تطورت علاقة الجمهور المصري بصناعة الدراما تطوراً إيجابياً. لم يعد الجمهور مجرد متفرجين يصفقون لبطل المسلسل وبطلته وتشغلهم الحدوتة لفترة ثم ينصرفون عنها. صار لدي هذا الجمهور رأي ورؤية فيما يعرض عليه. صار ناقداً ومحللاً. وقد تابعنا الكثير من الآراء المنشورة عن المسلسلات التي عرضت علي شاشات القنوات المختلفة خلال رمضان الماضي والانتقادات اللاذعة لها. وهو مؤشر إيجابي علي طريق النضج والوعي الشعبي. ساعد علي هذا التطور وجود مؤسسات وهيئات كثيرة تنظر إلي الإنتاج الدرامي من عدة زوايا. وفي هذا العام أصبح لدينا مجلس أعلي للإعلام وسمعنا وقرأنا تهديدات رئيس المجلس الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد للفضائيات التي تبث ألفاظاً بذيئة والغرامات التي هدد بتوقيعها. وقد أصدر المجلس تقريراً عن المسلسلات التي عرضت في رمضان الماضي جاء فيه أنه تم رصد الكثير من التجاوزات الشديدة التي ظهرت في 32 مسلسلاً تمثلت في بعض المشاهد المختلفة عن تقاليد المجتمع ومعاييره الاجتماعية والأخلاقية. بينما التزمت 7 مسلسلات بالإبداع والرقي. أشار التقرير إلي نماذج من التجاوزات تمثلت في استخدام الألفاظ البذيئة والسباب والشتائم فضلاً عن تدني الحوار إلي المستوي السوقي بما يؤثر علي ثقافة المجتمع. كما أن بعض الأفكار لا تتناسب مع أهداف المجتمع وطموحاته في التنمية فضلاً عن تشويه بعض فئات المجتمع مثل رجال الشرطة والصيادلة. أما تقرير جمعية المستمعين والقراء وحماية المشاهدين الذي أعدته لجنة من الأكاديميين والخبراء المتطوعين برئاسة الدكتور حسن علي محمد الأستاذ بكلية الإعلام جامعة السويس ورئيس مجلس إدارة الجمعية فأكد أنه تم إنفاق قرابة المليار ونصف المليار جنيه مصري علي المسلسلات في شهر واحد. وأن دراما هذا العام كانت مليئة بالبذاءة ومشاهد العري والتدخين والمخدرات. وبعضها اعتمد علي ترويج الخرافات مثل عفاريت عدلي علام في وقت نحن بحاجة فيه إلي إعلاء قيم العقل ومحاربة الخزعبلات. وناشد التقرير الفنان عادل إمام أن يتعاقد احتراماً لتاريخه بدلاً من تقديم أعمال متواضعة القيمة. كشف المرصد الإعلامي للجمعية عن 2300 مشهد تدخين و432 مشهد تعاطي كحوليات ومخدرات تم عرضها في مسلسلات رمضان بينما غابت الدراما الدينية والتاريخية والغناء الديني واتسمت البرامج الدينية في إذاعة القرآن الكريم بالضعف والنمطية. أضف إلي ذلك المجلس القومي للمرأة الذي يراقب الصورة العامة للمرأة المصرية في الأعمال الدرامية. وفي العام الماضي قدم المجلس تقريراً مهماً عن الصورة السلبية للمرأة في مسلسلات رمضان أعده فريق عمل تحت قيادة أستاذة الإعلام الدكتورة سوزان القليني رئيس اللجنة الإعلامية بالمجلس. وهذه اللجنة بصدد إعداد تقرير مماثل هذا العام. وإلي جانب هذه المراصد الثلاثة ظهرت مراصد إعلامية متخصصة لمواجهة الخروقات المهنية والقيمية في الدراما ومنها مرصد صندوق مكافحة الإدمان ومرصد جهاز حماية المستهلك ومرصد ماسبيرو. وكلها تعمل في اتجاه فضح الممارسات الخاطئة ودعم الأعمال الفنية المحترمة مهنياً وأخلاقياً لضبط الإنفلات الإعلامي وتطوير الوعي الشعبي إزاء المضمون الذي يقدمه الإعلام بكل أدواته ووسائله حتي لا يكون الجمهور سلبياً وقابلاً للتوجيه والتضليل.