صدمة عنيفة هزت الكيان الإسرائيلي منذ بدأت الأخبار تتوالي بتوجه الفلسطينيين إلي الأممالمتحدة للاعتراف بدولة ذات كيان لهذا الشعب المكافح علي مدي أكثر من 60 عاما والأكثر غرابة ان أمريكا راعية السلام في قضية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي قد انحازت لإسرائيل واعتراها الغليان وتخلت عن مبادئها وصيحات رئيسها أوباما من جامعة القاهرة وانطلقت التهديدات بقطع المعونات عن الفلسطينيين ولم تتوقف تحركاتها ضد هذا الاتجاه والتلويح بالفيتو كما ان نتنياهو قد أصابته الحمي وهيستيريا الهلع لمجرد ان شعبا مشردا يسعي لأبسط حقوقه. مفارقات غريبة وعجيبة في عالم يتشدق بالحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها غطرسة إسرائيل وعربدتها في الأراضي المحتلة تحظي بمباركة أمريكا وحلفائها بأوروبا وكأن العرب من "سقط المتاع" لا كيان لهم. قتل الأبرياء من هذا الشعب البائس حلال لجنود الاحتلال الإسرائيلي واطلاق صاروخ من أي قرية فلسطينية دفاعا عن النفس جريمة لا تغتفر أكبر دولة في عالمنا المعاصر ميزان العدل لديها قد اختل وأخذت تمارس دورها مع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة حتي لا يكتمل نصاب الاعتراف بهذه الدولة والمثير للأسي أن أمريكا تدعو الفلسطينيين للعودة إلي المفاوضات المباشرة مع إسرائيل وتتبني وجهة نظر نتنياهو المتطرف بأن السلام لن يعود بقرار من المنظمة الدولية وإنما بمراوغة إسرائيل في المفاوضات وكأن ال60 عاما الماضية لم تكفها في الافلات من حقوق هؤلاء البؤساء. المحزن أن العرب يكتفون بالتصفيق لمحمود عباس وهو يتحدث في الأممالمتحدة ويعلن مطالبته بالاعتراف بالكيان الفلسطيني دون أن نري تحركا فاعلا في مواجهة هذا التسونامي الأمريكي -الصهيوني وكأن الأمر لا يعنيهم في قليل أو كثير فالكل مشغول بهمومه والحرص علي علاقته بالقطب الأوحد في عالمنا المعاصر. دماء شهداء الأرض المحتلة وتدمير مزارع الزيتون والبطش بالشيوخ والنساء يقابله "هز الاكتاف ومط الشفاه" لدي أبناء الأمة العربية خطب رنانة وعبارات تؤكد حق الشعب الفلسطيني فوق منبر الأممالمتحدة وكأن ذلك غاية المرام.. وقمة أداء الواجب رغم ان في امكانيات العرب الكثير من التحركات والتصرفات التي تجعل أمريكا تفكر ألف مرة في مصالحها لدي العرب بمنطقة الشرق الأوسط لكنهم في سبات عميق يصدق في جانبهم قول الله "ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون" 3 الحجر. رغم ان كل الأطراف الدولية تدرك أبعاد وأصداء هذا التحرك الفلسطيني واعجاب البعض واحجام آخرين لكن إيهود باراك كما تقول صحيفة الجارديان يعتبرها خطوة تمهد لموجة مد عنيدة علي صعيد الدبلوماسية لكن أخرين في الساحة الدولية اعتبروها مجرد فرقعة فهي لا تزيد علي مجرد اعتراف رمزي بحق معترف به فعليا وتصنيف الصحيفة "لكن في الوقت ذاته لا يمكن التقليل من آثار هذه الخطوة ولا يمكن استبعاد أي مفاجآت قد تنتج عنها" لكن العالم خاصة العرب لم يشغل بالهم اشتعال هذا الصراع عقب أشهر قرارات الأممالمتحدة رقم 181 لعام 1947 بتقسيم أرض فلسطين إلي دولتين رغم ان توجه فلسطين للمنظمة الدولية يعتبر بمثابة صدي لهذا القرار الشهير! الصورة تبدو ملبدة بالغيوم من كل جانب ودبلوماسية أمريكا في شغل دائم من أجل دعم وجهة نظر اليميني المتطرف جدا نتنياهو تداعب أصدقاءها وتلوح بما لديها من امكانيات حتي تمنع أي اعتراف يصدر من الأممالمتحدة بدولة فلسطين ومما يثير الغيظ انه في وسط هذا التحرك الدبلوماسي وتلك الموجة في مختلف الأوساط ان إسرائيل تستمر في نشاطها الاستيطاني ضاربة عرض الحائط بكل ما يجري علي الساحة الدولية حيث قررت بناء أكثر من ألف وحدة استيطانية علي أراضي الضفة الغربية بالاضافة إلي نشاطها المحموم في منطقة القدس الشريف وتحديها لكل المواثيق والأعراف الدولية في عالم غريب يبارك الغطرسة والبطش!! تصوروا ان هيلاري كلينتون وزير الخارجية الأمريكية قالت تعليقا علي قرار إسرائيل ببناء ألف وحدة سكنية: "انه قرار غير بناء فيما يتعلق بجهود احياء محادثات السلام مع الفلسطينيين اضافت بأدب وانحياز غريب: ان الولاياتالمتحدة تحث الجانبين علي تجنب أي من الأفعال التي تقوض الثقة بينهما" منتهي الشفافية بمنطق غريب مما يجعلنا نقول: يا سلام علي العدل الأمريكي ومما يصيبنا بالغم والحزن ان كلينتون تؤكد علي تجنب أي فعل يهدم هذه الثقة خاصة فيما يتعلق بالقدس أو أي اجراء قد يراه الآخر انه مستفز.. هكذا يكون العدل الأمريكي وهل تصلح الولاياتالمتحدة بعد كل ذلك أن تكون الراعية الأولي لمحادثات السلام في الشرق الأوسط يا لها من مفارقات وغرائب سوف تظل وصمة عار في جبين دولة تزعم بأنها راعية الحرية واقرار السلام. المخزي انه وسط صمت العرب وتفككهم وعدم اتخاذ قرار جماعي للوقوف بايجابية مع الفلسطينيين نجد ان "جاك سترو" وزير خارجية بريطانيا الأسبق قد بعث برسالة إلي 650 من أعضاء البرلمان يطالبهم بدعم التوجه الفلسطيني.. أليس منكم يا عرب رجل رشيد. حقيقة ان القلب ينفطر للانقسام الفلسطيني صوت عباس ينطلق في الأممالمتحدة وحماس تبتعد خطوات مرددة ان الحق ينتزع ولا يجدي التسول.. اتحدوا أولا ولو كانت لكم وجهة نظر مختلفة فلتكن في حواراتكم في النهاية يبدو أن الصراع سوف يستمر والخلافات الفلسطينية بلا أمل في التصالح ولا سبيل إلا بوقفة عربية فلسطينية جادة لوقف نزيف الدم للشعب الشقيق دعونا نتشبث بهذا الأمل لعل وعسي يستيقظ الغافلون من سباتهم؟!