الإدارية العليا نظر 31 طعنا على 19 دائرة ملغاة في انتخابات النواب    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    رئيسة القومي لذوي الإعاقة تشدد على الاستجابة الفورية لشكاوى المواطنين    تعرف عليها.. فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق بقنا    وزير البترول: تأمين احتياجات الطاقة لمدة 5 سنوات ورفع المتجددة إلى 42%    ارتفاع معظم مؤشرات البورصة قبل ساعة من ختام تعاملات الإثنين    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    لأول مرة.. الرقابة المالية عضو في فريق عمل فجوة الحماية التأمينية بالمنظمة الدولية لمراقبي التأمين IAIS    رئيس سلوفاكيا يعلن مصرع أحد مواطنى بلاده فى هجوم سيدنى باستراليا    "المشاط": اللجان المشتركة أداة فعالة للدبلوماسية الاقتصادية لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين مصر وشركائها    محمود ناجي يدير مباراة مصر ونيجيريا غدا    شيكابالا: "الزمالك عمره ما هيقع"    مدينتي تستضيف انطلاق مبادرة "احنا معاكم" لدعم مرضى الزهايمر (فيديو)    القبض على سيدة لإدارتها نادى صحي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة    أول دفعة للبكالوريا المصرية.. إليك شكل الامتحانات ونظام الدرجات.. فيديو    تموين الأقصر تضبط 2.5 طن سماد مخصص للجمعيات الزراعية في مخزن بمدينة إسنا    مفتي كازاخستان: الفتوى في ليست مجرد رأي عابر بل حكم شرعي شديد المسؤولية    عادل إمام يغيب عن جنازة شقيقته أرملة مصطفى متولي    وزير الثقافة يشارك في جنازة الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    بهذة الطريقة.. الأعلامية ريهام سعيد توجه رساله للفنان أحمد العوضي    أطعمة شتوية ضرورية لتعزيز المناعة والوقاية من أمراض البرد    مجمع إعلام دمياط يطلق حملة "حمايتهم واجبنا" لتوفير بيئة آمنة للأطفال    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    تنظيم داعش يعلن مسئوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الأمن السورية في إدلب    محمود ناجي حكم ودية مصر ونيجيريا    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    محافظ المنوفية: ضبط مخزنين بقويسنا والباجور لحيازتهم مواد غذائية مجهولة المصدر    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    بالفيديو.. الأوقاف: كل نشاط للوزارة يهدف إلى مكافحة كل أشكال التطرف    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    القبض على المتهمين بقتل تاجر ماشية في البحيرة    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم    "حقوق المرأة في التشريعات المصرية" ندوة توعوية بجامعة بنها    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    شيكابالا ينشر فيديو تكريمه من رابطة جماهير الزمالك في قطر    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"رياح التفكيك" تهب علي الاتحاد الأوروبي
نشر في المساء يوم 15 - 02 - 2017

في الثالث من هذا الشهر شهدت مدينة فاليتا. عاصمة مالطا. قمة غير رسمية لقادة أوروبا ورؤساء حكوماتها. ونظرا لأجواء الصخب والضجيج التي يثيرها دونالد ترامب وسياساته في وسائل الإعلام العالمية. لم تحظ هذه القمة بالاهتمام الكافي إذ لاتزال تسيطر علي موجات الأثير وكابلات الإنترنت أصداء قرار ترامب بمنع استقبال المهاجرين من سبع دول إسلامية ورفض القضاء الأمريكي هذا القرار.
وقد خصص اجتماع فاليتا لمناقشة التحديات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة. وقبل الاجتماع بأيام عقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند مؤتمرا صحفيا مشتركا في برلين. أكدا فيه ذلك. حيث وجها الدعوة لوحدة الصف داخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات التي تفرضها رئاسة ترامب للولايات المتحدة وخروج بريطانيا من الاتحاد.
وتحدث الاثنان عن الحاجة إلي مواجهة المشكلات الجديدة من خلال الدفاع عن التجارة الحرة والمجتمع الحر وتعزيز القيم والمصالح الأوروبية في مواجهة رئاسة ترامب.
