ظهر حديثاً كتاب "لمح ومنارات حول الآيات المتشابهات" أعده وجمعه ورتبه حسام الدين خليل. وقد تناول فيه الكاتب القرآن الكريم ومسألة الآيات المتشابهات وما قد تحدثه من إشكاليات. والتي قد تختلط علي البعض خاصة من هم علي أول الدرب من حفاظ القرآن. وقد بذل الكاتب جهداً في سرد الكثير من الآيات المتشابهات. وتناولها من وجهة نظر اللغة والبلاغة. وقد سلك في منهجه البحثي مسلك أهل التفسير الإشاري. وقد استند إلي قول الغرناطي في كتابه ملاك التأويل وأشار إلي أن ما أورده القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن حيث أفادوا بأن ورود القصة في القرآن بأكثر من سياق لها سر وحكمة. كما استأنس بكلام الفضيل بن عياض عندما وقف طلبة العلم علي بابه فقال لهم: "لن تعلموا القرآن حتي تعرفوا إعرابه ومحكمه ومتشابهه وحلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه. فإن عرفتم ذلك فقد استغنيتم عن كلام الفضيل وابن عيينة".. كما أشار إلي أن ذكر آية في كتاب الله ثم إعادتها في موضع آخر بتمامها أو باختلاف حرف أو بسياق مختلف فإن هناك حكمة تطلب ويبحث عنها. وقد استدل بقول الإمام الرازي وقول الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله "ما من حرف في القرآن ولا لفظ ولا تشكيل إلا وله حكمة. حيث تعرض لبعض اللمسات البيانية في هذه المسألة فذكر علي سبيل المثال لا الحصر حرف الفاء في قوله "فيول يومئذ للمكذبين" والسر في اقترانها بالفاء في هذا الموضع في القرآن في سورة الطور فقط وعدم اقترانها بحرف الفاء في سورة المطففين وسورة المرسلات. كما ذكر قوله سبحانه "فلهم أجر غير ممنون" وسبب اقترانها بالفاء في سورة التين وسبب ورودها بدون الفاء في سورة الانشقاق. كما تطرق إلي مسألة الرسم العثماني وجماله الإبداعي وما فيه من لمسات بيانية. وأسرار خفية. ثم أفاد بأن كل ذلك تحت قاعدة هامة أنه لا يعلم تأويله إلا الله وما تلك إلا اجتهادات وفتوحات يمن الله بها علي من يشاء من عباده ولا حرج علي فضل الله وما هذه إلا منارات وعلامات علي الطريق لتيسير ما قد يشكل علي بعض أهل القرآن. كما استند في بحثه إلي أمهات الكتب في تفسير للمتقدمين والمتأخرين في هذا المجال كأمثال القرطبي والشوكاني والرازي والنسفي والنيسابوري وأبوبكر الجزائري والكرماني وابن عاشور وابن كثير وابن جرير والشعراوي وفاضل السامراني.. ويروي هذا البحث بعض آيات القرآن الكريم. ولطيف بيانه. وبعض الطرائف واللمح البلاغية في المتشابهات القرآنية. من باب معرفتها من قبل طلاب علوم القرآن ودارسيه. ونوعاً من التشويق لهم. وكسراً للرتابة والملل. وايضا لإضفاء معاني جديدة لقارئ القرآن لسهولة التدبر. ومحاولة لفهم حروف هذا الكتاب العزيز قبل حفظ حروفه. ومحاولة لفتح آفاق جديدة لتدبر القرآن.. كما أفاد الكاتب أن سبب إقدامه علي جمع مادة هذا الكتاب هو خطوة علي الطريق لإحياء التراث العريق لهذه الأمة وإسهاماً منه ولو باليسير في إعادة النبض لها وفتح آفاق جديدة لطلبة العلم من أهل القرآن. الذين قد يلتبس عليهم بعض الآيات المتشابهات ومرد ذلك الإشكال هو التدهور الخطير في اللغة العربية والذي مرجعه بدايات العصر الحديث حيث كثرت الهجمات علي اللغة. متمثلة في الدعوة إلي إحلال العامية مكان الفصحي. ودخول بعض المصطلحات المبتذلة علي هذه اللغة العريقة. لغة القرآن. تلك اللغة التي تجمع شتات المسلمين. وبها يفهمون دينهم. لذلك إذا سمعت أحداً يتكلم غير لغته - من غير ضرورة - أو يلهج غير لهجته من غير مناسبة. فلا يخامرنك شك في أنه كذلك في خلقه وعقيدته. ونمط فكره. وأسلوب عمله. وهذا ما يسمي بالعبودية الأدبية. أفاد أن مقصد هذا الكتاب يرجع إلي الشرب الأول الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم. حيث كان النبي صلي الله عليه وسلم يقرأ علي المنبر "سورة ق" فتكفيهم موعظة فترة من الزمان أما الآن وقد أصبح شبابنا كالأعاجم فقد يقرأ القرآن علينا كاملاً فلا يتحرك لنا ساكن إلا من رحم الله. ولكن المصاب فينا لا في تراثنا. أعده وجمعه ورتبه حسام الدين خليل