القائمة النهائية لمرشحي دوائر محافظة المنيا عن النظام الفردي    المنوفي: التعاون المصري الأوروبي يدعم استقرار سلاسل الإمداد ويزيد تنافسية المنتجات المصرية    أسعار السكر المدعم ونصيب كل فرد شهريًا    محمد مصطفى أبو شامة: مصر تبذل جهودا حثيثة لترتيب البيت الفلسطينى    قائمة الزمالك لمواجهة ديكيداها الصومالي تشهد تواجد بارون أوشينج    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالشرقية    «نوة المكنسة على الأبواب».. محافظ الإسكندرية يشهد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا للشتاء (صور)    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: سيارة تدهش مُسنًا وعجوزًا.. وإحالة سائقين للمفتي    جدول مباريات منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا 2025    تعليمات بتبسيط الإجراءات للمواطنين الجادين في تقنين أوضاع الأراضي في كفرالشيخ    «طبعا أحباب».. دار الأوبرا تحتضن حفل مروة ناجي ب مهرجان الموسيقى العربية    بحضور وزير الثقافة.. المجلس القومي للمرأة ينظم ندوة «رسائل.. نساء أكتوبر»    «حرامية مشاعر».. أبراج تخطف القلوب بسهولة وتترك وراءها حبًا معلقًا    «الشكر عند بداية النعمة».. خالد الجندي يوضح الفرق بين الحمد والشكر    إزاي نصحى لصلاة الفجر بسهولة؟ أمين الفتوى يوضح 4 خطوات عملية    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب    وكيل صحة شمال سيناء في جولة على مخازن الأدوية لضمان الاستدامة    طريقة عمل البانيه بخطوات سهلة.. أسرار المطاعم لقرمشة لا تُقاوم وطعم لا يُنسى    قافلة شاملة توقع الكشف الطبي المجاني على أهالي قرية الزُّورة في المنيا    الأطباء: قبول طلاب الطب دون توفير فرص تدريب كافٍ جريمة في حق المريض والمهنة    المحكمة الإدارية العليا تؤيد استبعاد هيثم الحريرى من الترشح لمجلس النواب    وكيل تعليم بالغربية: تعزيز التفاعل الإيجابي داخل الفصول مع الطلاب    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    انفجار داخل مصنع وسط روسيا يسقط 10 قتلى    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    عبد المنعم سعيد: الحزب الجمهوري يرفض إرسال جنود أمريكيين لمناطق نزاع جديدة    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    منها «نزع ملكية عقار».. الجريدة الرسمية تنشر 5 قرارات جديدة لرئيس الوزراء (تفاصيل)    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    موعد مباراة منتخب مصر للكرة النسائية وغانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء "الأسرة".. صور    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    من هو الشيخ صالح الفوزان مفتي السعودية الجديد؟    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تجدد القصف الإسرائيلي على خانيونس وغزة رغم وقف إطلاق النار    "معلومات الوزراء" يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول تأثير الرقمنة على سوق العمل بالدول العربية    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"رياح التفكيك" تهب علي الاتحاد الأوروبي
نشر في المساء يوم 15 - 02 - 2017

في الثالث من هذا الشهر شهدت مدينة فاليتا. عاصمة مالطا. قمة غير رسمية لقادة أوروبا ورؤساء حكوماتها. ونظرا لأجواء الصخب والضجيج التي يثيرها دونالد ترامب وسياساته في وسائل الإعلام العالمية. لم تحظ هذه القمة بالاهتمام الكافي إذ لاتزال تسيطر علي موجات الأثير وكابلات الإنترنت أصداء قرار ترامب بمنع استقبال المهاجرين من سبع دول إسلامية ورفض القضاء الأمريكي هذا القرار.
وقد خصص اجتماع فاليتا لمناقشة التحديات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة. وقبل الاجتماع بأيام عقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند مؤتمرا صحفيا مشتركا في برلين. أكدا فيه ذلك. حيث وجها الدعوة لوحدة الصف داخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات التي تفرضها رئاسة ترامب للولايات المتحدة وخروج بريطانيا من الاتحاد.
وتحدث الاثنان عن الحاجة إلي مواجهة المشكلات الجديدة من خلال الدفاع عن التجارة الحرة والمجتمع الحر وتعزيز القيم والمصالح الأوروبية في مواجهة رئاسة ترامب.
