مليونية كل اسبوع. واضراب كل يوم..ماذا جري للشعب المصري؟.. هل هذه أخلاق ما بعد الثورة؟ كلا بالطبع. فالشعب الذي شارك في ثورة 25 يناير حتي أسقط نظام حكم لا يمكن أن يكون نفس الشعب الذي تتصرف فئاته علي هذا النحو الاناني. بل المفرط في الانانية. بعد أن نال مراده باسقاط النظام السابق بكل سوءاته. سوءاته التي أوصلتنا الي هذا الحال. أنا هنا لا أتحدث عن فئة المعلمين أو حتي الاطباء أو باقي موظفي الدولة. الذين قد لا تكون لهم طلبات مشروعة. مادية في الاغلب الاعم. واختاروا أن يمسكوا الدولة من يدها الموجوعة في تلك الفترة الحساسة لنيل مطالبهم. بل أتحدث عن الفئات الخارجة علي القانون التي اختارت أيضا الظرف الخطير لمصر لتسرق وتنهب وتبتز وتقتل وتملأ الفراغ الامني قتلا وسلبا وترويعا للامنين. لا يصح بالطبع وضع الجميع في سلة واحدة. لكن الرأي العام الذي يضع قلبه علي يده أو يضع قلبه علي كفه في هذه الظروف العصيبة لا يفهم ولا يتفهم أن ابناءه يذهبون الي المدرسة فيجدون رقابهم رهينة في أيدي المدرسين حتي تطبيق حافز الاثابة. الان وفورا. ولايتفهم عموم المصريين أيضا أن المرضي يجب أن ينتظروا وجعا أو موتا لتلبية مطالب الاطباء بأثر رجعي في زيادة مرتباتهم وتأمين المستشفيات والتدريب ورفع ميزانية وزارة وكل هذه الشروط المطلوب تلبيتها بلا تأخير. لا المدرسون ولا الاطباء ولا غيرهم من الفئات يتعاطف معهم أحد. ببساطة لأنهم يتعاملون مع الحكومة وكأنها قوة احتلال. ولأنهم حين يمارسون قسوتهم يمارسونها ضد ابناء جلدتهم لا ضد اي طرف آخر. تظاهروا واعتصموا واضربوا عن العمل كيفما تشاءون يا سادة.. لكن بمسئولية وبطريقة كريمة ومتحضرة لا تضر وليست علي حساب الآخرين. لماذا مثلا لم يبدأ المعلمون اضرابهم قبل بدء السنة الدراسية؟ أو حتي فلي أيام الجمع والسبت من كل أسبوع ثم يعودون الي فصولهم في الايام التالية؟ لماذا لا يعلن الاطباء الاضراب عن العمل مثلما يفعل اطباء فرنسا الذين يضعون الملصقات علي صدورهم داخل المستشفيات بينما هم مستمرون في اسعاف المرضي واجراء العمليات الجراحية؟ نحن بحاجة الي ثقافة الاضراب مثلما نحن بحاجة الي التعلم من تاريخ الثورات حتي لا تنقلب حياتنا بعد الثورة الي جحيم لن يفلت منه احد ولن تكون اي فئة بمنأي عن لهيب نيرانه.