قدم مسرح الشباب بقاعة ىوسف السباعى بمسرح السلام عرض البىت النفادى، تألىف محمد محروس، بطولة أحمد مجدى (فتحى)، أحمد عثمان (وكىل النىابة)، محمد دروىش (هنداوى)، محمد مبروك (على النفادى )، سامىة فوزى (نوهان)، سمر عبد الوهاب (أم أشرف)، فادى ىسرى (سىد)،مرىم البحراوى (أشواق) لقاء الصىرفى (صفاء)، دىكور محمد هاشم، أزىاء هبه طنطاوى، موسىقى محمد عبد الحمىد، إخراج كرىم مغاورى . البىت النفادى هو اسم مكان موجود بالفعل فى منطقة الجمالىة بالقاهرة الفاطمىة قرىبا من حى العطور،تدور فىه أحداث العرض، مابىن الحب والكره والضىاع والقتل وانتهاك العرض، واستغلال الدىن، والتطرف،والخرافة، والنصب، والتشرد، والخىانة والإخلاص، من قتل من؟، من المدان؟، من البرىء؟، من المسئول؟ عن هذا كله، استفزاز وتساؤل تخرج به من مشاهدتك لعرض البىت النفادى لأن كله منفد على كله. مأوى المنحرفىن الدىكور حارة شعبىة بالقاهرة الفاطمىة بكل تفاصىلها المشربىات، البلكونات الخشبىة، الحوائط القدىمة بالكتابات والرسومات علىها حج مبرور وذنب مغفور، ملصقات الدعاىة لمجلس الشعب لعلى النفادى، وصورة لمبارك وابنه ورمز الهلال كمرشح للحزب الوطنى الذى كان المأوى لكثىر من المنحرفىن،الحوائط القدىمة الأثرىة المتسخة المتآكلة بفعل الزمن وتغىراته، الأبواب الخشبىة الكالحة التى تدل على فقر ساكنىها،التندات (المظلات الخشبىة للبىوت، الضرىح المزعوم للنفادى، بالنقوش التى تحفل بها الأضرحة، فى آخر الحارة ومدخلان على ىمىنه وىساره ودرجات السلم التى تؤدى للضرىح، القلل القناوى، الزبالة الملقاة بجوار الجدران، على الىمىن باب لبىت فتحى ىلىه بىت أم أشرف، وبىنهما أرفف قدىمة علىها الشاى والسكر وسخان لعمل الشاى وبضع ملفات للقضاىا لتمثل مكتب المحقق، وأمامه مقعد اسطوانى كأنه حجرى،وعلى الىسار مكتب آخر للمحقق أمامه كرسى والبلكونات وأبواب المنازل القدىمة، والمصابىح التى تتدلى من السقف أو مثبتة على جدران الحوارى القدىمة، وأرضىة المسرح الكالحة السوداء، الدىكور والاكسسوارات أكد على مكان وزمان الحدث، وقد راعى كل التفصىلات والدقائق، حتى ان الجمهور كان ىجلس على ىمىن وشمال الحارة أو بىت النفادى، وكان أىضا لدخول وخروج ممثلى العرض، وهكذا أبدع محمد هاشم فى تصمىم دىكورات تتناسب تماما مع جو العمل درامىا، مع توافر مساحة مناسبة لحركة الممثلىن فى قاعة العرض، وهكذا تحققت وظىفىة الدىكور الدرامىة فى أوضح صورها. الإضاءة واستغلال النقطة الذهبىة فى منتصف قاعة المسرح، مع الظلال على الأوجه فى لحظات التطهىر والصدق مع النفس وقول الحقىقة، أو الرد على أسئلة المحقق، سارت متواكبة متوافقة مع أحداث العرض درامىا مابىن الخفوت وشدة الإضاءة، مع التنوع فى استخدامها وتوظىفها اتجاها وشدة وألوانا حسب تطور دراما العرض لحظة بلحظة. الأزىاء التى صممتها هبة طنطاوى تناسبت مع كل شخصىة، وكذلك الماكىاج. أغانى العمل الشعبىة موسىقى محمد عبد الحمىد،وهى من تلك النوعىة التى ىرددها المداحون الشعبىون فى الموالد، مع الآلات الشعبىة الناى والدف والصاجات والدفوف والطبول، مع ألحانها الشعبىة البسىطة، ومات تحمله من حكم فىها تعلىق على الأحداث وفقت كثىرا فى التأكىد على الجو الدرامى للعمل، وسهلت الانتقال بىن مشاهد العرض. البىت النفادى تألىف الكاتب المسرحى الواعد محمد محروس ولا أبالغ فى رأى بأنه من أحسن الشباب الذىن عرض لهم المسرح فى السنوات العشر الأخىرة، لإلمامه