مازلت اتمسك بقاعدة "من أمن العقاب.. اساء الأدب" حتي يتم تغيير القوانين وسرعة محاسبة كل خارج عليها بالعدل لكي يستقيم كل معوج ونوقف سيل الضلال.. وبمنتهي الصراحة.. فان السلفيين والاخوان هم الاكثر تجسيدا واستغلالا لهذه القاعدة "افتاء وقضاء" لترسيخ مفاهيم شاذة تخدم اهدافهم.. والاخطر هو السكوت عليهم أو التعامل معهم بحنان زائد. قلت من قبل ان مواجهة الارهاب والكراهية تكمن في مثلث متساوي الاضلاع "التصدي الامني للخارجين علي القانون لفرض النظام. والعدالة الناجزة بتعديل القوانين للاسراع في محاسبة من يرتكبون جرائم جنائية وعقائدية. والمواجهة الفكرية لكشف كل زيف وتغيير وتعرية الاراء المغلوطة". تحدثنا من قبل عن المواجهة الامنية والعدالة الناجزة ولن نهمل الحديث عنهما حتي تستقيم الامور.. لكن دعونا من اليوم نتحدث عن الضلع الثالث "اس الفساد" في المنظومة كلها.. الا وهو المواجهة الفكرية التي لها شقان: تشريعي ودعوي. ان اي جريمة ارهابية تنطلق اساسا من فتوي جاهلة وضالة ومضللة وشاذة ومنحرفة تخالف القرآن جملة وتفصيلا يستند فيها من يطلقها الي نصوص او وقائع في التراث مغلوطة او مجتزأة او مدسوسة عليه ويتم بثها في عقول لديها استعداد لكي تشوش وتخرب نتيجة عوامل اجتماعية وتعليمية وثقافية ومجتمعية وايديولوجية كثيرة. لقد اصبح كل من هب ودب يفتي بما يخالف القرآن الكريم في ظل "سيبان" وعدم اكتراث الجهات المسئولة حتي اصبحنا نتشكك في انها موافقة ضمنيا علي هذه الفتاوي الشاذة. الان.. هناك مشروع قانون لتنظيم الفتوي معروض علي لجنتي الشئون الدينية والاوقاف والشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان.. وهو يقصر الفتوي كما نادينا علي هيئة كبار العلماء بالازهر الشريف ودار الافتاء المصرية ومن ترخص لهما الجهتان بالفتوي. مشروع القانون يتكون من 6 مواد يهمني منها المادة الخامسة والتي تنص علي "يعاقب علي مخالفة احكام هذا القانون بالحبس مدة لاتزيد علي ستة اشهر وغرامة لاتزيد علي الفي جنيه او باحدي هاتين العقوبتين. وفي حال العود تكون العقوبة الحبس والغرامة التي لا تتجاوز خمسة الاف جنيه". في رأيي ان هذه المادة ضعيفة جدا ولاتتناسب ابدا مع الجرم المرتكب وتوابعه: * ما جدوي الحبس 6 شهور وغرامة 2000 جنيه علي الاكثر أو باحدي العقوبتين وغالبا ستكون الغرامة عندما يصدر احد اقطاب السلفية أو الاخوان فتوي "تكفر" الأقباط ثم يقوم شاب هو عبارة عن "قنبلة بشرية متحركة" بتفجير نفسه داخل كنيسة فيقتل من يقتل ويصيب من يصيب؟؟ علي من يقع الوزر هنا؟؟.. علي "القاتل الانتحاري المخدوع" أم علي من حرضه بفتواه علي ارتكاب الجريمة بعد ايهامه بأن الحور العين في انتظاره؟؟ * وما جدوي الحبس والغرامة بهذه المدة والغرامة التافهتين عندما يعود نفس "المحرض" ويصدر فتوي "تكفر" المسلمين الذين لايصلون او لايصومون او غير ذلك ثم يقوم شاب تم تخريب مخه بقتل مسلم يسير امام مسجد وقت رفع الأذان ولا يدخل للصلاة؟؟.. علي من يقع الوزر هنا؟؟.. علي "القاتل المغرر به والمضحوك عليه" أم علي من افتي مجددا..؟؟ أري ضرورة تعديل صياغة هذه المادة بحيث يتم النص فيها صراحة علي ان الافتاء بالمخالفة للقانون "جناية" لا "جنحة" مع تغليظ العقوبة لتكون السجن 5 سنوات علي الاقل والغرامة 100 الف جنيه مع حذف حرف التخيير "أو".. ليكون الحبس والغرامة وجوبيين. وأري ايضا ضرورة اضافة مادة جديدة تجعل من يفتي بالمخالفة للقانون شريكا في الجريمة بالتحريض اذا نتج عنها ضحايا.. وبالتالي يعاقب جنائيا بنفس عقوبة المتهم. هكذا يكون "تنظيم الفتوي" كما نادينا كثيرا من قبل بقبضة حديدية وليس بقفاز حريري ناعم وطبطبة مللنا منها وجعلت هؤلاء المفتين "الضلالية" وهم "القتلة الحقيقيون" الذين يبثون الكراهية ويحرضون علي الدم - جعلتهم - في امان من العقاب فأساءوا الادب وتجرأوا علي الله ورسوله وبلغوا في ذلك ذروة سنامه". وبطبيعة الحال.. فان علي الازهر والاوقاف والافتاء ضرورة التحرك النشط لدحض وتعرية كل الفتاوي الشاذة والمنحرفة بأسانيد جديدة وليس بكلام انشائي وان تغربل هذه الجهات التراث بعقل منفتح وحذف كل مشين ومحرض ومخالف للدين من المناهج التعليمية الازهرية. الجهات الثلاثة ومعها البرلمان امام اختبار حاسم.. اما ان تضبط الفتوي "صح" وتنقح التراث والمناهج من كل "الضلالات" الموجودة بهما او سنعتبرها راضية عما يجري.. وساعتها سيكون لنا كلام اخر في منتهي القسوة. من الغد.. لنا وقفة باذن الله مع بعض الفتاوي الضالة والمضللة والشاذة والمنحرفة التي اصدرها السلفيون والاخوان ليعرف الكافة خطورة ما نحن فيه والسكوت عنه والطبطبة عليه.