«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"رياح التفكيك" تهب علي الاتحاد الأوروبي
نشر في المساء يوم 15 - 02 - 2017

في الثالث من هذا الشهر شهدت مدينة فاليتا. عاصمة مالطا. قمة غير رسمية لقادة أوروبا ورؤساء حكوماتها. ونظرا لأجواء الصخب والضجيج التي يثيرها دونالد ترامب وسياساته في وسائل الإعلام العالمية. لم تحظ هذه القمة بالاهتمام الكافي إذ لاتزال تسيطر علي موجات الأثير وكابلات الإنترنت أصداء قرار ترامب بمنع استقبال المهاجرين من سبع دول إسلامية ورفض القضاء الأمريكي هذا القرار.
وقد خصص اجتماع فاليتا لمناقشة التحديات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة. وقبل الاجتماع بأيام عقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند مؤتمرا صحفيا مشتركا في برلين. أكدا فيه ذلك. حيث وجها الدعوة لوحدة الصف داخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات التي تفرضها رئاسة ترامب للولايات المتحدة وخروج بريطانيا من الاتحاد.
وتحدث الاثنان عن الحاجة إلي مواجهة المشكلات الجديدة من خلال الدفاع عن التجارة الحرة والمجتمع الحر وتعزيز القيم والمصالح الأوروبية في مواجهة رئاسة ترامب.
وعقب القمة غير الرسمية في فاليتا. صرح دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي بأن القمة ناقشت مستقبل أوروبا مشيرا إلي أن التطورات علي الساحة الدولية "تذكرنا بمدي أهمية أن يظل الاتحاد الأوروبي قويا" وقال إن التعاون عبر الأطلنطي يمثل أولوية مطلقة. لأنه لايزال يمثل دعامة رئيسية للعالم الحر وفي الوقت نفسه "ندرك أننا اليوم ليس لدينا خيار آخر سوي استعادة ثقتنا في قوتنا الذاتية.
وكانت قد نشبت أزمة بين بروكسل العاصمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي وبين واشنطن وذلك في أعقاب تصريح أدلي به تيد مالوك الذي وقع عليه اختيار دونالد ترامب ليكون سفيرا للولايات المتحدة لدي الاتحاد الأوروبي. وفي هذا التصريح الذي أدلي به مالوك لمجلة دير شبيجل الألمانية توقع الرجل انهيار الاتحاد الأوروبي خلال عامين مستشهدا بخروج بريطانيا من الاتحاد كما توقع خروج كل من فرنسا واليونان وغيرهما وقال إن العملة الأوروبية الموحدة تجربة فاشلة وأنه لو كان يعمل لحساب بنك استثماري فسيكون رهانه ضد اليورو.
وعلي خلفية هذه التصريحات الخطيرة دعا أعضاء البرلمان الأوروبي قادة الاتحاد لرفض تعيين مالوك سفيرا للولايات المتحدة لديه ورد مالوك في مقابلة مع شبكة آر تي بأن الدول هي التي تختار سفراءها لدي الدول والمنظمات الأخري وليس العكس.
والواضح أنه مع تطور الظروف الدولية وزوال الخطر السوفيتي وتنامي القوة الأمريكية إلي درجة غير مسبوقة. يبدو أن بعض الدوائر في الولايات المتحدة بدأت تري في الاتحاد الأوروبي خطرا علي مصالح أمريكا. أو تري أنه قد يشكل خطرا عليها في المستقبل أو تري أنها لم تعد بحاجة للتحالف معه. مثلما بدأت الولايات المتحدة تري في حلف الأطلنطي عبئا ماديا وعسكريا عليها.
من هنا ليس بغريب أن يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبعض مساعديه علي العالم بمقولات تدعو إلي تفكيك الاتحاد الأوروبي وتردد بأن حلف الأطلنطي قد عفَي عليه الزمن!
ومن يتأمل مسيرة النظام العالمي منذ حقبة الحرب الباردة يجد أن استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية تقوم علي أساس القضاء علي القوي المنافسة أو التي يحتمل أن تكون منافسة أو تشكل تهديدا للولايات المتحدة كقوة عظمي في العالم.
ومن أوضح الأدلة علي هذه الاستراتيجية ما جري من القضاء علي الإمبراطورية السوفيتية وحلف وارسو عندما أصدر مجلس السوفييت الأعلي في 26 ديسمبر 1991 إعلانا يعترف فيه باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة. وبعدها جري تفكيك الاتحاد اليوغسلافي ثم تقسيم وتفتيت العراق وكذلك ما يجري حاليا في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول وكل هذه الدول كانت تري فيها أمريكا تهديدا لمصالحها وخطرا يعترض. بصورة أو بأخري. سعيها للهيمنة علي العالم وصنفت واشنطن هذه الدول تحت مسميات مختلفة مثل "الدول المارقة" أو الدول الراعية للإرهاب.
