من منا لا يتذكر فيروز وهي تغني للإسكندرية أو عبدالحليم حافظ وهو يصور أشهر أفلامه علي شاطئ الثغر مرددا أغاني لازلنا نذكرها منذ أكثر من ثلاثين عاما.. الإسكندرية عروس البحر المتوسط إحدي أشهر المحافظات السياحية في مصر أصبحت الآن خارج الخريطة السياحية تعاني من سنوات عجاف أهملت فيها السياحة والآثار لتعيش علي أطلال الماضي تترحم علي ذكريات لم تعد تستطيع إعادتها من جديد. في البداية يقول النائب حسني حافظ عضو لجنة السياحة بمجلس النواب ونائب دائرة باب شرقي وسيدي جابر مفجرا العديد من المفاجآت مما لا شك فيه أن الإسكندرية في حاجة إلي تضافر جميع الجهود التنفيذية والشعبية لإنقاذها بعد أن أصبحت خارج الخريطة السياحية وضرب الإهمال أهم معالمها وهو ما أفقدها بالطبع الوفود السياحية وما يترتب عليه من حركة تنشيط اقتصادي للمحافظة فالمتحف القومي للإسكندرية لم يحقق إلا 30 ألف جنيه شهريا ولم يحضر له سوي 300 سائح ويفتقد إلي الدعاية السياحية للجذب وضعف وسائل التسويق وهو ما أدي إلي عدم إدراجه بالخريطة السياحية. أما آثار كوم الشقافة فالمياه الجوفية ومياه الصرف الصحي قد ارتشحت بها في ظل إهمال الوزارة المعنية بمعالجة الموقف أولا بأول والأجزاء السفلية من مقبرة الكاتوكمب قد تعرضت للغمر بمياه الصرف الصحي بالكامل بارتفاع متر ولم يحقق الأثر سوي 15 ألف جنيه كإيراد في شهر مارس من هذا العام فيما تعاني الآثار من زحف الباعة الجائلين والبناء العمراني العشوائي بالمنطقة ومربي الأغنام وانتشار الحشائش مما يعطي انطباعا سيئا عنها لأي زائر وتحتاج إلي عناية فائقة وسريعة أما المتحف القومي البحري فلم يجدد منذ عام 1986 وعاجز عن تدبير الموارد المالية اللازمة لإنهاء الأعمال والإنشاءات الخاصة به ويضيف حسني حافظ.. لقد رصدت لجنة السياحة لمجلس النواب أيضا انعدام وجود كاميرات بالمناطق السياحية والأثرية بالإسكندرية كما أن العملية الأمنية علي كافة المنشآت غير كافية مع انعدام المرور تماما بمنطقة مقابر كوم الشقافة والمناطق الأثرية التي تقع في وسط المدينة وهو ما يجعل السائح يعاني الأمرين للوصول إلي أي منطقة أثرية وهو ما يجعلنا نتساءل أين تذهب الأموال المخصصة لتطوير المنشآت السياحية وحمايتها. يضيف المهندس ياسر سيف - رئيس لجنة الثقافة السابق بالمجلس المحلي للمحافظة - لقد فقدت الإسكندرية أهم معالم الجذب التي كانت توضع من أجلها علي الخريطة السياحية وأصبحت الإسكندرية منفرة لأي سائح عربي أو أجنبي فدورات المياه بالمناطق السياحية لا تصلح للاستخدام الآدمي كما أن الباعة الجائلين يسيطرون علي مداخل أي أثر أو مكان سياحي ويضيف.. قد لا يعلم البعض أن المتحف اليوناني الروماني مغلق منذ عام 2005 بعد ارتفاع ارتشاح المياه الجوفية بالمبني وهناك عجز في تدبير الموارد المالية لتنفيذ مشروع التوسعة والترميم الخاصة به والتي كانت تتكلف 120 مليون جنيه وفقا لميزانية 2007 وبالطبع تضاعف المبلغ الآن مع عدم القدرة علي استيعاب المتحف لأي مكتشفات من الحفائر فقاعاته مكدسة وحالة المخازن رديئة مضيفا أنه في أعقاب الثورة طالب بعض النشطاء ضم أرض محافظة الإسكندرية التي انهارت إلي المتحف ومع عدم وجود الإمكانيات أصبحت الأرض الآن موقف للسيارات في أشهر شوارع الإسكندرية فلم تستفد منها المحافظة ولم تستفد منها الآثار موضحا أن متحف الموزايك الخاص بالفسيفساء بمنطقة الشاطبي كان مقدرا له ميزانية ب 60 مليون جنيه ولكون المبلغ غير متوفر فقد توقف العمل بالمشروع منذ عام 2010 وهو ما يعد إهدارا لمتحف كان سيحيي المنطقة بأكملها. وأضاف أين هي