وعقب القمة غير الرسمية في فاليتا. صرح دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي بأن القمة ناقشت مستقبل أوروبا مشيرا إلي أن التطورات علي الساحة الدولية "تذكرنا بمدي أهمية أن يظل الاتحاد الأوروبي قويا" وقال إن التعاون عبر الأطلنطي يمثل أولوية مطلقة. لأنه لايزال يمثل دعامة رئيسية للعالم الحر وفي الوقت نفسه "ندرك أننا اليوم ليس لدينا خيار آخر سوي استعادة ثقتنا في قوتنا الذاتية.
وكانت قد نشبت أزمة بين بروكسل العاصمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي وبين واشنطن وذلك في أعقاب تصريح أدلي به تيد مالوك الذي وقع عليه اختيار دونالد ترامب ليكون سفيرا للولايات المتحدة لدي الاتحاد الأوروبي. وفي هذا التصريح الذي أدلي به مالوك لمجلة دير شبيجل الألمانية توقع الرجل انهيار الاتحاد الأوروبي خلال عامين مستشهدا بخروج بريطانيا من الاتحاد كما توقع خروج كل من فرنسا واليونان وغيرهما وقال إن العملة الأوروبية الموحدة تجربة فاشلة وأنه لو كان يعمل لحساب بنك استثماري فسيكون رهانه ضد اليورو.
وعلي خلفية هذه التصريحات الخطيرة دعا أعضاء البرلمان الأوروبي قادة الاتحاد لرفض تعيين مالوك سفيرا للولايات المتحدة لديه ورد مالوك في مقابلة مع شبكة آر تي بأن الدول هي التي تختار سفراءها لدي الدول والمنظمات الأخري وليس العكس.
والواضح أنه مع تطور الظروف الدولية وزوال الخطر السوفيتي وتنامي القوة الأمريكية إلي درجة غير مسبوقة. يبدو أن بعض الدوائر في الولايات المتحدة بدأت تري في الاتحاد الأوروبي خطرا علي مصالح أمريكا. أو تري أنه قد يشكل خطرا عليها في المستقبل أو تري أنها لم تعد بحاجة للتحالف معه. مثلما بدأت الولايات المتحدة تري في حلف الأطلنطي عبئا ماديا وعسكريا عليها.
من هنا ليس بغريب أن يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبعض مساعديه علي العالم بمقولات تدعو إلي تفكيك الاتحاد الأوروبي وتردد بأن حلف الأطلنطي قد عفَي عليه الزمن!
ومن يتأمل مسيرة النظام العالمي منذ حقبة الحرب الباردة يجد أن استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية تقوم علي أساس القضاء علي القوي المنافسة أو التي يحتمل أن تكون منافسة أو تشكل تهديدا للولايات المتحدة كقوة عظمي في العالم.
ومن أوضح الأدلة علي هذه الاستراتيجية ما جري من القضاء علي الإمبراطورية السوفيتية وحلف وارسو عندما أصدر مجلس السوفييت الأعلي في 26 ديسمبر 1991 إعلانا يعترف فيه باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة. وبعدها جري تفكيك الاتحاد اليوغسلافي ثم تقسيم وتفتيت العراق وكذلك ما يجري حاليا في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول وكل هذه الدول كانت تري فيها أمريكا تهديدا لمصالحها وخطرا يعترض. بصورة أو بأخري. سعيها للهيمنة علي العالم وصنفت واشنطن هذه الدول تحت مسميات مختلفة مثل "الدول المارقة" أو الدول الراعية للإرهاب.
وفي سبيل القضاء علي هذه القوي المنافسة أو المناوئة للهيمنة الأمريكية أقامت الولايات المتحدة تحالفات مع قوي أخري لمساعدتها في تحقيق غاياتها وأهدافها. ولعل أوضح هذه التحالفات وأهمها. حلف شمال الأطلنطي "الناتو" كما دعمت أمريكا نشأة الاتحاد الأوروبي. حيث كانت البداية بتأسيس المجموعة الأوروبية في أواخر الخمسينيات.وتوج ذلك بتوقيع اتفاقية ماسترخت في ديسمبر 1991 أيضا التي تم علي أساسها إعلان قيام الاتحاد الأوروبي.
