السبت الماضي انتهت فترة ندب سيد خطاب لرئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة. وحتي أمس لم يكن وزير الثقافة حلمي النمنم قد أصدر قراراً سواء بالتجديد لسيد خطاب أو بتعيين غيره لرئاسة الهيئة مما فتح أبواباً واسعة للشائعات. وتردد أن السبب في تأخير إصدار القرار هو وجود حسن خلاف رئيس قطاع مكتب الوزير في السعودية لحضور مهرجان الجنادرية. لكن عدم تحديد موقف رئيس الهيئة أثار كثيراً من اللغط في الأوساط الثقافية. سيد خطاب من جانبه لم يستسلم للأمر وحرص علي الظهور السبت الماضي في برنامج صباحي بإحدي القنوات الفضائية متحدثاً عن إنجازاته في الهيئة. وإن كان قد تجاهل الحديث عن المركز الثقافي في كفر الشيخ الذي أصر علي افتتاحه رغم المخالفات العديدة التي به.حتي أن سقفه سقط منذ عدة أيام. وكان رئيس إقليم شرق الدلتا إيهاب الزهري قد اعترض علي افتتاح المركز لوجود أكثر من ثلاثين ملحوظة علي أعمال شركة المقاولات فما كان من سيد خطاب إلا أن عزله من منصبه إرضاء للمقاول. كما لم يتحدث خطاب عن الكثير من الاتهامات التي تلاحقه. فقد تم ترتيب الأمر ليكون حديثاً عما يعتبره إنجازات لزوم التلميع ولفت الأنظار والضغط علي صناع القرار لكي يستمر في منصبه. المهم أن الكتائب الإلكترونية لسيد خطاب لم تهدأ طوال الأيام الماضية. وتم تدشين صفحة علي فيس بوك لتأييد بقاء خطاب رئيساً للهيئة. وإن كان البعض قد ألمح إلي أنهم يلعبون في الوقت الضائع. أكثر من سيناريو وقد تردد أن هناك أكثر من سبب لعدم التجديد لخطاب. منها أن مانشرته ¢ المساء¢ من وقائع فساد بالوثائق والمستندات دفع جهات عليا إلي طلب عدم التجديد له. ومنها أن الرقابة الإدارية نفسها رفضت التجديد له. ومنها أن خطاب طلب من النائب والكاتب الصحفي مصطفي بكري تزكيته ليتولي منصب وزير الثقافة فما كان من مصطفي إلا أن أخبر حلمي النمنم بالأمر فرفض علي إثر ذلك التجديد له. ومنها وهذا هو الأهم أن مؤسسة الرئاسة غير راضية عن أداء سيد خطاب ووصلتها تقارير تؤكد عدم صلاحيته لشغل هذا المنصب. سيناريوهات كثيرة قد يصح بعضها وقد تصح كلها. ولكن هناك سيناريو آخرأشار إلي أن حلمي النمنم اختلق هذه الأزمة بالمشاركة مع حسن خلاف. وتم تأجيل التجديد لخطاب ودفع مؤيديه إلي إقامة مناحة في الصحف والمواقع الألكترونية للإبقاء عليه حتي إذا تم التجديد له يكون ذلك بناء علي طلب الجماهير الغفيرة التي تري فيه منقذ الثقافة المصرية. وإن كان هذا السيناريو لم يصمد كثيراً. ولأن مافعله وزير الثقافة هو السبب الأول في إحداث هذا اللغط فسوف نفترض جدلاً حسن النية وأن الوزير لديه رغبة فعلية في الإطاحة بسيد خطاب سواء عبر تلقيه أوامر بالإطاحة به أو عبر متابعته لأدائه واكتشافه أنه لايصلح لمنصبه. فإن هيئة قصور الثقافة التي شهدت أسوأ أيامها علي يد سيد خطاب وشلته الفاسدة تحتاج وقفة حاسمة من القيادة السياسية.لأن الهيئة هي الذراع الطولي للثقافة المصرية إذا صلحت صلحت هذه الثقافة.