استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    الاتحاد الأوروبي يطلق هاكاثون الابتكار في المياه لتمكين حلول الذكاء الاصطناعي بقيادة الشباب بمصر    نتنياهو يبحث مع ترامب وتيرة إعادة جثامين الأسرى من غزة    مصطفى شلبي يتنازل عن 50%؜ من مستحقاته لنادي الزمالك    ليلى علوي تكشف خلال مهرجان الجونة أهم ميزة في السينما    أطباء جامعة القناة ينجحون في تصحيح اعوجاج وتحدب عمود فقري لطفلة    ب«سوق المزارعين».. «تجارية الإسكندرية» تشارك في المعرض الدولي لأغذية البحر المتوسط    قائد منتخب قطر يتبرع ببناء مدرسة وقاعة رياضية بغزة    علاء عبد العال يعلن قائمة غزل المحلة لمواجهة كهرباء الإسماعيلية    دعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية للاتحاد الأفريقي لتنس الطاولة    مقتل «ربة منزل» طعنا بسكين في ظروف غامضة بالمنيا    الإسكندرية: ضبط 137 ألف لتر سولار مدعم خلال حملات تموينية مكبرة    رسميًا.. لينك تقديم حج القرعة 2026 في مصر    مايكل مورجان: ترامب لعب دور ال«بروكر» باقتدار.. وواشنطن تدرك قيمة مصر ودورها المحوري    الإسكندرية جدارية من الأحياء.. انطلاق النسخة ال16 من أيام التراث السكندري نهاية أكتوبر    قافلة مسرح المواجهة ترسم البسمة على وجوه طلاب مدارس رفح    تنطلق 30 أكتوبر.. قنصل فرنسا تكشف تفاصيل النسخة ال16 لأيام التراث السكندري (صور)    «الميزان» بيحضن المخدة و«الأسد» بينام مستقيم.. طريقة نومك تكشف برجك الفلكي    طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات جوية على جنوب لبنان مستهدفًا منشآت صناعية    إنجاز طبي جديد بمستشفيات جامعة قناة السويس    «لسهرة يوم الخميس».. حضري طاجن «أم علي» بمكونات بسيطة في منزلك (الطريقة والخطوات)    مواقيت الصلاة غدًا الجمعة 17 أكتوبر 2025 في المنيا    بعد حادثة عم فوزي.. محافظ الدقهلية في جولة ميدانية جديدة بحي غرب المنصورة    محافظ الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يشهدان احتفالات عيد القوات الجوية    مصادر أمريكية: واشنطن أبلغت إسرائيل اهتمامها بمواصلة تنفيذ اتفاق غزة    إدارة الزمالك تواصل الاستعداد للجمعية العمومية    لتفادي نزلات البرد .. نصائح ذهبية لتقوية المناعة للكبار والصغار    حسام شاكر: ذوو الهمم في قلب الدولة المصرية بفضل دعم الرئيس السيسي    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    رابطة المحترفين الإماراتية تعلن موعد طرح تذاكر السوبر المصري في أبوظبي    بعد مقتل رئيس أركان الحوثي.. نتنياهو: سنضرب كل من يهددنا    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الله حرم الخمر والخنزير والبعض يبحث عن سبب التحريم    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    بيع أكثر من مليون تذكرة ل كأس العالم 2026 والكشف عن أكثر 10 دول إقبالا    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    وزير العدل: تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية تعزز الثقة في منظومة العدالة    الاتحاد الأوروبي يكرّم مي الغيطي بعد اختيارها عضو لجنة تحكيم مهرجان الجونة    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي بمدخل المراشدة في قنا    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    بعثة بيراميدز تتفقد منشآت الدوحة استعدادًا للمشاركة في كأس الإنتركونتيننتال بدعوة من "فيفا"    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. ولا تعض رغيفي!!
ويبقي الأمل
نشر في المساء يوم 12 - 03 - 2017

استوقفني كثيراً رد الفعل العنيف من المواطنين علي تخفيض عدد أرغفة الخبز أو منع صرف الخبز تماماً للبعض فيما عرف بأزمة الكارت الذهبي والذي وصل للوقفات الاحتجاجية وقطع الطرق والهتافات المعادية للحكومة ووزير التموين.. وجدتني أقارن بين ذلك وبين صبر نفس المواطنين علي الغلاء الفاحش التي طال كل شيء خاصة الطعام بأنواعه بداية من اللحوم والدواجن والأسماك وغيرها.. أنه رغيف الخبز الذي يجب ألا يمس وأن تظل الدولة مسئولة عن توفيره لمعظم المصريين بسعر مدعوم مهما حمل ذلك ميزانية الدولة من أعباء.
