المعلم.. هو حجر الزاوية في حياتنا.. بل هو حجر الزاوية في حياة كل الشعوب.. علي يديه تنشأ الأجيال الصاعدة.. فتنهض الدول بهم.. ويستقيم عودها من خلال الأجيال التي يعلمها ويربيها المعلم. منهم من يكون طبيبا.. ومنهم من يكون مهندساً.. أو صيدلانيا ومنهم من يكون قاضيا أو محاميا.. ومنهم من يكون مخترعا أو مبتكرا في أي مجال من مجالات الحياة.. ومنهم السياسيون الذين يقودون الدول ويعلون شأنها ورؤساء الأحزاب وغيرها. لذلك تهتم الدول بالمعلم وتضعه في موضع التبجيل والاحترام وتهتم به في كل النواحي.. وتراعيه ماديا للوفاء باحتياجاته واحتياجات أسرته. والرسالة التي يقوم بها المعلم رسالة سامية لأنها ترسم طريق الطلاب في المستقبل وتوجههم التوجيه السليم.. وفي بعض الدول يشبهون المعلم بالرسل والأنبياء لما في رسالتهم من سمو ورفعة. وقد علَّم رسولنا الكريم أصحابه أن يحملوا رسالته من بعده وأكد لهم أن هذه الرسالة سوف تنتشر بفضلهم وبفضل إخلاصهم.. وقال عن أصحابه "إنهم كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" أو ما معناه. ووضع أمير شعرائنا أحمد شوقي المعلم في مكانة عظيمة لأنه مكلف بالتربية مع إعداد الطلاب علميا.. فقال عنه: "قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا" واهتمت الدول في الخارج برسالة المعلم واعطته قدرة من التبجيل والاحترام وقررت أن يكون راتبه من أعلي الرواتب تقديرا لرسالته. نشر الموقع الإلكتروني "لصحيفة البوابة نيوز" أن هناك 10 دول تعطي المعلم رواتب مميزة.. ورتب الموقع هذه الدول علي النحو التالي: لوكسمبرج 133 ألف دولار سنويا وسويسرا 92 ألف دولار وألمانيا 75 ألف دولار وكوريا الجنوبية 75 ألفا والولايات المتحدة 67 ألفا والنمسا 66 ألفا وهولندا 66 ألفا وكندا 65 ألفا وايرلندا 65 الفا واليابان 62 ألفا. فماذا عن وضع المعلم في مصر؟! عومل المعلم طوال السنوات الماضية معاملة الموظف الحكومي.. فكان يتم تعيينه علي الدرجة السادسة.. ثم يأخذ طريقه في الترقية.. وآخر ما يمكن أن يصل إليه أن يكون مدير مدرسة أو مدير مديرية تعليمية بالدرجة الأولي أو درجة مدير عام. ولذلك لجأ المدرس أو المعلم ليسد حاجته الضرورية إلي الدروس الخصوصية يستكمل منها احتياجاته.. وقد تطورت الدروس الخصوصية إلي مراكز تعليم خاصة أو ما يطلق عليها "السناتر" التي أصبحت تعليما موازيا وتكلف أسرة الطالب أو الطالبة مبالغ خيالية ليجدوا فيها احتياجاتهم العلمية. وقد فشلت الحكومات حتي الآن في محاربة الدروس الخصوصية أو "سناتر التعليم" بكل الوسائل عن طريق المحافظين ومديريات التربية وأحيانا الشرطة. ولا سبيل لذلك أو للقضاء علي هذه الظاهرة إلا بشروط عديدة.. أو لها خفض كثافة الفصول بحيث لا يزيد الفصل علي 25 إلي30 طالبا. وهذا شرط مهم للغاية للنهوض بالعملية التعليمية.. وتنقيه المناهج من الحشو وتحديثها.. ثم تدريب المعلم والنهوض بالإدارة التعليمية.. وعندما تتحقق هذه الشروط لابد من إعادة النظر في رواتب المعلمين وانصافهم ولا يعاملون كمعاملة الموظف الحكومي. نريد أن يؤدي المعلم رسالته علي أكمل وجه لتنشئة الشباب ويصبحوا هم رجال المستقبل. وقد أثيرت في مجلس النواب في الفترة الأخيرة مناقشات لزيادة رواتب المعلمين: قال الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب إن زيادة مرتبات المعلمين هي البداية الحقيقية لإصلاح التعليم.. لأن الدروس الخصوصية تكلف الأسر 15 مليار جنيه كل عام.. والدروس الخصوصية اضاعت هيبة المعلم وأفقدت المدرسة قدسيتها ودورها في بناء المجتمع. وتدرس لجنة التعليم بالمجلس مقترحات لمضاعفة رواتب المعلمين وإصلاح أحوالهم المالية حتي يعود المعلم لتأدية دوره كصاحب رسالة. وقد أكد الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم أن الوزارة تعكف حاليا علي إعداد دراسة لزيادة رواتب المعلمين. التصريحات كثيرة ومتفائلة.. ولكن متي يتم التنفيذ؟!