اللغةُ وعاء جامع للثقافة والهوية .. تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال..وقد شرف الله سبحانه لغتنا العربية فجعلها لسان قرآنه الخالد .. لكنها ،لأسباب عديدة، تراجعت ، تاركة مكانها لغيرها، حتى بات ‘إعلامنا وتعليمنا وأحاديثنا اليومية تغص بأخطاء فاجعة .. وتحاول السطور الآتية تصويب الأخطاء الشائعة ،وتبسيطً القاعدة النحوية، وتبيان الدلالات العبقرية للغة الكتاب العظيم. دلالات قرآنية سقى وأسقى قال الله تعالى:"وسقاهم ربُّهم شراباً طَهوراً"(الإنسان:21) ..وقال تعالى: "و أسقيناكم ماء فراتاً"(المرسلات:27)..وقال تعالى : "لأسقيناهم ماءً غدَقاً"(الجن:16)..فهل هناك فرق بين "سقى" بغير همزة و "أسقى" بهمزة؟ والجواب: سقى بغير همزة جاءت لما ليس فيه مشقة ولا كُلفة في السُقيا..أما السُقيا في الآخرة فلا يقع فيها كلفة، بل جميع ما يقع فيها سهلاً يسيراً بخلاف "أسقى" بالهمزة فإنه لابد فيه من الكلفة بالنسبة للمخاطبين كقوله تعالى :"وأسقيناكم ماءً فراتاً"و"لأسقيناهم ماء غدَقاً" وهذا إسقاء في الدنيا وفيه كلفة ومشقة. عيون وأعين وردت «العين» في عشر آيات مجموعة على «عيون»، وكلها تعني «عيون الماء» في الكلام على الجنة ونعيمها، منها "إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ" (الذاريات:15). وقد وردت في اثنتين وعشرين آية مجموعة على «أعين» للدلالة على «الأَعيُنِ المبصرة ؛وهي أصل المعنى في هذه الكلمة ، ومنها توزّعت مجازاً واتساعاً، ومن هذه الآيات :"وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا" (الأعراف: 179). هذا التوزيع في اختيار أبنية الجمع لاختلاف الدلالة شيء من خصائص هذه اللغة الكريمة مما لا نعرفه في النصوص الأخرى. لطائف لغوية يُروى أن أبا الطيب المتنبي دخل على الوزير ابن الفرات، وعنده فضلاء فيهم أبوعلى الآمدي اللُغوي، فاحتفى الوزير بالمتنبي،وقال له :يا أبا الطيب :هذا أبوعلي الآمدي..فقال المتنبي :لا أعرفه !! فأزعج ذلك أبا الأعلى.. ثُم أنشدَ المتنبي من شعره قوله : إنما التهنئات للأكفاء ..... ولمن يدني من البعداء. فقال الآمدي : كيف جمعت التهنئة وهي مصدر، والمصادر لا تُجمع ؟ فقال أبو الطيب لمن بجانبه : أمسلمٌ هذا ؟ فقيل : سبحان الله هذا أبو علي الأستاذ تقول فيه مثل هذا! قال المتنبي : أليس يصلي؟ فيقول التحيات لله؟!وهي مثل التهنئات! فخجل أبو علي ومن في المجلس. فصاحة أعرابي قال الأصمعي: "سألت أعرابيًّا من بني عامر بن صَعْصَعْة عن مطر صَابَ بلادهم فقال: "نشأ عارضًا، فطلع ناهضًا، ثم ابتسم وامضًا، فًأعَسَّ في الأقطار فأَسْجَاها، وامتدَّ في الآفاق فغطَّاها، ثم ارتجز فَهَمْهَمَ، ثم دَوَى فأظلم، فأَرَكَّ وَدَثَّ، وبَغَشَ وطَشَّ ثم قَطْقَطَ فأفرط، ثم دَيَّم فأغْمَطَ، ثم رَكَد فأنجم، ثم وَبَل فَسَجَم، وجاد فأنعم، فَقَمَسَ الرُّبا وأفرط الزُّبَى، سبعًا تباعًا، ما يريد انقشاعًا، حتى إذا ارتوت الحُزُون وتَضَحْضَحَت المتون، ساقه ربُّك إلى حيث شاء، كما جلبه من حيث شاء". أخطاء شائعة يقولون :ما آليت جهداً. والصواب:ما آلوت جهداً؛لأن معنى الفعل (آلوت) قصَّرتُ .أما (ما آلَيْتُ) فمعناها (ما حَلَفْتُ). يقولون: آلمَتْهُ رأسُه. والصواب: آلَمَهُ رأسُه؛لأن كلمة الرأس تلزم حالة التذكير. يقولون: ملأ الكأس الفارغة . والصواب : ملأ القدح الفارغ أو الزجاجة الفارغة لأن " الكأس لا تسمى كأساً إلا وفيها الشراب " . يقولون : بلغت تكاليف الطعام والخادم مبلغ كذا ، والصواب : بلغ ثمن الطعام وأجر الخادم . أما التكاليف فهي جمع تكليف أو تكلفة بمعنى المشقة والعسر . فائدة نحوية الاسم المنقوص هو اسمٌ ينتهي بياءٍ زائدةٍ مكسورٌ ما قبلها : قاضي معتدي. تثنيتُه : يُثنّى الاسمُ المنقوصُ بزيادةِ ألفٍ ونونٍ أو ياءٍ ونونٍ إلى آخرِ الاسمِ المُفردِ دونَ تغييرٍ يطرأُ عليه ، قاضي قاضيان قاضيَين. جمعُه : عندَ جمعِ الاسمِ المنقوصِ جمعَ مذكّرٍ سالماً تُحذفُ ياؤُهُ وتُضافُ علامةُ الجمعِ، وُيضمُّ ما قبلَ الواوِ :مُعتدي مُعتدُون ، ويُكسرُ ما قبلَ الياءِ :مُعتدِين. إعرابُه : في حالةِ الرَّفعِ : تُقدَّرُ الضّمّةُ على آخرِهِ سواء كانَتْ ياؤُه ظاهرةً أو محذوفةً للتّنوين :جاءَ القاضي ، القاضي : فاعلٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضّمّةُ المقدّرةُ على الياءِ للثّقلِ. هذا قاضٍ عادلٌ ، قاضٍ : خبرٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضّمّةُ المقدّرةُ على الياءِ للثّقلِ ، وحُذفَت الياءُ للتّنوينِ. في حالةِ النّصبِ : تظهرُ الفتحةُ على آخرِهِ :رأيّتُ القاضيَ يحكمُ بينَ النّاسِ ، القاضيَ : مفعولٌ بِهِ منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظّاهرةُ على آخرِهِ. رأيْتُ قاضياً ، قاضياً : مفعولٌ به منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظّاهرةُ على آخرِهِ.