وعقب القمة غير الرسمية في فاليتا. صرح دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي بأن القمة ناقشت مستقبل أوروبا مشيرا إلي أن التطورات علي الساحة الدولية "تذكرنا بمدي أهمية أن يظل الاتحاد الأوروبي قويا" وقال إن التعاون عبر الأطلنطي يمثل أولوية مطلقة. لأنه لايزال يمثل دعامة رئيسية للعالم الحر وفي الوقت نفسه "ندرك أننا اليوم ليس لدينا خيار آخر سوي استعادة ثقتنا في قوتنا الذاتية.
وكانت قد نشبت أزمة بين بروكسل العاصمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي وبين واشنطن وذلك في أعقاب تصريح أدلي به تيد مالوك الذي وقع عليه اختيار دونالد ترامب ليكون سفيرا للولايات المتحدة لدي الاتحاد الأوروبي. وفي هذا التصريح الذي أدلي به مالوك لمجلة دير شبيجل الألمانية توقع الرجل انهيار الاتحاد الأوروبي خلال عامين مستشهدا بخروج بريطانيا من الاتحاد كما توقع خروج كل من فرنسا واليونان وغيرهما وقال إن العملة الأوروبية الموحدة تجربة فاشلة وأنه لو كان يعمل لحساب بنك استثماري فسيكون رهانه ضد اليورو.
وعلي خلفية هذه التصريحات الخطيرة دعا أعضاء البرلمان الأوروبي قادة الاتحاد لرفض تعيين مالوك سفيرا للولايات المتحدة لديه ورد مالوك في مقابلة مع شبكة آر تي بأن الدول هي التي تختار سفراءها لدي الدول والمنظمات الأخري وليس العكس.
والواضح أنه مع تطور الظروف الدولية وزوال الخطر السوفيتي وتنامي القوة الأمريكية إلي درجة غير مسبوقة. يبدو أن بعض الدوائر في الولايات المتحدة بدأت تري في الاتحاد الأوروبي خطرا علي مصالح أمريكا. أو تري أنه قد يشكل خطرا عليها في المستقبل أو تري أنها لم تعد بحاجة للتحالف معه. مثلما بدأت الولايات المتحدة تري في حلف الأطلنطي عبئا ماديا وعسكريا عليها.
من هنا ليس بغريب أن يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبعض مساعديه علي العالم بمقولات تدعو إلي تفكيك الاتحاد الأوروبي وتردد بأن حلف الأطلنطي قد عفَي عليه الزمن!
ومن يتأمل مسيرة النظام العالمي منذ حقبة الحرب الباردة يجد أن استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية تقوم علي أساس القضاء علي القوي المنافسة أو التي يحتمل أن تكون منافسة أو تشكل تهديدا للولايات المتحدة كقوة عظمي في العالم.
ومن أوضح الأدلة علي هذه الاستراتيجية ما جري من القضاء علي الإمبراطورية السوفيتية وحلف وارسو عندما أصدر مجلس السوفييت الأعلي في 26 ديسمبر 1991 إعلانا يعترف فيه باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة. وبعدها جري تفكيك الاتحاد اليوغسلافي ثم تقسيم وتفتيت العراق وكذلك ما يجري حاليا في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول وكل هذه الدول كانت تري فيها أمريكا تهديدا لمصالحها وخطرا يعترض. بصورة أو بأخري. سعيها للهيمنة علي العالم وصنفت واشنطن هذه الدول تحت مسميات مختلفة مثل "الدول المارقة" أو الدول الراعية للإرهاب.
وفي سبيل القضاء علي هذه القوي المنافسة أو المناوئة للهيمنة الأمريكية أقامت الولايات المتحدة تحالفات مع قوي أخري لمساعدتها في تحقيق غاياتها وأهدافها. ولعل أوضح هذه التحالفات وأهمها. حلف شمال الأطلنطي "الناتو" كما دعمت أمريكا نشأة الاتحاد الأوروبي. حيث كانت البداية بتأسيس المجموعة الأوروبية في أواخر الخمسينيات.وتوج ذلك بتوقيع اتفاقية ماسترخت في ديسمبر 1991 أيضا التي تم علي أساسها إعلان قيام الاتحاد الأوروبي.
وكما سبق القول يبدو أن هذه الكيانات التي أيدت أمريكا قيامها كالاتحاد الأوروبي أو كانت طرفا أساسيا فيها. مثل حلف شمال الأطلنطي لم يعد لها فائدة بالنسبة للولايات المتحدة أو ربما أصبحت تلك الكيانات هي الخطر الذي قد يمثل تهديدا للولايات المتحدة.أو يشكل عبئا علي ميزانيتها وعلي قواتها.
انتقادات لاذعة
وبالعودة إلي قمة مالطا تشير التقارير إلي أن القادة الأوروبيين شنوا سلسلة من الانتقادات اللاذعة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث اتهموه بانه يعوزه الاحترام. ورفضوا محاولات رئيسة وزراء بريطانيا. تيريزا ماي أن تجعل من نفسها جسرا للتواصل بين مع الرئيس الأمريكي الجديد في القمة.
وقد سخر قادة ورؤساء حكومات الدول الأوروبية من سلوكيات ترامب وحذر أولاند من أنه لا مستقبل للعلاقات الأوروبية مع أمريكا. ما لم يتم تحديد القواسم المشتركة لهذه العلاقات.
وعندما طالبت رئيسة الوزراء البريطانية ماي القادة الأوروبيين بالعمل بشكل إيجابي والصبر مع الرئيس الأمريكي الجديد قال الرئيس الفرنسي في تصريحات للصحفيين ان القضية لا تتعلق بمطالبة دولة. أيا كانت. بأن تمثل الاتحاد الأوروبي في علاقاته بالولايات المتحدة. في هذه الحالة فإن فرنسا هي العضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن وهي عضو بالاتحاد الأوروبي الذي انسحبت منه بريطانيا.
وفي الوقت نفسه قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إن التركيز ينصب علي إجابة السؤال: أين نحن كاتحاد أوروبي؟ يجب أن يكون لنا موقف مشترك وأن نركز علي أن يكون مصيرنا بأيدينا وأن نعزز دفاعنا المشترك.
وتشير بعض التقارير إلي أن الأوروبيين يرون أن أشخاصا من أمثال مالوك وستيف بانون كبير فريق المستشارين الاستراتيجيين لترامب وعضو مجلس الأمن القومي الأمريكي لا يريدون فقط قطع علاقات أمريكا بالاتحاد الأوروبي وإنما هم من وجهة نظر دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يريدون تدمير الاتحاد الأوروبي. بالقدر نفسه الذي يريدون به القضاء علي الجهاديين المتطرفين أو علي فلاديمير بوتين.
ويقول باتريك وينتور في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية. إن هذه ليست سياسة عدم تدخل. فالسياسة الأمريكية هدفها الإشراف علي تفكيك وحل الاتحاد الأوروبي. مستخدمة منبر الرئاسة وموقع بريتبارت Breitbart "موقع أمريكي يميني متطرف". للتهليل للقوي الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا. ولا شك في أن الانتصارات التي حققتها الأحزاب القومية. في هولندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا هذا العام تسهم فيي انهيار الاتحاد الأوروبي. وهذه التوجهات سيتم تشجيعها من قبل الولايات المتحدة.
يؤيد ما سبق. تصريحات مالوك التي قال فيها لشبكة بي بي سي البريطانية: لقد أسهمت خلال شغلي منصبا دبلوماسيا سابقا في إسقاط الاتحاد السوفيتي. وربما كان هناك اتحاد آخر بحاجة إلي قليل من الترويض.
ويورد جيمس كيركتشيك في تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز. تحت عنوان "ترامب يزعزع استقرار الاتحاد الأوروبي من الداخل ومن الخارج" ملاحظات أبداها بانون في مؤتمر عقد بالفاتيكان في 2014. حيث امتدح "الحركة العالمية لحزب الشاي" وهي حركة متطرفة. تشكلت لمقاومة الحكومات المركزية مثل الاتحاد الأوروبي. وأكد أن "الحركات القومية القوية في بعض الدول تسهم في ظهور حركات قوية في الدول المجاورة متجاهلا بذلك تاريخ أوروبا في القرن العشرين. الذي يثبت عكس ما يقول بانون.