وإذا فسدت فسدت بالتبعية. وماتمسك خطاب بالبقاء في موقعه حتي آخر لحظة إلا دليل علي أن الأمر بالنسبة له كان معركة وجود. فهو يدرك جيداً أن خروجه من المنصب سيجعله لاشئ. خاصة أنه بلا إنجازات تذكر. فرغم أنه مدرس في معهد الفنون المسرحية فإنه لم يصدر كتابا واحداً حتي الآن. ولم يشرف علي رسائل ماجستير أو دكتوراه. أي ليس له تلاميذ أصلاً لأنه لم يبق في المعهد كثيراً منشغلا بالحصول علي المناصب. أي مناصب. وهذا هو الفرق بينه وبين غيره من رؤساء الهيئة السابقين المتحققين. فعندما تم إنهاء ندب الرجل المحترم الشاعر والأكاديمي د. أبو الفضل بدران غادر الرجل مكتبه في هدوء ولم يلجأ إلي الألاعيب التي لجأ إليها خطاب. ونفس الأمر فعله المبدع المحترم محمد عبدالحافظ ناصف الذي غادر في هدوء أيضاً. ولأنه ابن الهيئة قال إن لديه الاستعداد للعمل في أي موقع. وبالفعل عمل في عدة مواقع أحدث فيها طفرات غير مسبوقة ورغم ذلك.أو ربما لذلك.تم تحويله إلي مستشار. وحتي هذه لم يتركها وأصر علي العمل والإنجاز بها وليس البقاء في البيت كما يفعل كل من يتم تحويله إلي مستشار. قيادة واعية تحتاج قصور الثقافة الآن إلي قيادة واعية ومحترمة ولديها خطط وأفكار لتطوير العمل. والأهم القضاء علي الفساد الذي استشري بها. وإعادة الحقوق المهدرة للموظفين الذين أطيح بهم بأوامر من سكرتيرة سيد خطاب التي تعد الرئيس الفعلي للهيئة. هناك مظالم كثيرة في الهيئة لن يستطيع ردها سوي رئيس للهيئة من أبنائها يعرف خباياها جيداً. ويعرف الفاسد من المحترم. وفي ظني أن أي رئيس يأتي للهيئة من خارجها لن ينجح في تحقيق مطالب المثقفين منها.وكذلك مطالب العاملين بها.من يستطيع ذلك هو أحد أبناء الهيئة. وهم كثيرون. من سيأتي من خارجها سوف تلتف حوله نفس شلة الفساد أو غيرها من الشلل وسوف تغرقه في تفاصيل كثيرة تشتت جهوده وتعوقه عن الإنجاز. أما إذا تم تعيين واحد من أبناء الهيئة فالأمر لن يستغرق طويلاً حتي تستقيم الأمور وترد المظالم وتعود الهيئة إلي سابق مجدها. لقد حارب سيد خطاب حتي لايتم تعيين نائب لرئيس الهيئة. وذلك حتي يظل هو وحده المتحكم في كافة الأمور. وهاهو حلمي النمنم قد قام بندب الكاتب صبري سعيد نائبا لرئيس الهيئة.وهو قرار صائب ولقي ترحيبا من المثقفين والعاملين بالهيئة. وياليت صبري يبدأ عمله بالاستعانة بالمخلصين من أبناء الهيئة واستبعاد شلة الفساد المعروفة بالاسم. والاستماع جيداً إلي العارفين بخبايا الأمور في الهيئة حتي لايقع في أخطاء فادحة مثل التي وقع فيها خطاب وربما أدت إلي محاكمته إذا تم فتح ملفاته. سوف افترض حسن النية في وزير الثقافة وأعتبر أنه قرر أن يبدأ من جديد. وأنه سوف يعيد ترتيب الأمور في وزارته ويستبعد جميع الفاسدين والمفسدين ويحيل المخطئ منهم إلي النيابة. وعليه أن يتريث كثيرا في اختيار رئيس الهيئة الجديد حتي لايكرر نفس أخطائه السابقة. إذا فعلها الوزير وأحسن الاختيارفهو بذلك يعود مجدداً إلي الجماعة الثقافية التي هو واحد منها. والتي وضعت آمالاً كثيرة عليه لكنه خذلها في المرة الأولي ويمكنه ألا يخذلها في المرة الثانية وساعتها سيكون الجميع في ظهره.. فهل يفعلها؟