تمثل قضية نقص المياه. أو الفقر المائي. الشغل الشاغل لمعظم دول العالم. خصوصاً في المناطق الصحراوية أو شبه الصحراوية. أو في الحزام الصحراوي الذي يحيط بالكرة الأرضية. بدءاً من الصحراء الكبري في أفريقيا. مروراً بوسط آسيا ووصولاً إلي الأمريكتين. ولا شك في أن الدول العربية. بأكملها تقريباً. تقع في حدود هذا الحزام. وجميع الأنهار التي تجري في العالم العربي تأتي كلها من خارج الأراضي العربية. لو نظرنا إلي دول المغرب العربي نجدها عبارة عن أراض صحراوية جافة ولا تشهد سوي القليل من الأمطار. وما بها من أنهار يكاد لا يذكر. وهي أنهار غير دائمة الجريان. وهنا في مصر والسودان نجد معظم مياه نهر النيل تأتي من الهضبة الأثيوبية. والنسبة الأقل تصلنا من أمطار المناطق الاستوائية التي تهطل علي أوغندا ورواندا وغيرهما من الدول الأفريقية الشقيقة. وفي الشرق نجد نهري دجلة والفرات. اللذين تعتمد عليهما سوريا والعراق. ينبعان من تركيا!! أما دول الخليج. فلا توجد بها أنهار وهي تعتمد في الشرب أساساً علي محطات تحلية مياه البحر أو تحلية مياه الآبار الجوفية في بعض المناطق. معني ذلك أن مياه الأنهار القادمة من خارج المنطقة العربية عرضة للتهديد نتيجة سعي هذه الدول. مثل تركيا واثيوبيا لإقامة سدود بهدف الاحتفاظ لنفسها بكمية من المياه التي قد تحتاج إليها في أوقات شح الأمطار. أو لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة التي لا يرتوي ظمأ أي دولة لها في عصرنا. خصوصاً في ظل ما يشهده العالم من تلوث وتغيرات مناخية ناتجة عن استخدام مصادر الطاقة التقليدية. والمعني أيضاً أن المياه هي الحياة. فلا زرع ولا ضرع ولا بشر بلا مياه ولا صناعة ولا تنمية بلا مياه. من هنا يأتي اهتمام مصر وقلقها حيال السد الأثيوبي. ومن هنا تجري المباحثات والمشاورات مع أديس أبابا وتعقد جلسات التفاوض للاتفاق علي قواعد ملء خزان السد. وهل سيكون ذلك عبر تحديد مدة معينة لملئه. أو عبر تخزين الزائد من مياه الأمطار. بعد ضمان توفير حصة مصر والسودان وفقاً لاتفاقات والمعاهدات المبرمة بين دول حوض النيل؟ وفي ظل الزيادة السكانية الرهيبة تتزايد حاجة البلاد للمياه المستخدمة في الشرب والزراعة والصناعة وغيرها من الأنشطة التي لا غني عنها لأي مجتمع بشري! معني ذلك أيضاً أن حاجتنا إلي المياه ستتزايد مع تزايد عدد السكان وأن نصيب الفرد من المياه. سوف يتناقص أكثر وأكثر. حتي لو احتفظنا بحصتنا من مياه نهر النيل. بالتالي. لابد من البحث عن موارد أخري للمياه.. فمن أين لنا بها؟ هناك خزانات المياه الجوفية. ورغم ضخامتها. فهي قابلة للنضوب. مهما طالت مدة استخدامها. وسيأتي وقت لا يمكن فيه الاستفادة منها! هناك أيضاً جهود وزارة البحث العلمي. ممثلة في أكاديمية البحث العلمي ومؤسسات الدولة والجامعات ومراكز البحوث. للبحث عن حلول لأزمة المياه. حسبما نقلت وسائل الإعلام عن د. خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي. في المؤتمر الحادي عشر لتحلية المياه في الدول العربية. والذي عقد قبل أيام في القاهرة. والحقيقة أن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا برئاسة د. محمود صقر رئيس الأكاديمية. تبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال بمشاركة العديد من الجهات. كما وضعت الأكاديمية برنامج التحالفات التكنولوجية. الذي يعمل علي توطين صناعة تحلية المياه. والتوصل إلي حلول تتسم بالكفاءة وانخفاض التكلفة لتحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي والصناعي. ويقود د. حسام شوقي الأستاذ بمركز بحوث الصحراء. التحالف القومي لتحلية المياه بالأكاديمية. حيث تركز المرحلة القادمة علي الشراكة مع وزارة الانتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع. لتعميق التصنيع المحلي لمحطات تحلية المياه وزيادة المكون المحلي بها. إن مشكلة المياه هي قضية حياة أو موت بالنسبة لمصر والعالم العربي. ويجب البحث عن طرق مستحدثة ومبتكرة لتوفير حاجاتنا المتزايدة من المياه. بتكلفة معقولة وبكميات كافية. في ظل ندرة المياه وما يشهده العالم من صراع علي الموارد المائية التي تمثل قضية حياة أو موت.