هل يفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوعوده التي أطلقها أثناء الحملة الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس؟! سوف يكون هذا علامة فارقة في العلاقات بين الأمة العربية والولاياتالمتحدةالأمريكية. نعلم جيداً أن هناك علاقات خاصة بين واشنطن وتل أبيب حيث أخذت أمريكا علي عاتقها دعم إسرائيل مادياً واقتصادياً وعسكرياً.. وتعهدت علي مدي قيام الدولة الصهيونية في الأراضي الفلسطينية أن يكون جيش الاستيطان الإسرائيلي أقوي من كل الجيوش العربية مجتمعة عن طريق مده بأحدث أنواع الأسلحة والذخائر. ولا شك أن اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة له دور كبير في هذا الانحياز الأمريكي لتل أبيب.. وهذا اللوبي معروف بسيطرته التامة علي صانع القرار الأمريكي وعلي الكونجرس والإعلام وعلاقاته الرأسمالية متشعبة في كل أنحاء أمريكا. ونجد هذا واضحاً في القرارات التي تصدر من مجلس الأمن واستعمال حق الفيتو الأمريكي لأي قرار يصدر ضد إسرائيل. كشف مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي النقاب عن أن الرئيس دونالد ترامب "يدرس بجدية" مسألة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدسالمحتلة. جاء ذلك في كلمة ألقاها بينس أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية "إيباك" وهي جماعة ضغط أمريكية قوية موالية لإسرائيل. نقل السفارة الأمريكية للقدس معناه اعتراف الولاياتالمتحدة بأن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي وهي بذلك تضرب كل القرارات الصادرة من مجلس الأمن التي تعترف بالوضع الحالي للمدينة وأنها خاضعة للاحتلال.. وكان آخر القرارات الصادرة عن مجلس الأمن أن حل الدولتين هو الأقرب لقيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية. إن أمريكا مازالت تعتبر أقوي دولة في العالم بصرف النظر عن قوة روسيا والصين.. والخوف كل الخوف أن تحذو دول كثيرة حذوها وتنقل سفاراتها من تل أبيب للقدس. وإذا كانت الدول الأوروبية تعتبر أن وضع القدس يجب أن يبقي علي ما هو عليه حتي يتم التوصل إلي حل القضية بقيام دولتين.. لكن لا أحد يضمن عدم انفراط عقد هذه الدول وتقوم كل دولة منفردة بنقل السفارة. السؤال هنا: ماذا سيفعل العرب إزاء تصرف أمريكا لو قررت نقل سفارتها إلي القدس؟! نحن نعلم أو علي الأقل نتوقع أن تكون أجندة الرئيس عبدالفتاح السيسي عند زيارته لأمريكا في بداية شهر أبريل القادم ستحمل كثيراً من التحذيرات للولايات المتحدة بخطورة اتخاذ هذا القرار. ونعلم أن ترحيب الرئيس الأمريكي وعزمه علي دعم العلاقات بين بلاده ومصر في كل المجالات لن يمنع الرئيس السيسي من هذا التحذير.. وسيؤكد للرئيس ترامب أن هذه الخطوة تعتبر انحرافاً عن السياسة التي اتبعتها الولاياتالمتحدة بالنسبة للنزاع العربي الإسرائيلي. ولكن إذا أصر الرئيس الأمريكي علي موقفه.. هل تتأثر العلاقات المصرية الأمريكية بهذا الموقف؟! مصر تتصدي للإرهاب الدولي نيابة عن أوروبا وأمريكا.. وواشنطن تقدر هذا الموقف وتعتز به وتدعم مصر في هذا المجال.. فهل يفكر ترامب في مراجعة موقفه من نقل السفارة؟! وماذا عن القمة العربية التي تبدأ اجتماعاتها بالأردن اليوم؟! هل يتفق العرب في هذا الاجتماع علي موقف موحد من نقل السفارة الأمريكية؟! ويتخذون قراراً لصالح قضيتهم الأولي وهي فلسطين بعمل محدد ويجبر أمريكا علي التراجع عن موقفها؟! أم أن العرب- كالعادة- سيقول زعماؤهم "أنا ونفسي وبعدي الطوفان"!! فقد يجتمعون ويتخذون قرارات لا تنفذ علي أرض الواقع.. ويبحثون عن مصالح بلادهم في حضن أمريكا..وتضيع القضية الفلسطينية للأبد؟!