ويشير البعض إلي انتقاد الرئيس الأمريكي الجديد للمادة الخامسة من اتفاقية الناتو. والتي تنص علي أن أي اعتداء علي عضو واحد بالحلف هو اعتداء علي جميع الأعضاء ويقولون إنه علي الرغم من أن وعود ترامب بإعادة بناء الجيش تعتمد علي المصداقية. فإن انتقاد المادة السابقة تدفع الأعداء للاعتقاد بأنه لا أحد سيدافع عن الحلفاء ويدعم ضمانات المعاهدة. وقيام ترامب بنثر بذور الشك حول حلف الأطلنطي سواء عن قصد أو بغير قصد يمنح بوتين الضوء الأخضر ويزيد من احتمالات نشوب النزاعات في القارة.
وربما لا يخفي علي أحد التطورات الأخيرة في أوكرانيا وتزايد حدة الصراع بين المعارضة والحكومة حيث اندلعت معارك طاحنة في أعقاب مكالمة هاتفية بين بوتين وترامب منذ أيام وهذا يثير شكوك الأوروبيين حيال التقارب الأمريكي الروسي وربما يوحي باتجاه أمريكا ترامب لتغيير التحالفات ولأصدقاء في المرحلة المقبلة.
وقبل انعقاد قمة مالطا تسربت "ورقة رؤية" وضعها المجلس الأوروبي الذي يضم في عضويته 28 دولة أوروبية. وتحذر هذه الورقة من أن الاتحاد الأوروبي يمر بنقطة تحول تاريخية ويواجه تحديات من داخله ومن خارجه علي حد سواء.
شكوك وتساؤلات
وتقول الورقة التي نشرت صحيفة الجارديان مضمونها: خارجيا تخلي العولمة -التي تقوم علي أساس المنافسة والتعاون المشترك -الطريق أمام التناحر والمواجهة والصراع مما يثير الشكوك والتساؤلات حول أسس النظام العالمي الراهن. القائم علي القواعد الدولية المتفق عليها.
وفي إحدي فقراتها تقول الورقة: إننا أيضا نواجه تحديات داخلية مهمة مثلما تتجلي في انسحاب بريطانيا من الاتحاد وفي هذه الفترة التي تشهد تحولات زلزالية عالمية يحتاج الاتحاد الأوروبي إلي القوة والعزيمة للحفاظ علي وحدته وتلبية تطلعات مواطنيه بشكل أفضل في مجالات الأمن والاقتصاد والتضامن الاجتماعي.
لقد جاءت قمة مالطا غير الرسمية. تمهيدا لقمة روما التي تعقد في أواخر مارس القادم.وتحتفل فيها الدول الأعضاء بالذكري الستين لتأسيس المجموعة الأوروبية وسيبحث فيها قادة القارة البيضاء مستقبل الاتحاد الأوروبي علي المدي الطويل. وفي ختام القمة سيصدر "إعلان روما" الذي يلزم الدول الأعضاء بمزيد من التكاتف السياسي لا أقل.
ووفقا للوثيقة فإن القادة مطالبون بالتفكير في حاجة الاتحاد الأوروبي لأن يكون لاعبا عالميا قويا علي الساحة الدولية مع تحقيق وحدة أكبر في السياسة الخارجية وضخ مزيد من الاستثمارات في شؤون الدفاع.
الواضح تماما أن دونالد ترامب مقتنع تمام الاقتناع بأن الولايات المتحدة يجري استغلالها من قبل بقية دول العالم وهو يتعهد بإعادة الأمور إلي نصابها الصحيح. وقال خلال إفطار صلاة مؤخرا: ان جميع دول العالم تقريبا. تستغلنا. وهذا لن يحدث بعد اليوم.!!!
خطر علي الديمقراطية
وعلي هذه الخلفية يحث بعض الزعماء الأوروبيين نظراءهم علي إدراك أن ترامب يمثل خطرا وخيما بالفعل. وهو خطرلا يهدد فقط بتدمير المشروع الأوروبي للتكامل والأمن القائم منذ 70 عاما ولكنه يقف بالمرصاد أمام كل شيء تقريبا. بما في ذلك الديمقراطية الليبرالية نفسها.
وقد أثار دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي ضجة واسعة. قبل انعقاد قمة فاليتا عندما كتب رسالة بعث بها لقادة الكتلة الأوربية يحذرهم فيها من أن إدارة ترامب تشكل خطرا يقف علي قدم المساواة مع خطر الصين الصاعد حديثا وروسيا العدوانية والحروب والإرهاب والفوضي في الشرق الأوسط وأفريقيا.
