"التنكيد علي المواطنين" شعار كل مرحلة.. منذ عهد جدنا الفرعون العظيم الذي كان يستمتع بشكوي الفلاح الفصيح فلا يقضي في مظلمته حتي يدفعه إلي أن يعيد ويزيد في المدح والتمجيد. في العصر الحديث تم اسناد صناعة النكد والعكننة إلي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.. بعدما كشفت الهيئة الموقرة عن براعة مبكرة في هذا المجال.. نجاح الهيئة يدفعها بالطبع إلي تحقيق مستويات أعلي من الإنتاج. والحق أقول إنها تفوقت علي نفسها حتي إنني أرشحها بالإنابة عنكم للتسجيل في موسوعة الأرقام القياسية العالمية.. فالهيئة تعض بالنواجذ علي عشرات المدن الجديدة التي أسندت إليها الدولة تأسيسها وكان مفترضاً أن تصدر لها شهادات ميلاد وتسلمها للإدارة المحلية وسلطة المحافظات إلا أن السنوات قاربت علي الثلاثة عقود مضت ومازالت الهيئة لا تحتمل فطام مدنها التي كانت جديدة.. شاخت تلك المدن ومازالت في كنف هيئة المجتمعات العمرانية بلا مجالس محلية ولا تنفيذية ولا سلطة شعبية منتخبة منعزلة بقاطنيها عن محيطها الإقليمي تعاني أزمات تحيل بعضها إلي مدن للأشباح بعدما هجرها سكانها عائدين مضطرين إلي زحام المجتمعات العمرانية القديمة حيث يصبرون علي الكبد والمعاناة في مقابل أن يجدوا شيئاً من احتياجات انقطعت عنهم في المدن الجديدة النائية الخاوية علي عروشها. أحدث فتوحات الهيئة هي مدينة ناصر فوق هضبة أسيوطالغربية.. تبلغ الهضبة اتساعاً يجعلها قادرة علي استيعاب مدن محافظتين مما تعدون لكن الدولة قررت تخصيص 6 آلاف فدان فقط للمدينة الجديدة.. المساحة ليست قليلة بل تبلغ نحو ضعفي مدينة أسيوط الحالية.. ومع ذلك قررت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قصر الطرح الأول لأراضي المشروع المقرر له أن يبدأ خلال أيام علي 59 قطعة أرض مخصصة للفيلات و191 قطعة للعمارات أمام شواهد تؤكد أن الإقبال علي طلب هذه الأراضي سوف يبلغ عشرات الألوف في ظل أزمة خانقة سوف تدفع الأسرة الواحدة للتقدم بأكثر من اسم لزيادة فرص الفوز بقطعة أرض في مدينة تمثل بالنسبة لهم مشروعاً للإنقاذ تأخر طويلاً.. تقول الهيئة إنها سوف تجري قرعة علنية شفافة.. ويقول الخبثاء إنه لا شيء يبدو مجانياً فكراسة الشروط تباع ب 100 جنيه.. فإذا كان متوقعاً بيع 50 ألف كراسة قيمتها 5 ملايين جنيه يضاف إليها مبلغ 50 ألف جنيه عند تقديم الطلب كمقدم حجز لإثبات الجدية علي المواطن دائماً إثبات جديته أما الحكومة فليس عليها حرج إثبات جدية الحاجزين تدر نحو 5.2 مليار جنيه تودع لمدة شهرين علي الأقل محققة فوائد بنكية بملايين الجنيهات خلال هذه الفترة الوجيزة.. وترد تلك المقدمات لمن لم يصبهم الدور في القرعة ليعودوا لتكرار نفس السيناريو مرة تلو الأخري مع توالي دفعات الطرح.. وقد يسأل مواطن علي نياته لماذا لا تقوم الهيئة الموقرة بطرح أوسع خاصة في ظل الحاجة إلي موارد مالية ضخمة لتمويل مشروعات البنية التحتية في المدينة الجديدة..؟ وكما أشرنا فإن صاحب هذا السؤال ساذج لا يدرك كم هي مربحة صناعة العكننة. أيها السادة استقيموا يرحمكم الله.