* كيف ترون مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة الإصلاح الإداري وإعداد برامج التدريب والتأهيل لجميع جهات الدولة؟ ** لابد أن نتفق أولاً علي إن إصلاح الجهاز الحكومي ورسالته ينبغي أن تشتق من أولويات وبرامج الاستراتيجية التنموية فهذه الأولويات والبرامج هي التي تحدد قطاعات الجهاز الحكومي الأجدر بالتطوير وهي التي تحدد أيضاً العائد المستهدف من هذا التطوير ودون هذا الارتباط بين مفاهيم التنمية والإصلاح لن يكون للإصلاح الإداري أي جدوي وبالتالي نجد أن حرص الرئيس السيسي علي ضرورة البدء في منظومة الإصلاح أمر يستحق الاهتمام فهو يدرك أنه لا تنمية أو تقدم دون إصلاح وتطوير للأداء الحكومي ولابد من تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتطويرها علي مستوي الجمهورية. وفي الحقيقة في غالبية الدول النامية الإرادة السياسية هي المحرك الحقيقي لكل القيادات التنفيذية والرئيس بحكمته يدرك أن الدولة تحتاج لنقلة نوعية في مجال الإدارة ولابد من وضع السياسات والخطط والإجراءات اللازمة للارتقاء بالأداء والترسيخ لثقافة الابداع فالحكومة يجب أن يكون هدفها الأول خدمة شعبها وتبني قضاياه ويجب عليها أيضاً أن تتواصل مع المواطنين لتبني سياستها التنموية باعتباره شريكاً أساسياً وأصيلاً لإنجاح مسيرة التنمية بصراحة أري أن مصر الآن تدرك أهمية الإصلاح الإداري وفي طريقها لاستعادة التنمية والبناء الحقيقي. ترابط وتناسق * ما هو الضمان لنجاح خطط الإصلاح الإداري؟ ** لكي تكون عملية الإصلاح شاملة ومترابطة ومتناسقة لابد أن يستهدف كافة المستويات الإدارية "العليا الوسطي التنفيذية" لأن رفع كفاءة العنصر البشري أهم مؤشرات النجاح فلابد من تبني هذه الثقافة والعمل بها حتي نؤسس لمنظومة فاعلة لاختيار القيادات. أيضاً عملية الإصلاح الإداري يجب أن تشمل جميع المفاهيم الإدارية التي تعمل علي تحسين مستوي الأداء ورفع الكفاءة الإنتاجية وضرورة عمل جميع المؤسسات بكفاءة وفاعلية لتحقيق كافة احتياجات المجتمع. كذلك يتعين أن ترتكز الخطط علي عدة أبعاد تتمثل في الإصلاح التشريعي والإصلاح المؤسسي بما يتضمنه من إصلاح وتطوير للهياكل التنظيمية والأجور وتنمية الموارد البشرية. علاج التشوهات * فيما يتعلق بالإصلاح التشريعي ما رؤيتك لما يتم وفق هذا الاتجاه؟ ** لابد من منظومة قوانين تواكب خطط الإصلاح وبالفعل قانون الخدمة المدنية يعد نموذجاً يحتذي به في قوانين الخدمة المدنية العربية ولقد عالج تشوهات كثيرة بالنسبة لعلاقة الموظف العام بالوظيفة العامة أبرزها ما يتعلق بالتعيين في الوظائف المختلفة التي كان يشوبها المجاملات وتتحكم فيها الواسطة والمحسوبية التي ساهمت بتكدس عدد كبير من العاملين في جهات معينة وللأسف هذا التكدس ليس كمياً فقط ولكن نوعي. الآن سيتم التعيين من خلال شبكة المعلومات فالتقنيات الحديثة لا يتدخل فيها العنصر البشري. أما فيما يتعلق بالوظائف التي تتطلب مقابلة شخصية فسيتم إخطار اللجنة وتحديدها يوم المقابلة حتي لا تكون هناك أي فرصة للاتصال بأي شخص متقدم للوظيفة. هناك أيضاً مؤشرات للتقييم والمتابعة وفق أحدث الأنظمة والضوابط حتي لا يظلم أحد أو يتم مجاملة أحد حتي المناصب القيادية أصبح لها ضوابط ومعايير محددة وواضحة ومدد محددة لتولي هذه المناصب فلن تستمر قيادة في منصبها لعشر سنوات كما كان يحدث سابقاً. هذا القانون عالج كافة أوجه الخلل لتكون المحصلة النهائية موظف كفء ومنتج لضمان حُسن أداء الوظيفة العامة. كذلك قانون الاستثمار الجديد الذي يفرز مناخ الأعمال ويساهم بشكل كبير علي تدفق حركة الاستثمارات العربية والأجنبية. ولابد من إصدار قانون تداول المعلومات بما يساهم في تحقيق الشفافية والنزاهة. مبادئ أساسية * ما هي الخطوات الأخري علي طريق التطوير؟ ** لابد من التأكيد علي الالتزام بالمبادئ الأساسية للحوكمة والتي تستوجب ضرورة عمل المؤسسات بكفاءة وفاعلية لتحقيق احتياجات المجتمع من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وإرساء مبادئ المساءلة والمحاسبة التي افتقدها الجهاز الإداري طيلة السنوات الماضية والأهم مبدأ الشفافية من حيث ضرورة التزام جميع أجهزة ومؤسسات الدولة بالإفصاح عن قراراتها وسياساتها وتشجيع المواطنين علي المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرار وتبني توجهات الحكومة لابد أن يكون واضحاً لدي الجميع أن إصلاح الجهاز الحكومي يؤدي دوراً هاماً في دعم التحول في السياسات الاقتصادية والتنموية وفي تعزيز قدرة الجهاز علي إدارة هذه السياسات إدارة فاعلة. * وماذا عن التوصيف الوظيفي؟ ** مشكلتنا في الأجهزة الحكومية كثيرة خاصة فيما يتعلق بتحديد مهام الوظيفة وفي الغالب لا يكون هناك تناسق وتناغم بين المواصفات الوظيفية والتوصيف الوظيفي مما يسبب خللاً كبيراً في أداء المهام المختلفة من هنا جاءت أهمية وضع بطاقات للتوصيف الوظيفي لتحدد الخبرة والمؤهلات المطلوبة بدقة لكل وظيفة لكي يتسني وضع الشخص المناسب في المكان المناسب حتي لا يكون الفشل هو النهاية الطبيعية لأداء أي موظف لعمله. الضوء الأخضر * كيف ترون دور الأجهزة الرقابية والمساءلة في عمليات الإصلاح وبناء قادة المستقبل كمدخل في الإدارة الحديثة؟ ** الوضع الحالي لم يحتمل الفشل فلابد من حسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ علي المال العام وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد هذه منظومة متكاملة مطلوب تحقيقها بشكل جاد بالتالي دور الأجهزة الرقابية مهم ومؤثر وفاعل في سياسات وبرامج الإصلاح المنشود والقيادة السياسية أعطت للرقابة الإدارية الضوء الأخضر في أداء عملها بلا خطوط حمراء بدءاً من الرقابة المالية ومروراً باختيار وتدريب القيادات وانتهاء بالرقابة علي كافة المشروعات وبالفعل يقوم أعضاؤها بدورهم علي أكمل وجه وخلال فترة زمنية قصيرة حققوا إنجازات ونجاحات في شتي المجالات والقضايا مما يوفر للدولة الوقت والمال خاصة فيما يتعلق بالمشروعات التنموية والاستيلاء علي المال العام وأملاك الدولة. حقوق وواجبات * هل نحن نمضي نحو التميز المؤسسي؟ ** مما لا شك فيه أن توافر نظم وقوانين خدمة مدنية ووظيفة عامة متطورة يسهم في تعزيز مكافحة الفساد في الأجهزة الحكومية ومن ثم تحقيق التميز المؤسسي وذلك من خلال التوازن بين حقوق وواجبات الموظف العام من حيث التعيين والترقية وتقييم الأداء والتدريب وسياسات الأجور والتأديب والتقاعد الاختياري المبكر بالإضافة إلي ترسيخ مبادئ العدالة والحصول علي الخدمة الحكومية بأعلي جودة وبشفافية مطلقة ونزاهة تامة فضلاً عن تمكين المستفيدين من التعامل بوضوح مع الأجهزة الحكومية ومساءلتها ومحاسبتها ولأن العنصر البشري هو الأداة الحقيقية والقوة الفاعلة فإنه يتعين تفعيل دور إدارات الموارد البشرية بالمؤسسات الحكومية في تطبيق قوانين الخدمة المدنية واستثمار القدرات الفكرية والمعرفية للعاملين وتنميتها بصفة مستمرة بما يحقق التميز المؤسسي. * لماذا يرتبط الولاء الوظيفي بمنظومة الأجور؟ ** في واقع الأمر جزء كبير من أساليب تحقيق أو ضمان الولاء الوظيفي يعتمد علي ضمان حياة كريمة وهذا لن يتأتي إلا بمقابل ومردود مادي لكن أيضاً لكي تستطيع أي دولة تحقيق هذا الأمر فلابد من إصلاح الهيكل الإنتاجي بحيث يصبح الاعتماد الحقيقي علي وجود اقتصاد منتج لأن الاعتماد علي قطاع الخدمات وفوائد البنوك فقط خطأ وليس مطلوباً.. فالنهوض بالاقتصاد ضرورة أساسية في السياسات التنموية. تنوع المشروعات * ما تقييمك للسياسات المصرية الاقتصادية؟ ** لا أحد ينكر أن مصر تتحرك بشكل جيد في هذا الاتجاه فهناك اهتمام كبير بتنوع المشروعات من زراعية وصناعية مثل مشروع المليون ونصف المليون فدان والنهوض بالصناعات المختلفة مثل صناعة السيارات والمعدات والأجهزة الكهربائية إلي جانب الاهتمام بقطاع الصناعات المتوسطة والصغيرة كذلك المشروعات القومية بتنمية قناة السويس والعاصمة الإدارية والضبعة والدخول في الطاقة النووية هذه القطاعات المنتجة ستغير من شكل الحياة بمصر ومردودها سوف ينعكس علي تحسين الأحوال المعيشية. التعليم والصحة * ما هي القطاعات التي ينبغي علينا إعطاؤها الأولوية في سياسات التطوير والإصلاح؟ ** أهم قطاعين هما التعليم والصحة فإذا كنا نتحدث من اقتصاد منتج ومشروعات عملاقة فلابد من ربط هذه المسألة بمخرجات التعليم نحتاج إلي خريجين مؤهلين للعمل في هذه المشروعات بقدرات وكفاءات عالية وهذا لم يتم إلا بإصلاح منظومة التعليم وفقاً لمتطلبات سوق العمل واحتياجاته الحقيقية نريد خريجاً منتجاً قادراً علي المضي في تحقيق أهداف التنمية. لابد أيضاً من سياسات تعليمية تنمي وتغرس منظومة القيم حتي نستطيع إعداد أجيال تعي قيمة الحفاظ علي المال العام وتستطيع تحقيق التوازن بين حقوق وواجبات العمل مهما كان عملاً صغيراً أو كبيراً. كذلك الاهتمام بقطاع الصحة أمر غاية في الحيوية ضمانة لوجود أجيال سليمة قادرة علي العمل وبذل الجهد. لذلك نجد أن منظمة الأممالمتحدة وضعت خطة للتنمية المستدامة 2030 تحتوي علي 17 هدفاً في مقدمتها إصلاح التعليم والصحة والوظيفة العامة والحق في العمل وكل دولة لابد أن تبني استراتيجيات تستطيع من خلالها تحقيق هذه الأهداف. استكمال الخطة * كيف ترون محاور خطة الإصلاح الإداري التي تنفذها وزارة التخطيط؟ ** ما يتم حالياً من جهود هو استكمال لحظة الإصلاح التي بدأها د.أشرف العربي وزير التخطيط السابق وأري أن الوزيرة الحالية تخطو خطوات واسعة نحو تحقيق إصلاح مؤسس يؤدي إلي زيادة كفادة الجهاز الإداري ربما لم نلمسها علي أرض الواقع ولكن كما ذكرت اهتمام الرئيس وحرصه علي التأكيد علي ضرورة الإصلاح والتطوير سوف يعطي نتائج طيبة. * هل أعداد الموظفين تشكل عائقاً أمام رفع كفاءة الجهاز الإداري؟ ** مما لا شك فيه أن تكدس الأعداد بكثرة في بعض الأجهزة والمؤسسات يشكل عبئاً عليها لكن ينبغي ألا نتوقف أمام هذا العدد عاجزين ودون أن نبدأ في البحث عن حلول وبدائل للاستفادة منهم فلابد من إعادة تأهيلهم للعمل في أماكن أخري وفي مواقع تنفيذية بعيدة عن الجلوس داخل المكاتب كي نحولهم إلي أشخاص منتجين. تعاون مستمر * هل يوجد تعاون بين المنظمة وكافة المعنيين بسياسات وخطط التطوير الإداري؟ ** لدينا تعاون كبير ومستمر وكل أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة من وزراء التخطيط والتنمية من كل البلدان العربية وهذا المجلس هو المعني برسم السياسات والنظم والاستراتيجيات المطلوبة في التطوير الإداري والتنمية ونحرص علي اللقاءات والاجتماعات المستمرة لمناقشة كافة المستجدات والتطورات التي تتعلق بسياسات الإصلاح الإداري ونحرص أيضاً علي استضافة الدول الأجنبية التي لها تجارب ناجحة في هذا الإطار فنجاحنا مرهون بالعمل الذي نقدمه لسائر بلادنا العربية في الوقت الراهن والمرحلة التي يحاصر عالمنا فيها تحديات جمة وتهديدات خطيرة فكل هذا يستوجب المزيد من العمل والتشاور والتنسيق للخروج بأفكار متطورة بناءة تحقق مسيرة التنمية الشاملة. * ما هي الخطوة القادمة في جهودكم نحو تعزيز منظومة الإدارة العربية؟ ** في ضوء تطور مفهوم الخدمات العامة لتصبح نموذجاً متكاملاً يحقق مقومات دولة الرفاه بما يتجاوز توقعات المواطنين من الخدمات المقدمة ويعزز شعورهم بالاطمئنان والثقة في قدرات المؤسسات الحكومية وينمي قيم المواطنة والولاء لديهم وحرصاً علي تنمية قدرة المؤسسات الحكومية علي استشراف المستقبل وتحقيق الريادة والتميز في الممارسات الإدارية سيتم عقد المؤتمر الرابع للإصلاح الإداري والتنمية بعنوان الإدارة بين القطاعين الحكومي والخاص نحو التميز المؤسسي وذلك في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهر نوفمبر القادم بحضور عدة مؤسسات عربية ودولية وأجهزة رقابية ولجان مكافحة الفساد.