علي الرغم من زيادة أسعار الأدوية مرتين في أقل من عام. الأولي كانت في شهر مايو من العام الماضي. والثانية في شهر فبراير الماضي. بعد ضغوط من شركات الأدوية التي قام بعضها بتخزين الأدوية وتعطيش السوق لحين إعلان الأسعار الجديدة. كان من المنتظر أن تنتهي الأزمة بشكل تام في أعقاب زيادة الأسعار. إلا أن الأزمة تشتعل حتي بلغت جملة الأدوية التي يعاني المواطنون من أجل الحصول عليها 1000 صنف. من جانبها حملت نقابة الصيادلة وزير الصحة المسئولية الكاملة عما يحدث في سوق الدواء خاصة مع الرفض المستمر لتطبيق السعر الموحد مما أدي إلي وجود أكثر من سعر للدواء الواحد في السوق. فضلاً عن رفض إعادة تسعير الأدوية خاصة أن المواد الخام للبعض منها انخفض سعره إلا أن الشركات ترفض تخفيض الأسعار. إضافة إلي وعود وزير الصحة بالقضاء علي أزمة نقص المحاليل إلا أن الوعود تبخرت والأزمة اشتعلت خاصة داخل الصيدليات الخاصة. فيالوقت الذي نجحت فيه المستشفيات الحكومية بمحافظة قنا في سد احتياجاتها بينما لاتزال المستشفيات الجامعية بجامعة جنوب الوادي تعاني من أجل توفير المحاليل. "المساء" التقت أطرافاً متعددة للتعرف علي واقع أزمة استمرار نقص الأدوية خاصة الأنسولين والمحاليل الطبية. في البداية قال د. أحمد عامر وكيل النقابة العامة للصيادلة. إن كثيراً من شركات الأدوية كانت تتحجج بارتفاع سعر الدولار حتي تقوم بزيادة أسعار الأدوية. في حين أنه إذا قمنا بعمل دراسة جدوي أو تحليل سعري لأسعار الأدوية لوجدنا هناك مبالغة كبيرة في الأسعار مقارنة بأسعار المواد الخام الأصلية مثل مادة "البيروكسيكام" في بداية اختراعها كان سعر الطن ثلاثة آلاف دولار وفيما بعد تم تداول أجيال جديدة من المنتجات لهذه المادة فانخفض سعرها إلي 100 أو 200 دولار للطن. وحينما تم تسعر المنتجات الدوائية تم تسعيرها علي أساس سعر الطن 3 آلاف دولار وكان من المفترض أن تنخفض أسعار الأدوية المنتجة من هذه المادة ولكن الشركات لم تستجب لذلك. أضاف أن النقابة العامة للصيادلة طالبت بإعادة تسعير كل الأدوية والمدخلات بناء علي التكلفة الفعلية مع احتفاظ المنتج بهامش ربح. لأن كثيراً من الشركات تقوم بإنفاق آلاف الجنيهات علي الأطباء للمشاركة فيما تسميه "مؤتمرات علمية" والتي تقام في المدن السياحية وهي في الأساس لا تمت للمؤتمرات العلمية بصلة وانما مجرد رحلات سياحية وكل التكاليف التي تنفق عليها تضيفها الشركات علي الأدوية وتحملها للجمهور. ورداً علي تداول الأدوية بأكثر من سعر. أوضح د. أحمد عامر. أن هناك ثلاث سلع تفرض عليها التسعيرة الجبرية وهي الخبز. البنزين. والدواء. وطالبنا مراراً وتكراراً بأن يكون الدواء المورد للصيدليات مطابقاً للفاتورة. ولكن ما يحدث أن تجد أدوية مخزنة في شركات الإنتاج أو في المصانع مكتوباً عليها "بدون سعر" وما يحدث أن يتم بيعها للصيدلي بسعر آخر غير السعر الأصلي. وطالبنا باستبدال هذه الأدوية بأدوية أخري مدون عليها السعر الجديد. إلا أن الشركات