لكن. هل ينقلب السحر علي الساحر. ويعاني ترامب ورجال إدارته من تداعيات هذه التصريحات. بعد أن يجدوا بعض الولايات الأمريكية نفسها تطالب بالانفصال والاستقلال عن الحكومة الاتحادية؟
في تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية. يقول الكاتب ديفيد أوزبورن إن لسان حال سكان ولاية كاليفورنيا. يردد أغنية الفنان الأمريكي الشهير جون دنفر "مغادر علي طائرة نفاثة" وذلك كناية عن رغبة الولاية في الحصول علي استقلالها من الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة.
وربما تبدو حركة "كاليكزيت" التي تطالب بانفصال كاليفورنيا غريبة لأنها تعزف علي وتر حركة "البريكزيت" التي انتهت بانفصال بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأحيانا ما تكتسب الحركات الانفصالية زخما غير متوقع وذات يوم دخلت مقاطعة كيبيك علي الخط وطالبت بالانفصال عن كندا. وهناك أيضا اسكتلندا.
ان العواطف يمكن أن تصيب الحس السليم بحالة من الضبابية والتعتيم. لقد كان سكان كويبك غاضبين لعدم احترام لغتهم الفرنسية والتقليل من وزنهم الاقتصادي وقد خسر ترامب انتخابات كاليفورنيا بفارق 4ملايين صوت. ويعتقد السكان الذين يضمون ربع اجمالي المهاجرين في الولايات المتحد بأنهم يمكن أن يديروا شئونهم بأنفسهم بشكل جيد وقد بدأت بالفعل حملة لجمع توقيعات بالموافقة علي إجراء استفتاء حول انفصال الولاية بالتزامن مع انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر من العام المقبل.
أسئلة عديدة
وعلي أية حال. ومهما كان موقف كاليفورنيا بالانفصال عن الولايات المتحدة أو عدمه فإن تصريحات إدارة ترامب حول تأييد انفصال بريطانيا وتفكيك الاتحاد الأوروبي. يثير العديد من الأسئلة:
- هل وصلت الولايات المتحدة إلي القوة العسكرية والاقتصادية التي تجعلها تضحي بالاتحاد الأوروبي أكبر حلفائها علي وجه الكرة الأرضية. وبهذه السهولة؟ وكذلك تجعلها تضحي بحلف الأطلنطي؟
- ويمكن صياغة السؤال بطريقة عكسية. وهو: هل أصبحت الولايات المتحدة تخشي من تنامي قوة الاتحاد الأوروبي. فيتحول إلي خطر علي أمريكا نفسها؟
- وهل أصبحت القارة الأوروبية عبئا ماديا ودفاعياعلي الولايات المتحدة حسبما يردد ترامب خصوصا بعد انهيار حلف وارسو الذي كان يحقق التوازن الاستراتيجي والعسكري أمام حلف الأطلنطي أو الذي كان يبرر استمرارية قيام حلف الأطلنطي؟
- إذا كان كل فعل يبدأ بكلمة أو بفكرة. فهل معني التصريحات الأمريكية أن العد التنازلي قد بدأ فعلا لتفكيك الاتحاد الأوروبي وأن رياح الانهيار بدأت تهب علي الاتحاد الأوروبي مثلما حدث مع الاتحاد السوفيتي؟
- هل يستسلم الأوروبيون للمخططات والاستراتيجيات الأمريكية أم أنهم استوعبوا درس انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد أمريكا بالهيمنة علي العالم؟
- هل تتفكك عري حلف الأطلنطي. ويحتفط الاتحاد الأوروبي بوحدته. ليصبح قطبا جديدا مستقلا إلي جانب الأقطاب العالمية الأخري كأمريكا وروسيا والصين؟
وهل سيؤدي ذلك إلي زيادة هامش المناورة أمام الدول الصغيرة في وجود عالم متعدد الأقطاب أم يضيق هذا الهامش وينحسر لو حدث وتفكك الاتحاد الأوروبي وتحقق التقارب الأمريكي الروسي الذي يسعي إليه ترامب حاليا؟
لا شك في أن السنوات القليلة المقبلة حبلي بالكثير والكثير مما يصعب توقعه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.