علي مدي أكثر من 75 ليلة عرض. ومازال العرض مستمراً حيث يقدم مسرح الشباب عرضه المتفرد "البيت النفادي" والتي تم كتابة نصها قبل ثورة 25 يناير بعامين وأيضا جاء التحضير لتنفيذها قبل الثورة بشهور. لكن شاء حظها أن يتم عرضها بعد قيام الثورة ونجاحها في إسقاط رأس النظام والفاسدين. "البيت النفادي" لا تشير أو ترمز لأحداث الثورة. لكن أحداثها تدور حول المجتمع والمواطن المصري وما يعانيه من خلال إلقاء الضوء علي منطقة "البيت النفادي" الحقيقي بحي الجمالية.. المكان حقيقي. لكن موضوع العرض كفكرة جاءت من خلال مخرجه كريم مغاوري حكاها ورواها للمؤلف محمد محروس في أول تجربة لهما معاً بمسرح الدولة وعالم الاحتراف في مجال المسرح. العرض ركز علي الجانب الأخلاقي الذي تدهور بتدهور النظام السابق الذي أفسد الحياة الاجتماعية والأخلاقية قبل السياسية. حيث نري صراعاً بين جميع شخصيات العرض التسع. ويتجسد حول استغلال الدين كستار للتجارة باسمه من خلال رجل أعمال فاسد "محمد مبروك" وهو "علي النفادي" وزوجته سيدة المجتمع "سامية فوزي" التي تستغل قوتها المادية للسيطرة علي ما لا تملك حتي لو كان الإنسان. وممارستها "للرذيلة" مع هنداوي "محمد درويش" خادم مقام النفادي والذي يحمل بداخله كرها لفتحي "أحمد مجدي" هو الشيخ العائد من معسكرات "جوانتانامو" محملا بكل كفره بالمعتقدات الخاطئة التي امتلأ بها داخل المعتقل واكتسبها وهو بين الجماعات الارهابية في رحلة بحث حول الحقيقة محاولاً الابتعاد عن أشواق "مريم البحراوي" شقيقة صديق عمره وحبيبته "أشرف" الذي يذكر كثيراً علي لسان أم أشرف بائعة الباذنجان التي ليس لها أملاً في الدنيا. إلي أن تري "أشواق" عروسه بدلاً من حالة العنوسة التي أصبحت بها بعد فراق فتحي الذي آلمها كثيراً ان تري ابنتها الطفلة صفاء ل"لقاء الصيرفي" شابة كبيرة. وتتزوج وتترك بيع المناديل في اشارات المرور ونري أيضاً "سيد" الطفل الصغير الذي يرمز ويعبر عن أطفال الشوارع ويؤدي دوره الطفل "فادي يسري" ونراه يعذب ويهان كثيراً من "هنداوي" ويساعده في بيع المخدرات. كل هذه النماذج نراها من وجهة نظر المحقق "أحمد عثمان" الذي يتولي التحقيق في جريمة القتل التي وقعت في "بيت النفادي" وجميع سكان الحارة السابق ذكرهم متهمون في القضية التي يعري العرض فيها عدداً كبيراً من شرائح المجتمع ليعكس بها الصورة التي وصلت إليها مجتمعاتنا الشرقية من انحلال أخلاقي وفكري واجتماعي.. وهي ليست نظرة كئيبة ولكنها نظرة واقعية. لما كنا عليه من أجل الوصول لمجتمع أفضل بعد الثورة. يضم فريق العمل المنشد "عبده زغلول" وفرقة الشرق للموسيقي الشرقية بقيادة "محمود باهر" والالحان المصاحبة للمشهد من إعداد اسلام عبدالسلام. كما لعبت ملابس هبة طنطاوي شكلا واقعيا ملائما للجو الواقعي داخل الحارة. أما الرؤية التشكيلية والديكور فكانا للفنان محمد هاشم حيث تشعر انك في حارة حقيقية عندما تطرق قدمك قاعة مسرح يوسف ادريس. الاضاءة بسيطة وتعبر عن الحالة النفسية والدرامية للشخصيات والحالة العامة للعرض. وهي من تصميم مخرج العرض الذي يهدف إلي تعرية قاع المجتمع ويرفض التجارة باسم الدين واستغلال الغير للمال لأغراض دنيئة وتفشي "الفحش" والرذيلة في مجتمعاتنا واستخدام الدين كستار لأعمال غير شرعية واستغلال السلطة السياسية من أجل قمع وتهديد الإنسان.. العرض سينتقل إلي مركزي الابداع بالإسكندرية ودمنهور ومرشح للاشتراك في الأسبوع الثقافي المصري بالمغرب وللعرض بمدينة طنجة.