وفي سبيل القضاء علي هذه القوي المنافسة أو المناوئة للهيمنة الأمريكية أقامت الولايات المتحدة تحالفات مع قوي أخري لمساعدتها في تحقيق غاياتها وأهدافها. ولعل أوضح هذه التحالفات وأهمها. حلف شمال الأطلنطي "الناتو" كما دعمت أمريكا نشأة الاتحاد الأوروبي. حيث كانت البداية بتأسيس المجموعة الأوروبية في أواخر الخمسينيات.وتوج ذلك بتوقيع اتفاقية ماسترخت في ديسمبر 1991 أيضا التي تم علي أساسها إعلان قيام الاتحاد الأوروبي.
وكما سبق القول يبدو أن هذه الكيانات التي أيدت أمريكا قيامها كالاتحاد الأوروبي أو كانت طرفا أساسيا فيها. مثل حلف شمال الأطلنطي لم يعد لها فائدة بالنسبة للولايات المتحدة أو ربما أصبحت تلك الكيانات هي الخطر الذي قد يمثل تهديدا للولايات المتحدة.أو يشكل عبئا علي ميزانيتها وعلي قواتها.
انتقادات لاذعة
وبالعودة إلي قمة مالطا تشير التقارير إلي أن القادة الأوروبيين شنوا سلسلة من الانتقادات اللاذعة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث اتهموه بانه يعوزه الاحترام. ورفضوا محاولات رئيسة وزراء بريطانيا. تيريزا ماي أن تجعل من نفسها جسرا للتواصل بين مع الرئيس الأمريكي الجديد في القمة.
وقد سخر قادة ورؤساء حكومات الدول الأوروبية من سلوكيات ترامب وحذر أولاند من أنه لا مستقبل للعلاقات الأوروبية مع أمريكا. ما لم يتم تحديد القواسم المشتركة لهذه العلاقات.
وعندما طالبت رئيسة الوزراء البريطانية ماي القادة الأوروبيين بالعمل بشكل إيجابي والصبر مع الرئيس الأمريكي الجديد قال الرئيس الفرنسي في تصريحات للصحفيين ان القضية لا تتعلق بمطالبة دولة. أيا كانت. بأن تمثل الاتحاد الأوروبي في علاقاته بالولايات المتحدة. في هذه الحالة فإن فرنسا هي العضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن وهي عضو بالاتحاد الأوروبي الذي انسحبت منه بريطانيا.
وفي الوقت نفسه قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إن التركيز ينصب علي إجابة السؤال: أين نحن كاتحاد أوروبي؟ يجب أن يكون لنا موقف مشترك وأن نركز علي أن يكون مصيرنا بأيدينا وأن نعزز دفاعنا المشترك.
وتشير بعض التقارير إلي أن الأوروبيين يرون أن أشخاصا من أمثال مالوك وستيف بانون كبير فريق المستشارين الاستراتيجيين لترامب وعضو مجلس الأمن القومي الأمريكي لا يريدون فقط قطع علاقات أمريكا بالاتحاد الأوروبي وإنما هم من وجهة نظر دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يريدون تدمير الاتحاد الأوروبي. بالقدر نفسه الذي يريدون به القضاء علي الجهاديين المتطرفين أو علي فلاديمير بوتين.
ويقول باتريك وينتور في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية. إن هذه ليست سياسة عدم تدخل. فالسياسة الأمريكية هدفها الإشراف علي تفكيك وحل الاتحاد الأوروبي. مستخدمة منبر الرئاسة وموقع بريتبارت Breitbart "موقع أمريكي يميني متطرف". للتهليل للقوي الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا. ولا شك في أن الانتصارات التي حققتها الأحزاب القومية. في هولندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا هذا العام تسهم فيي انهيار الاتحاد الأوروبي. وهذه التوجهات سيتم تشجيعها من قبل الولايات المتحدة.
يؤيد ما سبق. تصريحات مالوك التي قال فيها لشبكة بي بي سي البريطانية: لقد أسهمت خلال شغلي منصبا دبلوماسيا سابقا في إسقاط الاتحاد السوفيتي. وربما كان هناك اتحاد آخر بحاجة إلي قليل من الترويض.