الآثار الغارقة التي كانت محط إقبال للسائحين من جميع أنحاء العالم لقد أدي الصرف الصحي بمنطقة أبوقير إلي صعوبة الغطس لمشاهدتها ولم يختلف الحال بالنسبة لآثار الميناء الشرقية وظللنا نسمع سنوات عن متحف مفتوح تحت المياه لمشاهدة أندر الآثار الغارقة وللأسف تحول الأمر إلي أسطورة من الأساطير. أما د. هشام سعودي - عميد كلية الفنون الجميلة الأسبق ومستشار المحافظة لشئون العشوائيات - فيقول لم يعد بالإسكندرية في الأساس شواطئ محط جذب لسائح عربي أو أجنبي فالشواطئ تم منحها للصعايدة كمستأجرين يسيطرون عليها فلم يدخلوا عليها أي تطوير سياحي كما أن الممشي المخصص للتنزه مثل جميع أنحاء العالم تم منحه للكافتيريات التي استحوذت عليه وأغلقت السبل أمام المواطن أو السائح للتنزه كما أن الارتفاع الشاهق لبعض أندية الكورنيش يحجب الرؤية وسيطر الباعة الجائلين وأبناء المناطق الشعبية علي الجزء المتبقي من الكورنيش بمنطقة بحري أما الطامة الكبري فهي تحول بعض الشواطئ إلي جراج كما حدث بمنطقة الشاطبي وقال حتي حدائق الإسكندرية ذات الشهرة بأشجارها النادرة وما تضمه من مناطق أثرية. ويقول محمد توفيق - منسق عام مكافحة الفساد بالإسكندرية والعضو المؤسس للحملة الشعبية الإسكندرية - تراقب لقد ضرب الإهمال ميادين الإسكندرية التي تعد أبرز الأماكن السياحية موضحا أن الإهمال ضرب حتي المشروعات السياحية في تطوير الميادين لإضفاء البهجة علي الثغر فنفاجأ مثلا أن الميدان الذي به نافورة كانت تعمل أصبح بمثابة بركة لمخلفات الطعام والمخلفات الآدمية دون حسيب أو رقيب واحتل سائقو الحنطور ساحة محطة الرمل مغلقين الطريق علي السيارات والمارة مما تسبب في حالة من التوقف المروري بخلاف ما ينتج عنهم من مخلفات وروائح كريهة. أضاف.. حتي مستوي المهرجانات الفنية أصبح ضعيفا من حيث التنظيم والتمويل وأصبحت الإسكندرية تعتمد علي سياحة المحافظات وهي لا تدر دخلا علي الثغر ولا تعيد المحافظة للخريطة السياحية لكونها تعتمد علي العشوائيات وتسيء أكثر مما تعطي لا يوجد أثر واحد بالإسكندرية لم تضربه يد الإهمال كما أن الفيلات الأثرية هدمت واحدة تلو الأخري من أجل البناء المخالف فافتقدت الإسكندرية أهم معالم الجذب السياحي لها أما الدكتور إسلام عاصم نقيب المرشدين السياحيين فيفتح النار علي حالة الإهمال التراثي والسياحي والأثري الذي تشهده الإسكندرية فقال إن منطقة قلعة قايتباي هي موقعا سياحيا بالدرجة الأولي ولكن يد الأهمال ضربت السياحة في مقتل حيث احتل الباعة الجائلين الساحة المؤدية للقلعة لعرض منتجات خان الخليلي التي هي في الأصل صينية الصنع وأصبح البلطجية يتحرشون بالأفواج السياحية حتي أن مرشد سياحي زميل قد تعرض هو وأسرته للتحرش من قبل البلطجية المتواجدين بالمنطقة وتم التعدي عليه لإجباره علي استقلال مركب عنوة والمفروض أن حي الجمرك هو المسئول عن الإشغالات الموجودة بهذه المنطقة ولكنه للأسف يتقاعس فانتشرت الخيول وقام البلطجية بإحضار طاولات ومقاعد واستولوا عنوة علي الممشي المجاور للقلعة حتي أصبحنا نخاف أن نأتي بأفواج سياحية في فترة الظهيرة ونصطحبهم في الصباح الباكر فلا سياحة ولا آثار تهتم بالمنطقة موضحا أن الكارثة في المراكب الصغيرة التي انتشرت بجوار القلعة لكون المنطقة بها آثار غارقة ومن السهل انتشالها وسرقتها وبيعها موضحا أن كل سلبية في أي منطقة سياحية بالإسكندرية أو مصر تؤثر علي عودة السياحة بخلاف القمامة المنتشرة التي ينتج عنها روائح كريهة وأطالب المحافظ الجديد بالنزول بنفسه لتفقد المنطقة خاصة ونحن علي مشارف الموسم الصيفي.