هي مأساة بكل المقاييس أن تشعر امرأة بلغت من العمر 61 عاماً دون زواج.. فلبست فستان الفرح وظلت تطوف به في بعض شوارع الاسكندرية دون عريس يصحبها والجماهير تحيط بها من كل جانب ولا تدرك حجم المأساة التي تعتمل في نفس السيدة من تقلبات الزمن القادم!! فإذا أضفت إلي هذا المشهد المأساوي أن هذه المرأة تعيش وحيدة في بيتها بعد وفاة والدها ووالدتها وشقيقتها بعد إصابتها بمرض نفسي.. وتخرج من أول اليوم وتعود في نهايته إلي منزلها في آخره. قالت علي صفحات التواصل الاجتماعي إنها أرادت أن تحقق رغبتها في ارتداء الفستان بعد عدم زواجها وبلوغها هذه السن.. وقال إسلام فوزي مسئول مسرح الاسكندرية الذي أقيم فيه حفل الزفاف إن هذه السيدة قامت بحجز القاعة منذ 10 أيام مقابل 2500 جنيه واعتقدنا أنها تحجزها لابنتها ولكننا تفاجأنا يوم الحجز بإحدي السيدات تقوم بإلغائه معللة ذلك أن لديها حالة وفاة. قال اسلام فوزي إننا فوجئنا في الثامنة مساء الأربعاء الماضي بالسيدة التي حجزت ترتدي فستان الزفاف وتسير وحدها بشارع شاكور وقام عدد من المواطنين بالسير بجوارها وعمل زفة لها تعاطفاً معها حتي وصلت إلي القاعة ودخلت وجلست علي الكوشة وحيدة والتقط المواطنون معها صوراً. لا يهم الإجراءات التي اتخذتها الشرطة مع هذه العروس التي كانت تتمني أن تحقق أمنياتها في حياتها الواقعية ولكن ظروفاً ما حالت بينها وبين الواقع فآثرت أن تحققها في الخيال. إن نظرة إلي حال تلك السيدة تجعلنا نعيش مأساتها ونتفاعل معها بكل قيم الحياة التي كانت تود أن تعيشها.. فالإنسان دائماً ينتظر المستقبل السعيد ويتشبث بوقوعه حتي لو بلغ من العمر أرذله. فهو دائماً ينظر إلي الغد بتفاؤل حتي يأتي اليوم الذي يتحقق فيه أمله ولو حال الموت بينه وبين تحقيق هذا الأمل. قالت سمر عبدالعزيز "جارة السيدة المسنة" إنها رأت السيدة المسنة في أحد الكوافيرات بجانبها في منطقة شدس التابعة لقسم الرمل شرق الاسكندرية.. وكان يراودها حلم ارتداء الفستان الأبيض. وقد وصلت بالفعل إلي القاعة التي استأجرتها.. وكان هناك من يسخر منها في الشارع إلا شخصاً "شهم" قال لها: فين العريس يا عروسة؟!.. فردت عليه: "مفيش عريس" وسردت له القصة كاملة. وكان الرد صادماً له وقرر أن يذهب معها إلي القاعة ويقوم بدور العريس!! أضافت سمر عبدالعزيز أن عدداً من أهالي الشارع غنوا لها وعملوا زفة من أجل إسعادها. وجلس الرجل بجانبها في الكوشة بعد أن تطوع بالقيام بدور العريس في محاولة منه لمشاركتها تلك اللحظات وإسعادها. إن تركيبة الإنسان النفسية تجعله يعيش في كبد.. ويظل يحلم بالسعادة تأتيه في أي وقت.. فإذا لم تأت يخيب أمله ويبلغ اليأس منه مبلغه.. وعروسنا التي حلمت بيوم زفافها انتظرت هذا الحلم الذي لم يتحقق لها حتي بلغت ال 61 من عمرها.. فأرادت أن تعيشه واقعاً ملموساً بارتدائها هذا الفستان ولو علي سبيل المظهر أمام الناس. لا أصدق أن هذه السيدة مصابة بمرض نفسي كما يدعي البعض.. وإنما أرادت أن تقوم بتجربة للتعبير عما كانت تأمله في حياتها.. فخططت ونفذت لتقول لنا في النهاية إن هناك حكمة إلهية من وراء خلق البشر تمثلت في قوله تعالي: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء".. فاكتمال خلق البشر يتحقق بأن يكون هناك ذكر وأنثي يتعارفان ويتزوجان نعمر بهما الحياة طبقاً للإرادة الإلهية. إنني ادعو علماء الاجتماع لدراسة حال العروس المتخيلة من النواحي الاجتماعية والنفسية.. وأرجو أن تكون لدينا احصائية بعدد العوانس وأسباب عنوستهم لنقضي علي هذا المظهر "العنوسي" في المجتمع. وأدعو مخرجاً متخصصاً وكاتب سيناريو ليبين لنا العوامل النفسية لهذه العروس التي شغلت بزفافها منفردة الرأي العام في مصر.