ويورد جيمس كيركتشيك في تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز. تحت عنوان "ترامب يزعزع استقرار الاتحاد الأوروبي من الداخل ومن الخارج" ملاحظات أبداها بانون في مؤتمر عقد بالفاتيكان في 2014. حيث امتدح "الحركة العالمية لحزب الشاي" وهي حركة متطرفة. تشكلت لمقاومة الحكومات المركزية مثل الاتحاد الأوروبي. وأكد أن "الحركات القومية القوية في بعض الدول تسهم في ظهور حركات قوية في الدول المجاورة متجاهلا بذلك تاريخ أوروبا في القرن العشرين. الذي يثبت عكس ما يقول بانون.
ويشير البعض إلي انتقاد الرئيس الأمريكي الجديد للمادة الخامسة من اتفاقية الناتو. والتي تنص علي أن أي اعتداء علي عضو واحد بالحلف هو اعتداء علي جميع الأعضاء ويقولون إنه علي الرغم من أن وعود ترامب بإعادة بناء الجيش تعتمد علي المصداقية. فإن انتقاد المادة السابقة تدفع الأعداء للاعتقاد بأنه لا أحد سيدافع عن الحلفاء ويدعم ضمانات المعاهدة. وقيام ترامب بنثر بذور الشك حول حلف الأطلنطي سواء عن قصد أو بغير قصد يمنح بوتين الضوء الأخضر ويزيد من احتمالات نشوب النزاعات في القارة.
وربما لا يخفي علي أحد التطورات الأخيرة في أوكرانيا وتزايد حدة الصراع بين المعارضة والحكومة حيث اندلعت معارك طاحنة في أعقاب مكالمة هاتفية بين بوتين وترامب منذ أيام وهذا يثير شكوك الأوروبيين حيال التقارب الأمريكي الروسي وربما يوحي باتجاه أمريكا ترامب لتغيير التحالفات ولأصدقاء في المرحلة المقبلة.
وقبل انعقاد قمة مالطا تسربت "ورقة رؤية" وضعها المجلس الأوروبي الذي يضم في عضويته 28 دولة أوروبية. وتحذر هذه الورقة من أن الاتحاد الأوروبي يمر بنقطة تحول تاريخية ويواجه تحديات من داخله ومن خارجه علي حد سواء.
شكوك وتساؤلات
وتقول الورقة التي نشرت صحيفة الجارديان مضمونها: خارجيا تخلي العولمة -التي تقوم علي أساس المنافسة والتعاون المشترك -الطريق أمام التناحر والمواجهة والصراع مما يثير الشكوك والتساؤلات حول أسس النظام العالمي الراهن. القائم علي القواعد الدولية المتفق عليها.
وفي إحدي فقراتها تقول الورقة: إننا أيضا نواجه تحديات داخلية مهمة مثلما تتجلي في انسحاب بريطانيا من الاتحاد وفي هذه الفترة التي تشهد تحولات زلزالية عالمية يحتاج الاتحاد الأوروبي إلي القوة والعزيمة للحفاظ علي وحدته وتلبية تطلعات مواطنيه بشكل أفضل في مجالات الأمن والاقتصاد والتضامن الاجتماعي.
لقد جاءت قمة مالطا غير الرسمية. تمهيدا لقمة روما التي تعقد في أواخر مارس القادم.وتحتفل فيها الدول الأعضاء بالذكري الستين لتأسيس المجموعة الأوروبية وسيبحث فيها قادة القارة البيضاء مستقبل الاتحاد الأوروبي علي المدي الطويل. وفي ختام القمة سيصدر "إعلان روما" الذي يلزم الدول الأعضاء بمزيد من التكاتف السياسي لا أقل.
ووفقا للوثيقة فإن القادة مطالبون بالتفكير في حاجة الاتحاد الأوروبي لأن يكون لاعبا عالميا قويا علي الساحة الدولية مع تحقيق وحدة أكبر في السياسة الخارجية وضخ مزيد من الاستثمارات في شؤون الدفاع.
الواضح تماما أن دونالد ترامب مقتنع تمام الاقتناع بأن الولايات المتحدة يجري استغلالها من قبل بقية دول العالم وهو يتعهد بإعادة الأمور إلي نصابها الصحيح. وقال خلال إفطار صلاة مؤخرا: ان جميع دول العالم تقريبا. تستغلنا. وهذا لن يحدث بعد اليوم.!!!
خطر علي الديمقراطية
وعلي هذه الخلفية يحث بعض الزعماء الأوروبيين نظراءهم علي إدراك أن ترامب يمثل خطرا وخيما بالفعل. وهو خطرلا يهدد فقط بتدمير المشروع الأوروبي للتكامل والأمن القائم منذ 70 عاما ولكنه يقف بالمرصاد أمام كل شيء تقريبا. بما في ذلك الديمقراطية الليبرالية نفسها.