وكما سبق القول يبدو أن هذه الكيانات التي أيدت أمريكا قيامها كالاتحاد الأوروبي أو كانت طرفا أساسيا فيها. مثل حلف شمال الأطلنطي لم يعد لها فائدة بالنسبة للولايات المتحدة أو ربما أصبحت تلك الكيانات هي الخطر الذي قد يمثل تهديدا للولايات المتحدة.أو يشكل عبئا علي ميزانيتها وعلي قواتها.
انتقادات لاذعة
وبالعودة إلي قمة مالطا تشير التقارير إلي أن القادة الأوروبيين شنوا سلسلة من الانتقادات اللاذعة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث اتهموه بانه يعوزه الاحترام. ورفضوا محاولات رئيسة وزراء بريطانيا. تيريزا ماي أن تجعل من نفسها جسرا للتواصل بين مع الرئيس الأمريكي الجديد في القمة.
وقد سخر قادة ورؤساء حكومات الدول الأوروبية من سلوكيات ترامب وحذر أولاند من أنه لا مستقبل للعلاقات الأوروبية مع أمريكا. ما لم يتم تحديد القواسم المشتركة لهذه العلاقات.
وعندما طالبت رئيسة الوزراء البريطانية ماي القادة الأوروبيين بالعمل بشكل إيجابي والصبر مع الرئيس الأمريكي الجديد قال الرئيس الفرنسي في تصريحات للصحفيين ان القضية لا تتعلق بمطالبة دولة. أيا كانت. بأن تمثل الاتحاد الأوروبي في علاقاته بالولايات المتحدة. في هذه الحالة فإن فرنسا هي العضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن وهي عضو بالاتحاد الأوروبي الذي انسحبت منه بريطانيا.
وفي الوقت نفسه قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إن التركيز ينصب علي إجابة السؤال: أين نحن كاتحاد أوروبي؟ يجب أن يكون لنا موقف مشترك وأن نركز علي أن يكون مصيرنا بأيدينا وأن نعزز دفاعنا المشترك.
وتشير بعض التقارير إلي أن الأوروبيين يرون أن أشخاصا من أمثال مالوك وستيف بانون كبير فريق المستشارين الاستراتيجيين لترامب وعضو مجلس الأمن القومي الأمريكي لا يريدون فقط قطع علاقات أمريكا بالاتحاد الأوروبي وإنما هم من وجهة نظر دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يريدون تدمير الاتحاد الأوروبي. بالقدر نفسه الذي يريدون به القضاء علي الجهاديين المتطرفين أو علي فلاديمير بوتين.
ويقول باتريك وينتور في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية. إن هذه ليست سياسة عدم تدخل. فالسياسة الأمريكية هدفها الإشراف علي تفكيك وحل الاتحاد الأوروبي. مستخدمة منبر الرئاسة وموقع بريتبارت Breitbart "موقع أمريكي يميني متطرف". للتهليل للقوي الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا. ولا شك في أن الانتصارات التي حققتها الأحزاب القومية. في هولندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا هذا العام تسهم فيي انهيار الاتحاد الأوروبي. وهذه التوجهات سيتم تشجيعها من قبل الولايات المتحدة.
يؤيد ما سبق. تصريحات مالوك التي قال فيها لشبكة بي بي سي البريطانية: لقد أسهمت خلال شغلي منصبا دبلوماسيا سابقا في إسقاط الاتحاد السوفيتي. وربما كان هناك اتحاد آخر بحاجة إلي قليل من الترويض.
ويورد جيمس كيركتشيك في تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز. تحت عنوان "ترامب يزعزع استقرار الاتحاد الأوروبي من الداخل ومن الخارج" ملاحظات أبداها بانون في مؤتمر عقد بالفاتيكان في 2014. حيث امتدح "الحركة العالمية لحزب الشاي" وهي حركة متطرفة. تشكلت لمقاومة الحكومات المركزية مثل الاتحاد الأوروبي. وأكد أن "الحركات القومية القوية في بعض الدول تسهم في ظهور حركات قوية في الدول المجاورة متجاهلا بذلك تاريخ أوروبا في القرن العشرين. الذي يثبت عكس ما يقول بانون.
