لذيذة غالباً تصريحات المسئولين لا سيما حينما تفتح أبواب الأمل وتداعب الخيال.. هكذا شعرت في متابعتي لنشاط وزير التنمية المحلية الجديد د.هشام الشريف واختياره أسيوط عاصمة الصعيد ليبدأ منها خطوته الأولي في المسئولية الوزارية.. في أسيوط أعلن الشريف عن تشكيل لجنة للتنمية بكل محافظة تضم قيادات تنفيذية وشعبية تتولي تقديم رؤية متكاملة خلال 3 أشهر لتحقيق التنمية في المحافظة.. الكلام يعطي انطباعاً بأن الوزير فاهم وإنه جاب من الآخر.. فأهل مكة أدري بشعابها وتشكيل هذه اللجان بجناحيها التنفيذي والشعبي يعوض غياب المجالس المحلية كما أن تحديد زمن العمل يعني الرغبة والحرص من جانب الوزارة علي تحقيق إنجاز ميداني سريع علي الطريق الصحيح.. من فرط سعادتنا بالفكرة الوزارية الشريفة قررنا في "المساء" متابعة هذا التطور المهم من كل المحافظات وكلفنا الزملاء برصد تشكيل هذه اللجان ومتابعة أعمالها ورؤيتها.. كنا نتصور إن تصريحات الوزير سوف تطلق شرارة العمل بعدما حددت الهدف والزمن والوسيلة..الهدف كما فهمنا هو طرح رؤية متكاملة للتنمية.. والزمن 3 أشهر.. والوسيلة لجان تضم المعنيين من القيادات الشعبية والتنفيذية.. لكن للأسف مضت الأيام ولا حس ولا خبر.. الزملاء مديرو مكاتب "المساء" بالمحافظات حائرون يفتشون ولا أثر للجان التنمية التي أعلن وزير التنمية المحلية عن تشكيلها.. طارت تصريحات الوزير إلي زُحل فلم يرها الأرضيون أمثالنا.. علي نحو يثير المخاوف أن تتحول تلك اللجان ومعها التنمية الموعودة إلي "فنكوش".. العجيب أن كثيراً من المحافظين قالوا إنهم لم يسمعوا بتصريحات وزيرهم.. وبعضهم سمع لكنه لم يحرك ساكناً انتظاراً لخطاب رسمي يملي عليه ماذا يفعل وكأنه موظف بسيط وليس القائد للعمل التنفيذي في محافظته.. وكان محافظ سوهاج د.أيمن عبدالمنعم هو الوحيد الذي أعلن أن هذه اللجان موجودة بالفعل في تصريحاته للزميل محمد حامد. حقيقي التصريحات لذيذة إنما تنفيذها ألذ.. وهو أمر يبدو نادر الحدوث في تاريخ الحكومات.. وليس معلوماً علي وجه اليقين لماذا لا ينفذ الوزراء تصريحاتهم رغم وصايا تراثنا في هذا الشأن مثال إن مربط الرجل لسانه وأن وعد الحر دين عليه. نعتقد أن فكرة الوزير هشام الشريف هي البداية الصحيحة للعمل الجاد وفق منهج علمي ورؤية.. ونتمني أن نراها واقعاً يتم تنفيذه.. ونحثه علي الإصرار عليها وإخضاع كيفية تشكيل تلك اللجان وما يصدر عنها من رؤي للدراسة والتحليل واتخاذها معياراً لتقييم أداء المحافظين وأعضائها من قيادات تنفيذية.. أما عن جدواها فالمؤكد أنها ترتبط بالجدية في التشكيل والطرح وما إذا كانت ستغرق في هموم الواقع وأعراض أزمات التموين والمرافق والخدمات أم ستنجح في التحليق إلي المستقبل لتكون قادرة علي تقديم رؤية شاملة وحقيقية للتنمية تعتمد علي توظيف كل المعطيات المادية والبيئية والبشرية لتحقيق الهدف المنشود.