ساعات قليلة ويهل علينا شهر القرآن والرحمة والمغفرة والعتق من النار الذي يعد مدرسة يتخرج فيها المسلم وقد تربي علي قوة الإرادة والعزيمة والصبر والسيطرة علي الشهوات .. فرمضان موسم حصاد الحسنات ومحو السيئات ونيل رضا الله سبحانه وتعالي وتهذيب الأخلاق علي كل ما يؤدي للحصول علي أجر الصيام. حول كيفية استقبال الشهر الكريم وفضائله والدروس المستفادة منه أوضح العلماء ما يجب علي المسلمين القيام به حتي ينالوا رضا الله ويكون صومهم مقبولا. يري د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر أن الشهر الكريم فرصة لتحصيل الحسنات لذلك يجب علي المسلم أن يغتنم هذه الفرصة ويستقبل الشهر الكريم بما يعينه علي الانتفاع بفضله فيعلن التوبة الصادقة النصوح النابعة من القلب ويبتغي بها وجه الله تعالي لكي يتخلص من الذنوب التي أبتلي بها طوال العام ويحملها علي كاهله وتثقل عليه دربه .. فمن أفضل النعم التي أنعم الله بها علينا التوبة والإنابة إليه جل شأنه والتي يجب أن يحرص عليها المسلم حتي ينال عطاءات الخالق من رحمة ومغفرة وعتق من النار وشفاعة للقرآن والصيام ومضاعفة الحسنات ومحو السيئات. أضاف أن التوبة كانت نهج السلف الصالح يتبعونه مع قدوم شهر المغفرة والرحمة فيجددون النية مع الله تعالي ويبدأون عهدا جديدا قائما علي الصدق والتقوي واتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم في الاستغفار حيث كان يستغفر الله ويتوب إليه كل يوم مائة مرة ويقول "توبوا إلي الله واستغفروه". دعا د. طه المسلمين إلي التوجه إلي الله تعالي وإعلان التوبة ومعاهدته جل شأنه علي فعل الخيرات والبعد عن كل ما يغضبه حتي ينالوا ثواب الشهر الفضيل ورحمته ومغفرته. فقه الصيام يقول د. عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر إنه يجب علي المسلمين وهم مقبلون علي الشهر الكريم أن يتعلموا فقه الصيام ومعرفة كل ما يؤدي إلي تقبل الفريضة والابتعاد عن نواقضه ومبطلاته ومكروهاته قال صلي الله عليه وسلم "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر" .. فالعبرة ليست بالامتناع عن الطعام والشراب ولكن في تقوي القلوب التي بدورها تنعكس علي التصرفات فيصل المسلم رحمه ويترك الشحناء والغضب ويكثر من الاستغفار والذكر والدعاء وقراءة القرآن وقيام الليل ويضاعف الصدقات ويعطف علي الفقراء والمساكين ويمسك أعضاءه وجوارحه عن كل ما يغضب الله سبحانه من المحرمات ويحفظ لسانه من الغيبة والنميمة وقول الزور وإطعام الصائمين ولو بشطر تمرة أو قليل من لبن أو بكوب ماء فمن أطعم صائما فله مثل أجره ولا ينقص من أجر الصائم شيء .. والابتعاد عن كل ما من شأنه ضياع ثواب الصيام. أكد أن رمضان موسم النفحات وعلي الإنسان أن يستفيد من نفحات الله في هذا الشهر الكريم قال صلي الله عليه وسلم "إن لربكم في أيام دهركم نفحات. فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا" .. لذلك علي المسلم أن يخرج من هذا الشهر وهو مغفور له وليعلم أن رمضان شهر العمل والعبادة وليس النوم والكسل وليعود نفسه علي الالتزام بمكارم الأخلاق وتطبيقها علي حياته خاصة ما يتعلق بالتسامح ونبذ الحقد والفتن واستحضار العزيمة لزيادة الإنتاج ومحاسبة النفس أولا بأول علي ما قامت به من تجاوزات في حق نفسها وحق الله سبحانه وتعالي حتي يتحقق له المقصد الأعظم من الصيام. انتهاز الفرصة أكد د. حمدي سلام إمام وخطيب الجامع الكبير بالبدرشين أن شهر رمضان يحتاج منا مزيدا من الهمة وعظيم العمل. ولابد للإنسان العاقل أن ينتهز الفرصة وألا يضيعها .. ومن أجل هذا يجب الاستعداد لهذا الشهر الفضيل بعدة أمور منها التوبة الصادقة مع الله وبداية صفحة جديدة مع النفس » فشهر شعبان هو الشهر الذي تختم فيه الأعمال ويرفع بها تقرير إلي الله. وشهر رمضان بداية جديدة لسجلات أعمال الإنسان ومن ثم وجب علينا أن نستقبله بتوبة صادقة وصفحة بيضاء ناصعة .. بالإضافة إلي الدعاء ببلوغ رمضان. وكان هذا من هدي رسول الله صلي الله عليه سلم. حيث كان يدع الله ويقول "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". وليست العبرة ببلوغ رمضان فحسب بل باغتنامه. فكم من أناس بلغهم الله رمضان دون أن يعملوا فيه عملا صالحا .. كما عليهم شكر الله وحمده أن بلغنا رمضان » فكم من أناس ودعوا الدنيا ويتمنون الرجوع إليها ليعملوا عملا صالحا. فمن بلغه الله رمضان فليشكر الله. فهي نعمة لا تدانيها نعمة. أضاف أنه يجب التخطيط لاغتنام واستثمار أيام شهر رمضان علي الوجه الأمثل فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له".