكيبية في التكوينات والألوان وجاءت التقنية المركبة والمتراكمة والمتراصة بمعيار المدارس الفنية الانطباعية من حيث ما تبدو الانطباعية في ظاهرها وجنوحها إلي التبقيع اللوني ورغم أنه لجأ في بعض أعماله إلي الصياغة التنقيطية لكنه لم ينجرف إلي تعميمها كصياغة من صياغاته اللونية. اعتمدت لوحات الفنان عماد إبراهيم علي تناغم لوني حقيقي وتباين واضح رغم أن التكوينات كانت ثابتة علي قدر كبير فالبطولة في أعماله كانت للحالة واللون وتقنياته ويبقي أن نشير إلي أن التجربة الحالية للفنان عماد إبراهيم التي يعكف عليها منذ أربع سنوات. هي أحد المعالجات التشكيلية للعنصر النباتي والتي نجح في إلقاء الضوء عليها وإخراجها من نمطية الحالة الزخرفية إلي فضاء الإبداع الحر مما جعل جهنمياته تطالبه بمزيد من الأدوار في أعماله القادمة.