وقد أثار دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي ضجة واسعة. قبل انعقاد قمة فاليتا عندما كتب رسالة بعث بها لقادة الكتلة الأوربية يحذرهم فيها من أن إدارة ترامب تشكل خطرا يقف علي قدم المساواة مع خطر الصين الصاعد حديثا وروسيا العدوانية والحروب والإرهاب والفوضي في الشرق الأوسط وأفريقيا.
لكن. هل ينقلب السحر علي الساحر. ويعاني ترامب ورجال إدارته من تداعيات هذه التصريحات. بعد أن يجدوا بعض الولايات الأمريكية نفسها تطالب بالانفصال والاستقلال عن الحكومة الاتحادية؟
في تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية. يقول الكاتب ديفيد أوزبورن إن لسان حال سكان ولاية كاليفورنيا. يردد أغنية الفنان الأمريكي الشهير جون دنفر "مغادر علي طائرة نفاثة" وذلك كناية عن رغبة الولاية في الحصول علي استقلالها من الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة.
وربما تبدو حركة "كاليكزيت" التي تطالب بانفصال كاليفورنيا غريبة لأنها تعزف علي وتر حركة "البريكزيت" التي انتهت بانفصال بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأحيانا ما تكتسب الحركات الانفصالية زخما غير متوقع وذات يوم دخلت مقاطعة كيبيك علي الخط وطالبت بالانفصال عن كندا. وهناك أيضا اسكتلندا.
ان العواطف يمكن أن تصيب الحس السليم بحالة من الضبابية والتعتيم. لقد كان سكان كويبك غاضبين لعدم احترام لغتهم الفرنسية والتقليل من وزنهم الاقتصادي وقد خسر ترامب انتخابات كاليفورنيا بفارق 4ملايين صوت. ويعتقد السكان الذين يضمون ربع اجمالي المهاجرين في الولايات المتحد بأنهم يمكن أن يديروا شئونهم بأنفسهم بشكل جيد وقد بدأت بالفعل حملة لجمع توقيعات بالموافقة علي إجراء استفتاء حول انفصال الولاية بالتزامن مع انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر من العام المقبل.
أسئلة عديدة
وعلي أية حال. ومهما كان موقف كاليفورنيا بالانفصال عن الولايات المتحدة أو عدمه فإن تصريحات إدارة ترامب حول تأييد انفصال بريطانيا وتفكيك الاتحاد الأوروبي. يثير العديد من الأسئلة:
- هل وصلت الولايات المتحدة إلي القوة العسكرية والاقتصادية التي تجعلها تضحي بالاتحاد الأوروبي أكبر حلفائها علي وجه الكرة الأرضية. وبهذه السهولة؟ وكذلك تجعلها تضحي بحلف الأطلنطي؟
- ويمكن صياغة السؤال بطريقة عكسية. وهو: هل أصبحت الولايات المتحدة تخشي من تنامي قوة الاتحاد الأوروبي. فيتحول إلي خطر علي أمريكا نفسها؟
- وهل أصبحت القارة الأوروبية عبئا ماديا ودفاعياعلي الولايات المتحدة حسبما يردد ترامب خصوصا بعد انهيار حلف وارسو الذي كان يحقق التوازن الاستراتيجي والعسكري أمام حلف الأطلنطي أو الذي كان يبرر استمرارية قيام حلف الأطلنطي؟
- إذا كان كل فعل يبدأ بكلمة أو بفكرة. فهل معني التصريحات الأمريكية أن العد التنازلي قد بدأ فعلا لتفكيك الاتحاد الأوروبي وأن رياح الانهيار بدأت تهب علي الاتحاد الأوروبي مثلما حدث مع الاتحاد السوفيتي؟
- هل يستسلم الأوروبيون للمخططات والاستراتيجيات الأمريكية أم أنهم استوعبوا درس انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد أمريكا بالهيمنة علي العالم؟
- هل تتفكك عري حلف الأطلنطي. ويحتفط الاتحاد الأوروبي بوحدته. ليصبح قطبا جديدا مستقلا إلي جانب الأقطاب العالمية الأخري كأمريكا وروسيا والصين؟
وهل سيؤدي ذلك إلي زيادة هامش المناورة أمام الدول الصغيرة في وجود عالم متعدد الأقطاب أم يضيق هذا الهامش وينحسر لو حدث وتفكك الاتحاد الأوروبي وتحقق التقارب الأمريكي الروسي الذي يسعي إليه ترامب حاليا؟
لا شك في أن السنوات القليلة المقبلة حبلي بالكثير والكثير مما يصعب توقعه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.