لا يختلف اثنان علي أن مصر صدرت صناعة الاثاث الي العالم. يقول صلاح إدوار استشاري صناعة الاثاث إن مصر كانت تصدر ألواح الخشب الحبيبي في منتصف السبعينيات المنتج بمصنع كوم أمبو وشركة طنطا للكتان والزيوت بالدلتا الي الدول المنتجة حالياً للأخشاب "روسيا. هولندا. بولندا. السويد. والنرويج" إلا أننا للأسف أصبحنا نستورد الأخشاب الآن بعد اغلاق شركة ودمنا للانتاج وتصنيع الكنتر في حلوان "مصر لصناعة السيارات سابقاً" وكذلك اغلاق مصانع التطبيقين منتج القشرة الخارجية والكنتر ب "6 أكتوبر" وهو أكبر مصانع للكنتر المسدب واغلاق مصنع كوم إمبو لصناعة الخشب الحبيبي. أوضح أن هناك عوامل أدت الي استيراد الأخشاب منها عدم زراعتها بسبب تغيرات المناخ والتربة ومياه الزراعة كلها عوامل دفعت الي استيراد الأخشاب "المواد الخام" من الخارج قائلاً يمكن توفير البديل عن الأخشاب وتحويل صناعة قش الأرز "العبش" الي مسطحات وألواح صناعية ومصر غنية بذلك ولن يتم ذلك إلا من خلال العلماء والباحثين. أضاف أن المهنة تتوارثها الأجيال جيلاً بعد الآخر وأن عملية الخبرة تنتقل تدريجياً مع الممارسة العملية وينقلها الأسطي لمساعده ومنه الي الصبي. كما أن تصنيع الموديلات المودرن لما تتميز به من بساطة واقبال المنياوية عليها والاستعانة بالاكسسوارات الحديثة فقد عقدت ندوة بكلية الفنون الجميلة بالمنيا تحت عنوان "ما يحتاجه الخريج لمواجهة سوق العمالة وتطوير المناهج العلمية" وتناول تطوير المناهج واحتياج السوق من خريج طلاب كلية الفنون الجميلة وحضر الندوة رجال الأعمال المهتمين بالمهنة. أشار الي أن المقارنة بين المنتج المنياويوالدمياطي صعب فمدينة دمياط معظم انتاجها يغلب عليه الطابع الكلاسيك الذي يتميز بالايمات وأعمال الحفر وتشكيل المنحنيات والدورانات هو يحتاج الي مساحات كبيرة في فرش الاثاث بالشقة. أما المنيا فطابعها البسيط المعروف بالمودرن والبساطة التي تغلب علي جميع موديلاتها والتي تواكب العصر وتتميز معظم الموديلات الكلاسيك التي بها حليات وكرانيش مبسطة ودخول الخامات الحديثة في أعمال الدهانات والتشطيب مما ينتج المستوي العالي وتغذي محافظة المنيا ومحافظات أسيوط وبني سويف فهي قليلة التكلفة ويوجد اقبالاً علي انتاج الموديلات المودرن نظراً لظروف البلد الاقتصادية التي تمر بها كما يتميز المنتج المنياوي بجودته وجودة المادة الخام من أخشاب طبيعية مثل "الزان. الكونتر. المسدب. والملصوق بالقشرة" وهناك أمثال حية علي أن في مناطق مشهورة بالمنيا منها مدينة ملوي وإطسا وود والمنطقة الصناعية بالمنيا الجديدة. فعلي الرغم من ارتفاع أسعار الأقمشة وخامات التنجيد والأخشاب يوجد اقبال علي شراء المنتج نظراً لأهميته بالنسبة للحياة المعيشية فلا غني عنه ولا يوجد بديل آخر. أما دمياط فيتم تنفيذ منتج الاثاث عن طريق الكبس والتشطيب عالي الجودة جداً ويرجع ذلك للحفاظ علي تسلسل العمالة ناهيك عن توارثهم للمهنة من الأجداد واتقانها بحرفية شديدة والعمل علي تطويرها. كما ظهر منافس جديد بالأسواق المصرية وهو العمالة السورية والتي رحبت بها مصر وانخرطوا في المهنة وخاصة بمدينة دمياط وقاموا بانتاج وصناعة الاثاث بجودة عالية علي الرغم من ارتفاع أسعارهم الملتهبة التي لا تقارن بأسعار المنتج المحلي لمدينة المنياودمياط. ومن مشاكل المهنة لا يوجد لهم نقابة أو رابطة للحفاظ علي العمال وتوفير احتياج المواد الخام