عشت سنوات في أوروبا وأول ما لفت نظري عندما دخلت أحد المحلات الكبري كالمولات عندنا انني ذهبت لشراء "سكر" فوجدت كيس سكر مكتوباً عليه 130 ليرة "عملة إيطاليا" وكيساً آخر مشابهاً له تماماً مدون عليه 160 ليرة فجذبني الأمر وقمت بالتدقيق أكثر هل هناك فارق بين الكيسين من حيث النوع أو الكمية مثلاً ولم أجد أي فارق فسألت رفيقي الإيطالي لعله يفيدني بجديد في هذا الموضوع فكانت اجابته صادمة إذا قال لي أبداً لا يوجد فارق علي الاطلاق سوي أن هذه الكميات الأولي موجودة لدي المحل عندما كان سعر كيلو السكر 130 ليرة والكميات الأخري جاءت بالسعر الجديد 160 ليرة هذه كل الحكاية. فسألت لماذا لم يقم البائع بكتابة السعر الجديد علي الكميات القديمة.. وكأنني ارتكبت جريمة هنا صرخ الرجل وقال هذا غش وجريمة يعاقب عليها القانون.. ودفعني الفضول إلي لقاء المسئول عن المحل الكبير وقلت له "معلش" أريد أن أفهم أكثر.. فجاءت اجابة الرجل : هذه جريمة ثم إنني أحصل علي هامش ربح في الكيلو ب 130 وأحصل علي هامش ربح في الكيلو ب 160 ومحظور تماماً التلاعب في السعر.. لأن هذا غش وتهرب!! وقفت مذهولاً وسألني رفيقي الإيطالي والمسئول عن المحل لماذا الدهشة قلت له هناك آمران الأول انكم تتبعون قاعدة نص عليها ديننا الإسلامي حيث قال الرسول "من غشنا فليس منا" هذه واحدة أما الثانية للأسف الأمور مختلفة في بعض البلاد ولم أذكر مصر طبعاً لغيرتي علي بلدي ففي هذه البلاد يضعون السعر الجديد علي العبوة القديمة أو يبيعون حسب المزاج.. المهم أنني حصلت علي السكر ب 130 ليرة وخرجت وأنا اتحسر وأتذكر مقولة الإمام محمد عبده وجدت إسلاماً بلا مسلمين.. ووجدت مسلمين بلا إسلام. أقول هذا الكلام بمناسبة القرار الذي أصدره وزير التموين الذي يلزم بكتابة الأسعار علي المنتجات ويعاقب غير الملتزمين بالحبس لفترة لا تزيد علي ثلاثة أشهر والغرامة بما لا يقل عن 5 جنيهات ولا تزيد علي خمسين جنيهاً.. وهو القرار الذي صدر منذ فترة ولم أشاهد تطبيقاً له حتي اليوم ويواجه حرباً ضارية من المحتكرين وبعض النفوس الضعيفة من التجار.. هذا القرار لو تم تطبيقه سيشعر المواطن حقاً بانخفاض في الأسعار أو علي الأقل سيشعر أن ما يدفعه في السلعة سيذهب في محله وليس في جيوب المحتكرين والتجار الجشعين. حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.