ويشير البعض إلي انتقاد الرئيس الأمريكي الجديد للمادة الخامسة من اتفاقية الناتو. والتي تنص علي أن أي اعتداء علي عضو واحد بالحلف هو اعتداء علي جميع الأعضاء ويقولون إنه علي الرغم من أن وعود ترامب بإعادة بناء الجيش تعتمد علي المصداقية. فإن انتقاد المادة السابقة تدفع الأعداء للاعتقاد بأنه لا أحد سيدافع عن الحلفاء ويدعم ضمانات المعاهدة. وقيام ترامب بنثر بذور الشك حول حلف الأطلنطي سواء عن قصد أو بغير قصد يمنح بوتين الضوء الأخضر ويزيد من احتمالات نشوب النزاعات في القارة.
وربما لا يخفي علي أحد التطورات الأخيرة في أوكرانيا وتزايد حدة الصراع بين المعارضة والحكومة حيث اندلعت معارك طاحنة في أعقاب مكالمة هاتفية بين بوتين وترامب منذ أيام وهذا يثير شكوك الأوروبيين حيال التقارب الأمريكي الروسي وربما يوحي باتجاه أمريكا ترامب لتغيير التحالفات ولأصدقاء في المرحلة المقبلة.
وقبل انعقاد قمة مالطا تسربت "ورقة رؤية" وضعها المجلس الأوروبي الذي يضم في عضويته 28 دولة أوروبية. وتحذر هذه الورقة من أن الاتحاد الأوروبي يمر بنقطة تحول تاريخية ويواجه تحديات من داخله ومن خارجه علي حد سواء.
شكوك وتساؤلات
وتقول الورقة التي نشرت صحيفة الجارديان مضمونها: خارجيا تخلي العولمة -التي تقوم علي أساس المنافسة والتعاون المشترك -الطريق أمام التناحر والمواجهة والصراع مما يثير الشكوك والتساؤلات حول أسس النظام العالمي الراهن. القائم علي القواعد الدولية المتفق عليها.
وفي إحدي فقراتها تقول الورقة: إننا أيضا نواجه تحديات داخلية مهمة مثلما تتجلي في انسحاب بريطانيا من الاتحاد وفي هذه الفترة التي تشهد تحولات زلزالية عالمية يحتاج الاتحاد الأوروبي إلي القوة والعزيمة للحفاظ علي وحدته وتلبية تطلعات مواطنيه بشكل أفضل في مجالات الأمن والاقتصاد والتضامن الاجتماعي.
لقد جاءت قمة مالطا غير الرسمية. تمهيدا لقمة روما التي تعقد في أواخر مارس القادم.وتحتفل فيها الدول الأعضاء بالذكري الستين لتأسيس المجموعة الأوروبية وسيبحث فيها قادة القارة البيضاء مستقبل الاتحاد الأوروبي علي المدي الطويل. وفي ختام القمة سيصدر "إعلان روما" الذي يلزم الدول الأعضاء بمزيد من التكاتف السياسي لا أقل.
ووفقا للوثيقة فإن القادة مطالبون بالتفكير في حاجة الاتحاد الأوروبي لأن يكون لاعبا عالميا قويا علي الساحة الدولية مع تحقيق وحدة أكبر في السياسة الخارجية وضخ مزيد من الاستثمارات في شؤون الدفاع.
الواضح تماما أن دونالد ترامب مقتنع تمام الاقتناع بأن الولايات المتحدة يجري استغلالها من قبل بقية دول العالم وهو يتعهد بإعادة الأمور إلي نصابها الصحيح. وقال خلال إفطار صلاة مؤخرا: ان جميع دول العالم تقريبا. تستغلنا. وهذا لن يحدث بعد اليوم.!!!
خطر علي الديمقراطية
وعلي هذه الخلفية يحث بعض الزعماء الأوروبيين نظراءهم علي إدراك أن ترامب يمثل خطرا وخيما بالفعل. وهو خطرلا يهدد فقط بتدمير المشروع الأوروبي للتكامل والأمن القائم منذ 70 عاما ولكنه يقف بالمرصاد أمام كل شيء تقريبا. بما في ذلك الديمقراطية الليبرالية نفسها.
وقد أثار دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي ضجة واسعة. قبل انعقاد قمة فاليتا عندما كتب رسالة بعث بها لقادة الكتلة الأوربية يحذرهم فيها من أن إدارة ترامب تشكل خطرا يقف علي قدم المساواة مع خطر الصين الصاعد حديثا وروسيا العدوانية والحروب والإرهاب والفوضي في الشرق الأوسط وأفريقيا.