للاثاث والمطالبة بحقوقهم الشرعية وهذه المهنة قابلة للانقراض بسبب هجرة العمالة المدربة. كما توجد مصانع كبري تعتمد علي الانتاج الكمي لكي تغذي الأسواق المصرية ينتج الاثاث من انتريهات وغرف نوم وسفرة ولا تنتج الايمات التي به الايمة لصعوبة التنفيذ والتشطيب لهذا المنتج وهناك بدائل لانتاج المطابخ من مسطحات من خامة اكردلك ولها مميزات كثيرة ولكن مرتفعة الثمن. وفي مدينة ملوي كثير من عمال الأويما ورثوها عن أجدادهم وتوجد الايمات بمستوي رفيع ومعظم العمالة الماهرة يسافرون للعمل في اليونان وايطاليا لاقبال السوق العالمي علي هذه المهنة. قال ماجد ناصر صاحب ورشة بمدينة ملوي إنه يقوم بتصنيع كل ما يلزم المعيشة من اثاث وخاصة أن ملوي تشتهر بأن معظم انتاجها للزبائن وأن المنتج المحلي ينافس المنتج الصيني والسوري ويهزمه من خلال جودة المنتج كما أن العمل موسمي في الصيف طالب بانشاء مدينة لصناعة الاثاث بملوي أسوة بمدينة الحرفيين بالمنيا الجديدة علي أن تكون مجهزة بمعدات حديثة تتناسب مع تطور الموديلات حتي تخرج بجودة عالية وأن توفر الدولة الخامات بأسعار مناسبة وتسويق المنتج. فمعظم الورش تعمل للزبائن في حين يوجد في المعرض موبيليا جاهزة يلجأ لها الزبون المستعجل ولكل أصحاب الذوق الرفيع يحبون "العمولة" فالكل موديل وتصميم سعر ويختلف حسب نسبة الشغل من زخرفة وايمات تختلف الأسعار ومعظم الورش بملوي تعمل عمولة ولا تعمل في المنتج الجاهز ودائماً أسعار العمولة تزيد لأنها مكلفة. أضاف أن بعض المواطنين يحضر صور الاثاث من علي النت ويطالبوني بتصميمها وأقوم بتصنيعها لأن العمولة أفضل من الجاهز لعدة أسباب أولاً ممون ثانياً عمره طويل ونحن شعب يفضل عدم التغيير بالإضافة أنه الأرخص في الأسعار. أشار جوزيف صبري صاحب ورشة أنه يوجد صنايعية بمدينة ملوي محترفون وذوو خبرة ومهارة عالية إلا أن عدم انتظام العمل بالورشة يعرضهم الي التنقل بين الورش وبعضها البعض نظراً لعدم استمرار العمل طوال أيام الأسبوع فيوم يعمل وأسبوع بدون عمل ويتراوح أجر الصنايعي حسب قدرته الفنية ومهارته بممارسة المهنة "نجار ومنجد ودهانات" ويستغرق العمل بالمنتج شهر تقريباً كما أن الشغل غير متوفر بالصورة المطلوبة مما يؤثر علي نفسية الصنايعية بعدم ضمان الاستمرارية في العمل بالورشة نظراً لارتفاع أسعار المواد الخام. أما دمياط فقد اشتهرت بسبب رخص ثمن الخامات بعدة مراحل عن ملوي لزيادة العمالة ووجود ميناء دمياط. أضاف أن معظم ورش ملوي بدائية ولا توجد ماكينات حديثة تعمل بالتكنولوجيا "pls" التي تشتهر بنظام تحكم عن طريق الكمبيوتر في كل ما يخص أعمال النجارة من تقطيع ومسح وثمنها يتعدي 250 ألف جنيه. أما عن المنتج الصيني فهو أرخص وعالي الجودة ويتم ترويجه في القاهرة فقط وعمره الافتراضي محدود ويوجد طلب علي الأبواب والمطابخ الصيني بينما المنتج السوري جودته عالية لكنه مكلف. قال موسي زكي خليل ومنسي شوقي وعماد ملاك يعملون في مجال الاثاث ولا يمتلكون ورشاً حتي الآن بمدينة المنيا يطالبون المحافظ بتوفير ورش لهم حتي يقومون بانتاج الاثاث. أوضح أحمد قطب موظف بأنه اشتري اثاث أولاده من مدينة ملوي لأن الأسعار مقبولة وفي متناول الجميع بدلاً من السفر الي دمياط وبنفس الجودة. من جانبه اكتفي المحافظ والمسئولون بنظرة الاعجاب دون الاهتمام بتطوير الصناعة وتشجيعها وتوفير مكان لهما خارج الكتلة السكانية بالمدن الجديدة.