رفضت ذلك. كما طالبنا الإدارة المركزية بأن تصدر تسعيرة موحدة علي مستوي الجمهورية إلا أن وزارة الصحة رفضت ذلك وبالتالي فإن هذه الممارسات تصب في مصلحة الكيانات الكبيرة ممثلة في السلاسل وشركات التوزيع. فكانت النتيجة أن تجد حالياً أدوية في الصيدليات بثلاثة أسعار مختلفة. كما أن بعض الصيادلة يضطر للقيام بالشطب علي السعر المدون علي العلبة لأنه قام بصرف الأدوية من الشركات بالسعر الجديد بعد رفض الشركات سحب الأدوية وتدوين الأسعار الجديدة عليها. فالواقع يقول إن وزارة الصحة تركت الصيدلي في مواجهة مع المريض ويتحمل مسئولية ذلك وزير الصحة. أكد وكيل نقابة الصيادلة أن مشكلة نقص الأنسولين في طريقها للحل خاصة بعد افتتاح مصنع جديد تابع لشركة المهن الطبية والذي تم افتتاحه قبل شهرين لتوفير الأنسولين في السوق المصري خاصة أن 80% من الأنسولين مستورد. وبافتتاح المصنع الجديد سيتم حل المشكلة والمنتج صدر بالفعل تحت مسمي "أنسولين إيجيبت". لافتاً إلي أن أنواع الأنسولين متعددة وهناك ثقافة سائدة لدي المواطنين أنه طالما تناول نوع معين من الأنسولين فلا يعتقد أن يتم الشفاء بأي نوع آخر. ويعتبر أكثر الأنواع التي تعاني عجزاً هو أنسولين 40 وحدة "مكستارد" والذي تحتكره إحدي الشركات رغم أن البديل المصري موجود. أكد أن النقابة ناشدت وزير الصحة عدة مرات لحل مشكلة نقص المحاليل ومازالت الأزمة قائمة حتي الآن في جميع أنواع المحاليل. وكان الوزير قد وعدنا بافتتاح خط إنتاج جديد في شركة النيل وهي شركة قطاع عام وكان من المفترض افتتاحه في شهر ديسمبر الماضي ولكن حتي هذه اللحظة لا يوجد منتج. وأوضح أن وزارة الصحة تقيس نقص الأدوية بالمادة الخام وفي هذه الحالة نجد النقص في الأدوية يتراوح ما بين 50 إلي 60 صنفاً. ولكن إذا قسنا علي الاسم التجاري للأدوية سنجد أن الأصناف التي تعاني من عجز تقترب من 1000 صنف. ورداً علي شكاوي المرضي من تداول أقراص "جوسبرين" المستخدمة لعمل سيولة الدم لدي مرضي الجلطات والتي تبدو مطاطية مثل "اللبان" أوضح أنه كان هناك بالفعل سوء تصنيع في هذا المنتج وأصدرت وزارة الصحة نشرة بشأنه وتم سحب 10 تشغيلات من الأسواق في شهر أبريل الماضي. ومن وقتها لم يقم المصنع بإصدار المنتج البديل. مؤكداً توافر بدائل أخري لهذا المنتج في الصيدليات. قال أحمد عبدالفتاح النقيب - نقيب الصيادلة بقنا - إن قرار زيادة الأسعار الذي أعلن في شهر فبراير الماضي كان "خاطئاً" خاصة أن الحكومة أظهرت النية قبلها بشهرين بالاتجاه لزيادة الأسعار في ذلك التوقيت. فكانت النتيجة قيام شركات الأدوية بتخزين الأدوية والامتناع عن صرفها للصيادلة لبيعها بالأسعار الجديدة. وبعد أن صدرت التسعيرة أصبحت الأدوية تباع بسعرين مختلفين لأن هناك شركات قامت بضخ كميات جديدة مدون عليها السعر الجديد بينما كانت هناك كميات مخزنة في الصيدليات فأصبح الدواء متوافراً بكميات بالسعر القديم وأخري بالسعر الجديد ومثال ذلك "كونكور" المستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم كميات منها متوافرة بسعر 27 جنيهاً طبقاً للأسعار القديمة وأخري بسعر 40 جنيهاً ونصف طبقاً للأسعار الجديدة. مما أدي إلي حدوث العديد من المشاحنات بين المرضي والصيادلة. ورغم زيادة أسعار الأدوية إلا أن مشكلة نقص الأصناف لم تنته بعد حيث تمسكت الشركات بزيادة الأسعار بعد قرار تعويم الجنيه المصري وارتفاع سعر الدولار وكنا نتوقع أن تتوافر الأدوية بعد ذلك إلا أنه حتي الآن يوجد نقص في نحو 1000 صنف من الأدوية بالاسم التجاري و150 صنفاً بالاسم العلمي. وأبرز الأدوية التي نعاني من عدم توافرها الأنسولين وعلاج الجلطات والمحاليل الطبية وهذه الأزمة مستمرة من قبل إعلان الزيادة الأولي في الأسعار بناء علي قرار مجلس الوزراء في شهر مايو 2016 ولاتزال قائمة حتي اليوم. قال د. أسامة حسين عبداللاه - مدير عام المستشفيات الجامعية بجامعة جنوب الوادي - هناك معاناة في توفير الأدوية فيما يتعلق بنظام الصرف بالأمر المباشر فهناك جهات تتقاعس عن توفير الكميات المطلوبة من الأدوية. لافتاً إلي أنه لا توجد مشكلة داخل مستشفيات الجامعة بشأن نقص الأدوية التي تتوافر بشكل كبير خاصة الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كالأنسولين لعلاج السكر والأدوية الأخري المستخدمة في الجلطات وضغط الدم. ولكن المعاناة التي نلاقيها تتمثل في عدم توافر المحاليل الخاصة بمناظير المسالك البولية والتي لا تتوفر نهائياً داخل مستشفيات الجامعة ونعاني من أجل توفيرها. قال د. راجي تاوضروس وكيل مديرية الصحة بقنا. إنه لا يوجد أي عجز بالأدوية داخل كافة المستشفيات الحكومية بالمحافظة. لافتاً إلي أن المشكلة كانت قائمة في الفترة التي سبقت إعلان زيادة الأسعار قبل شهر فبراير الماضي. حيث كنا نعاني من أجل توفير الأدوية من الشركات بسبب نقص الكميات. ولكن في الفترة التالية تحسنت الأوضاع إلي حد كبير جداً ولم يعد هناك أي نقص في الأدوية. حيث قمنا قبل نهاية العام المالي الماضي بشراء أدوية بقيمة 3 ملايين جنيه لسد الاحتياجات اللازمة وتضمنت شراء 30 ألف محلول رينجر و30 ألف محلول جلوكوز و100 ألف علبة محلول نيل مضاد حيوي متعدد الاستخدام و50 علبة أقراص مضادات حيوية. و200 ألف زجاجة شراب مضاد حيوي و20 ألف زجاجة شراب خافض حرارة و25 ألف عبوة مرهم مضاد حيوي و5 آلاف بنج كربول و3 آلاف زجاجة شراب كحة و5 آلاف زجاجة شراب لعلاج الحموضة و20 ألف رباط ريكونس جيبس وألف قطرة عين و5 آلاف سبراي جلدية و500 حقنة RH و1000 ألبومين بشري و30 ألف علبة أنسولين متنوعة. بالإضافة إلي توافر لبن الأطفال المدعم في كافة المنافذ بالمستشفيات ولدينا مخزون استراتيجي من الألبان لسد الاحتياجات. مؤكداً أن الشكاوي الواردة بشأن نقص الكميات في وحدة الرعاية الصحية بنقاده ناتجة عن سوء التوزيع وسيتم تفادي ذلك خاصة وأن الكميات متوافرة ولا يوجد أي عجز في الكميات فكل مركز له حصة من الألبان للمرحلة الأولي والمرحلة الثانية ويتم توزيعها كاملة دون نقص.