ولرغيف الخبز مكانة خاصة لدي المصريين جميعاً ونحن الشعب الوحيد الذي يطلق عليه رغيف العيش فهو الحياة أو هو دعامة الحياة.. وعادة ما يردد المواطن البسيط أنه إذا توفر الخبز فأمر الغموس مقدور عليه.. انه يقول ذلك في أحلك الظروف وكان اعداد الخبز في المنزل من ثوابت الريف المصري لكنها للأسف تكاد أن تكون قد انقرضت ووقتها كان رب الأسرة يقول إنه مادامت "مشنة العيش مليانة فالبيت مستور".. المهم أن هذه الحالة المحزنة التي عشناها الأسبوع الماضي مع رغيف العيش وأزمة مصيلحي كما أطلق عليها دعتني للبحث عدة ساعات عن ما كتب عن رغيف العيش عند المصريين من تاريخ وتراث ومكانة وأمثلة شعبية نحفظ بعضها ونستخدمه وبعضها لا يعرفه الكثيرون.. رحلة البحث هذه خرجت منها بمعلومات أردت أن يشاركني القارئ العزيز معرفة أو يسترجعها معي ان كان يعرفها.
عرف المصريون القدماء الخبز منذ ستة آلاف سنة قبل الميلاد وتقول بعض الوثائق إن المصريين أول من اكتشف الخميرة.. وكانت أنواع الخبز تزيد علي المائة.. وكان المصري القديم يقدس الخبز ولا يرضي أن يلقي به في عرض الطريق أو تدوسه الأقدام.. ومازال هذا التقديس موجوداً ومن يجد لقمة عيش في الطريق فهو يسرع بركنها بعيداً وقد يقبلها قبل أن يفعل ذلك.. ومن وصايا الحكيم اني لابنه "ضاعف الخبز لأمك واحملها ان استطعت كما حملتك".. وفي مصر الفرعونية كان يتم إعطاء الخبز كمرتبات للبحارة وموظفي المراكب بل إن هناك حكمة فرعونية تقول "اعط الشغال رغيف تاخد من كتفه رغيفين".. وفي الريف المصري كانت مهارة العجن والخبز ترفع اسهم الفتاة المطلوبة للزواج.. فالأم تقول لابنها "ماتاخدش أم كحلة ولبانة.. وقت العجن تعمل عيانة".. و"ما يعجبكش قصتها ولا كحلتها.. وقت الخبيز يا لخمتها".
كانت الفلاحة المصرية تتعامل مع عملية عجن الخبز وتسويته في الفرن البلدي الذي كان موجوداً في كل البيوت بحب وحنان وطقوس جميلة تدل علي مكانة رغيف العيش فهي تقيم علاقة خاصة مع العجين فتكلمه وتهدهده ليثق بها ويعطيها أفضل نتيجة.. وهي تغني أثناء العجن "يا عجين اشرب شرابك ما عذاب إلا عذابك.. يا عجين لوف لوف كما لافت النعجة ع الخروف والحنة ع الكفوف".. وهي لا تجلس أمام الفرن وهي غضبانة أو حزينة أو متوترة حتي لا ينعكس ذلك علي جودة الرغيف.. ومكانة رغيف العيش تتضح من قول "بيننا عيش وملح" عند الحديث عن العشرة والمحبة.. واستخدام تعبير ابحث عن لقمة عيش كناية عن الرغبة في ايجاد عمل يتعايش منه.
أما الأمثال الشعبية المرتبطة برغيف العيش فمنها.. يا واكل قوتي يا ناوي علي موتي والجوعان يحلم بسوق العيش واللي يستكتر غموسه ياكل عيش حاف والخميرة أميرة.. أيضا وجه فلان يقطع الخميرة من البيت وفلان لا يضحك للرغيف السخن.. وشحات وعايز رغيف قمح واللقم تحوش النقم.. ولم النعمة تلمك والبطران زولان دلالة علي مصير الاهمال في التعامل مع الرغيف.. هناك أيضا من ياكل خبز السلطان يضرب بسيفه واللي ياكل لقمتي يسمع كلمتي.. وكل لقمة تنادي اكالها ولقمة هنية تكفي مية.. كل لقمة في بطن جايع اخير من بناية جامع.. وكل بدقة في الأذقة وتخفي الفرخة اللي وراها مشقة.. والعيش الحاف يربي الكتاف وادي العيش لخبازه ولو ياكل نصه.. ورجع قفاه يقمر عيش.. وعمال يلت ويعجن.. وأمثلة كثيرة أخري لا تتحملها المساحة.
هذا هو رغيف العيش عند المصريين.. هو سر الحياة بالنسبة لهم والاقتراب منه والتلاعب به ممنوع.. لكن يبدو أن الدكتور علي المصيلحي وزير التموين لا يعرف ذلك وإلا لكان دبر احتياجات المواطنين أولاً من العيش قبل اتخاذ قرار تخفيض حصة الخبز علي الكارت الذهبي الذي يمنح العيش لأصحاب بطاقات التموين الورقية ولمن فقد بطاقته الذكية بدلاً من أن يقول الحمد لله إنهم ملقوش عيش النهاردة علشان اتكلم عن قراري!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.