كشفت قمة مالطا موقف الاتحاد الأوروبى إزاء الإدارة الأمريكية الجديدة ورئيس الولاياتالمتحدة دونالد ترامب وقراراته الأخيرة... ويبدو ان الاتحاد الاوروبى ليس مستعدا لقبول تلك القرارات والمنعطف الذى يسلكه ترامب قبيل أن تتواءم مع التغيرات الجيويوليتيكية والتجارية التى يمليها ترامب ومساعدوه. وإنما كشف قادة اوروبا خلال قمة مالطا على استحياء أنهم مترددون فى استغلال أول لقاء اوروبى منذ تنصيب ترامب لإدانة قراراته ومواقفه المناهضة للاتحاد الاوروبى وإن كانت القارة العجوز معرضة للعزلة والوهن بسبب تغير السياسات الامريكية عقب رحيل اوباما ولذلك أعلن رئيس المجلس الاوروبى «دونالد تاسك» إذا انقسمنا سوف ننهار معلنا أن تصريحات ترامب هى تهديد للاتحاد الاوروبى إن التغيير فى واشنطن يضع الاتحاد الاوروبى فى موقف صعب فى مواجهة ادارة جديدة تعيد النظر فى 70 عاما متتالية من السياسة الخارجية الامريكية، فترامب يرى ان حلف شمال الأطلنطى قد عفى عليه الزمن كما أن الاتحاد الأوروبى يبشر بتفكك بنيانه.. وليس بغريب أن يعلن فرانسوا هولاند أنه لابد من الرد بصرامة على «ترامب» وأن يشعر تاسك رئيس الوزراء البولندى السابق بحساسية إزاء تهديد روسيا وعقب جولته فى دول البلطيك التى تشعر بمخاوف إزاء مناورات موسكو فى اوكرانيا وإزاء مخاطر عزل اوروبا واضعافها فى حالة تقارب واشنطنوموسكو. اما دول أورروبا الوسطى والشرقية فهى تشكك فى ضرورة احراز خطوات مهمة نحو الدفاع الاوروبى، وترى أن واشنطن سوف تبقى الحامى والظهر المطلق لهم. ويرى المراقبون ان السيد «تاسك» لابد أن يأخذ فى الاعتبار وأن يوفق بين مصالح 28 دولة من بينها المملكة المتحدة التى هى على ميعاد وشيك من الخلع مع الاتحاد. لاشك ان قمة مالطا تحاشت انتهاج مواقف قاطعة باسم الرباط عبر الأطلنطى الذين يريدون الحفاظ عليه برغم ضربات ترامب المصوبة إليه والذى يساند «البريكسيت» ضد الاتحاد الاوروبى إن الاصطلاح الذى كان يستعمله دائما الرئيس النابغة فرانسوا ميتران «من» الملح والعاجل أن ننتظر يفرض نفسه على الاتحاد الاوروبى بشدة.. ويؤكد الدبلوماسيون الغربيون أن قرارات واشنطن لم تنضج بعد وأن ترامب سوف يعود للرباط عبر الأطلنطى وهذا هو شعور معظم وزراء الخارجية الاوروبيين. ويؤكد مصدر أوروبى «كان لابد ألا نرمى الزيت على النار خلال اجتماعات مالطا وقمنا بتفادى المشاركة فى حلقة هيستيريا». وإذا كانت باريس وبرلين مناصرين لخط صارم الا أن الآخرين لا يريدون الدخول فى نقاش تصادمى مع ترامب حشيه من حثه على رد فعل مفزع.. ورغم أن قمة مالطا كانت فرصة لتأكيد القيم الاوروبية التى تتعلق بالحرية واحترام حقوق الانسان فإن هذا الرهان سوف يتضح بطريقة جلية بروما يوم 25 مارس المقبل بمناسبة عيد الميلاد الستين للاتفاقية المؤسسة للمجموعة الاوروبية وسوف يكون هذا الميعاد الرمزى للرد الحقيقى على ترامب وعلى جميع القوى المناهضة لاورروبا والتى تلتهم الاتحاد من داخله وتعمل على إعاقته وتذويبه كان الهدف من قمة مالتا حسم الالتزامات من أجل التوصل إلى حلول لأزمة الهجرة فى وسط المتوسط والإعداد لإعلان روما القادم فرصة لإعادة تأكيد وحدة أوروبا وقيمتها وقوتها لمواجهة رؤى ترامب... . ولا شك أن تعيين سفير جديد الولاياتالمتحدة لدى الاتحاد الاوروبى سوف يكون اول اختبار بالنسبة للاتحاد حول امكانية الرد على ترامب...كيف سترد بروكسل إذا أصر على هذه التصريحات لقد دق ناقوس الخطر فى العلاقات بين القارة العجوز والعريقة والولاياتالمتحدة ولذلك فإن دبلوماسيات العالم تراجع اوراقها وتدرس مواقفها... لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار