مات الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني أول أمس عن عمر يناهز الثانية والثمانين. بعد أن داهمته أزمة قلبية مفاجئة. رافسنجاني هو أحد اثنين قادا تيارالاعتدال في السياسة الإيرانية بعد وفاة آية الله الخميني المرشد الأعلي للثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران عام .1979 أما الثاني. وهو الباقي علي قيد الحياة. فهو الرئيس الأسبق محمد خاتمي. والاثنان.. رافسنجاني وخاتمي. هما اللذان دعما الرئيس الحالي حسن روحاني في انتخابات الرئاسة الإيرانية وساهما في فوزه ليكون الضلع الثالث في قيادة التيار. وقد كان رافسنجاني سياسياً ورجل دولة كبيراً. ويعد واحداً من القيادات التاريخية لإيران خلال العقود الثلاثة الأخيرة. ترأس البرلمان الإيراني لدورتين متتاليتين بين عامي 1980 و1989. ثم أصبح رئيساً للجمهورية فترتين متتاليتين أيضاً من 1989 حتي .1997 وقد أتيح لي خلال زيارة صحفية وحيدة لإيران. ممثلاً للجريدة عام 1990 في فترة رئاسة رافسنجاني الأولي أن أراه. وأن أحضر صلاة الجمعة في جامعة طهران حيث كان هو خطيب الجمعة. كما أتيح لي في نفس الزيارة ان ألتقي بخاتمي. وكان وقتها وزيراً للثقافة. ودعا الصحفيين إلي حفل موسيقي لإحدي فرق الوزارة. ليؤكد لنا انفتاح إيران علي الفنون الراقية. وقد رأس رافسنجاني بعد تقاعده من رئاسة الجمهورية. مجلس "تشخيص مصلحة النظام". وهو هيئة دستورية عليا تمثل أحد مراكز صناعة القادة في إيران وإعدادهم وتأهيلهم. والنظام الإيراني يمارس لعبة التشدد والاعتدال بصورة متفق عليها كاستراتيجية عليا للبلاد. فهناك صقور وحمائم. يمارس كل منهم دوره المرسوم له بكل دقة في مواجهة العالم الخارجي. رافسنجاني وخاتمي. والآن روحاني الرئيس الحالي. قادا تيار الاعتدال في ظل وجود "علي خامنئي" المرشد الأعلي للثورة وخليفة الخميني في هذا المنصب. وبتوجيه منه. رغم انه يمثل "صقر الصقور" الإيرانية أمام العالم. وحين كانت إيران. في وقت ما. في حاجة إلي واجهة أخري متشددة. جيء بالرئيس أحمدي نجاد ليقود البلاد في مواجهة ضغوط دولية كبيرة تعرضت لها إيران. وخلال مفاوضات إيران علي ملفها النووي مع الدول الخمس: أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. كان المرشد الأعلي يضع الخطوط الحمراء التي لا يمكن لإيران السماح بالمساس بها. وذلك في تصريحاته العلنية. بينما كان المفاوضون بتوجيهات منه يبدون المرونة الكافية التي قادت إلي الاتفاق. رحيل رافسنجاني. قبل أيام من تولي الرئيس الأمريكي الجديد ترامب مهام منصبه رسمياً سيترك دون شك فراغاً سياسياً في إيران. سواء علي مستوي القيادة العليا للبلاد. أو قيادة تيار الاعتدال. وسيكون علي قادة إيران المشغولين الآن بالتفكير فيمن سيخلف المرشد الأعلي الذي جاوز الثمانين. في حال وفاته. أن يبحثوا أولاً فيمن سيملأ فراغ رافسنجاني الذي رحل بالفعل.