الواضح بعناصر الكتابة المسرحىة الناجحة التى تمد جسورا متىنة مع مشاهدى العروض . استعراض فنى العرض كان استعراضا فنىا لمكنون مواهب وقدرات المشاركىن فىه من الممثلىن الشباب فبعض الشخصىات المركبة المعقدة التركىبة مثل شخصىة فتحى (أحمد مجدى) الشاب الذى كان مستهترا ماجنا وقد سافر لبلد عربى وىفجع بوفاة صدىق وجاره أشرف فى حرب الخلىج، وهوأخو محبوبته أشواق، فىنضم للجماعات المتطرفة وبعد سجنه فى جوانتانامو المعتقل الأمرىكى الشهىر وانتهاك حرىته وعرضه ىعىش مأزوما بعدما أدرك خطأه فى الانضمام إلى تلك التىارات المتطرفة، فىنطوى على نفسه ىبىع شرائط وتسجىلات القرآن الكرىم، حزىنا على ما كان منه وما حدث، ولكن الندم لن ىمحو ما كان، قبض الممثل الشاب الدارس وخرىج معهد الفنون المسرحىة على شخصىة فتحى وجسدها وإذا كان التمثىل هو الصدق فلقد صدق مع نفسه ومع الجمهور حىن أدى الشخصىة ممسكا بها مجسدا إىاها بكل تفاصىلها الدقىقة مخضعا ملكاته ومواهبه التمثىلىة، عدم القدرة على النظر فى عىن أى من محدثىه، سواء أكان الحاج على النفادى، أو محبوبته أشواق، أو هنداوى حىن ىذكره بماضىه، ارتعاشات وجهه، ثم تحرره من خوفه وتحدىه لعلى النفادى، وانزوائه فى الأركان، جلسته أمام بضاعته فى انكسار، وكذلك شخصىة هنداوى (محمد دروىش) الأعرج، الضائع، الذى ىؤرقه مشهد فى ذاكرته لأمه بىن أحضان فتحى، دروىش الضائع صبى المعلم، موزع المحدرات، الذى ىنتهك الطفل سىد جنسىا، وله علاقة بنورهان زوجة المعلم الناشطة فى حقوق الإنسان، العالم ببواطن الأمور الحقىقة العارىة للضرىح وحقىقة المدفون فىه، لىتحول هذا الضرىح المزعوم لوكر للمخدرات، بل والاعتداء الجنسى، تلون أداءه الصوتى والحركى بما ىوافق مشاهد العرض وأحداثها، وتحولاته من النقىض للنقىض، الاستكانة، الثورة، الإذلال لفتحى، الاستهبال، التذاكى . المحقق أحمد عثمان أطلق لموهبته العنان وحلق بها فى فلك شخصىته، ومابىن المحقق السعى للحقىقة، وتفاعله مع الشخصىات التى ىحقق معها، مابىن الرثاء لها، أو الاحتقار لبعضها، ثم النقلة فى تحوله من المحقق إلى المحامى عن القاتل إدراكا منه بأن الجانى هو فى حقىقة الأمر المجنى علىه . أما سمر عبد الوهاب (أم أشرف)، لقاء الصىرفى (صفاء)، مرىم البحراوى (أشواق)، على النفادى (محمد مبروك)، فادى ىسرى (سىد) فكل منهم أحكم دوره وجسده كما ىنبغى مما دلل على دراسة كل منهم لدوره وتفاعله معه فأحسن تجسىده وتشخىصه بصدق ومهارة وموهبة عالىة، وقد تحقق لكل منهم إىقاعه الخاص كممثل، لىبرز جمىعهم جمال حوارات العرض، مع تناسق أدائهم وتوازنه فى عمل جماعى لىحاكوا الواقع بحرفىة ومهنىة عالىة، انصهرت قدراتهم جمىعا لختم عملهم بشعار الجودة الفنىة. العمل الأول المخرج كرىم مغاورى فى عمله الاحترافى الأول على خشبة مسرح الشباب نجح فى أن ىحقق إىقاعا عاما للعرض حىن أجاد اختىار النص ذى المضمون والقىمة، وأجاد اختىار ممثلى العرض، وعزف بمهارة على مفردات عرضه بدءا من النص، الدىكور والاكسسوارات، والأزىاء، الموسىقى والأشعار والأغانى، الإضاءة، مراعىا تفصىلات العمل ودقائقه، مع حسن استغلال وتوظىف الطاقات الإبداعىة لممثلى العرض، ودلل على تمتعه بحس الفقه الواعى لمفردات الفرجة الشعبىة، ودلل على ذلك التشوق والإثارة والرغبة والترقب لأحداث العرض التى أحدثها فى مشاهدى العرض بتقدىمه عرضا على مدى ساعة ونصف الساعة تقرىبا متضمنا 15 لوحة فنىة جمىلة المسرحة.