لكن. هل ينقلب السحر علي الساحر. ويعاني ترامب ورجال إدارته من تداعيات هذه التصريحات. بعد أن يجدوا بعض الولايات الأمريكية نفسها تطالب بالانفصال والاستقلال عن الحكومة الاتحادية؟
في تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية. يقول الكاتب ديفيد أوزبورن إن لسان حال سكان ولاية كاليفورنيا. يردد أغنية الفنان الأمريكي الشهير جون دنفر "مغادر علي طائرة نفاثة" وذلك كناية عن رغبة الولاية في الحصول علي استقلالها من الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة.
وربما تبدو حركة "كاليكزيت" التي تطالب بانفصال كاليفورنيا غريبة لأنها تعزف علي وتر حركة "البريكزيت" التي انتهت بانفصال بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأحيانا ما تكتسب الحركات الانفصالية زخما غير متوقع وذات يوم دخلت مقاطعة كيبيك علي الخط وطالبت بالانفصال عن كندا. وهناك أيضا اسكتلندا.
ان العواطف يمكن أن تصيب الحس السليم بحالة من الضبابية والتعتيم. لقد كان سكان كويبك غاضبين لعدم احترام لغتهم الفرنسية والتقليل من وزنهم الاقتصادي وقد خسر ترامب انتخابات كاليفورنيا بفارق 4ملايين صوت. ويعتقد السكان الذين يضمون ربع اجمالي المهاجرين في الولايات المتحد بأنهم يمكن أن يديروا شئونهم بأنفسهم بشكل جيد وقد بدأت بالفعل حملة لجمع توقيعات بالموافقة علي إجراء استفتاء حول انفصال الولاية بالتزامن مع انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر من العام المقبل.
أسئلة عديدة
وعلي أية حال. ومهما كان موقف كاليفورنيا بالانفصال عن الولايات المتحدة أو عدمه فإن تصريحات إدارة ترامب حول تأييد انفصال بريطانيا وتفكيك الاتحاد الأوروبي. يثير العديد من الأسئلة:
- هل وصلت الولايات المتحدة إلي القوة العسكرية والاقتصادية التي تجعلها تضحي بالاتحاد الأوروبي أكبر حلفائها علي وجه الكرة الأرضية. وبهذه السهولة؟ وكذلك تجعلها تضحي بحلف الأطلنطي؟
- ويمكن صياغة السؤال بطريقة عكسية. وهو: هل أصبحت الولايات المتحدة تخشي من تنامي قوة الاتحاد الأوروبي. فيتحول إلي خطر علي أمريكا نفسها؟
- وهل أصبحت القارة الأوروبية عبئا ماديا ودفاعياعلي الولايات المتحدة حسبما يردد ترامب خصوصا بعد انهيار حلف وارسو الذي كان يحقق التوازن الاستراتيجي والعسكري أمام حلف الأطلنطي أو الذي كان يبرر استمرارية قيام حلف الأطلنطي؟
- إذا كان كل فعل يبدأ بكلمة أو بفكرة. فهل معني التصريحات الأمريكية أن العد التنازلي قد بدأ فعلا لتفكيك الاتحاد الأوروبي وأن رياح الانهيار بدأت تهب علي الاتحاد الأوروبي مثلما حدث مع الاتحاد السوفيتي؟
- هل يستسلم الأوروبيون للمخططات والاستراتيجيات الأمريكية أم أنهم استوعبوا درس انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد أمريكا بالهيمنة علي العالم؟
- هل تتفكك عري حلف الأطلنطي. ويحتفط الاتحاد الأوروبي بوحدته. ليصبح قطبا جديدا مستقلا إلي جانب الأقطاب العالمية الأخري كأمريكا وروسيا والصين؟
وهل سيؤدي ذلك إلي زيادة هامش المناورة أمام الدول الصغيرة في وجود عالم متعدد الأقطاب أم يضيق هذا الهامش وينحسر لو حدث وتفكك الاتحاد الأوروبي وتحقق التقارب الأمريكي الروسي الذي يسعي إليه ترامب حاليا؟
لا شك في أن السنوات القليلة المقبلة حبلي بالكثير والكثير مما يصعب توقعه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.