سارت عربة قديمة مستهلكة في شوارع القاهرة وقد كتب صاحبها عليها عبارة باللغة الإنجليزية "للبيع" وتعجب المارة وتساءلوا لماذا الكتابة باللغة الإنجليزية ولم تكتب باللغة العربية التي هي لغة أهل مصر.. وما هو المقصود من هذه "الفرنجة".. هل هي لتحسين البضاعة أو اعتقاده بأن البيع سيكون لأحد الأجانب. والواقع أن هذه السيارة ومثيلاتها لا يمكن أن تدخل ضمن رغبات الأجانب.. بل إن زبونها هو "واحد بسيط موارده محدودة يبحث عن سيارة رخيصة.." وهذا غير متوفر لأي خواجة في مصر.. وهذا الأسلوب لا يمكن أن يكون وسيلة للارتقاء والحضارة.. بل هي طريقة هادمة لأي قيم إيجابية في مجتمعنا. تذكرت هذه الواقعة.. كما تذكرت وقائع أخري كثيرة من استخدام اللغات الأجنبية سواء في أحاديثنا الشخصية أو في العروض الخاصة بالبيع والشراء.. وفي مجالات أخري تذكرت ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الأممالمتحدة عن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق يوم 18 ديسمبر من كل عام. الأممالمتحدة نادت بالاحتفال بلغتنا العربية في الوقت الذي يتباهي البعض باستخدام اللغة الأجنبية بمناسبة وبدون مناسبة.. وكأن استخدامها وسيلة لل "الأُبهة وللشياكة" في حين أنها بالفعل ضياع للهوية وللشخصية والخبراء يقررون أن الاستهزاء باللغة الوطنية من بلد ما هي ضياع لثقافته وانتماء أبنائه. والغريب أنه بينما يحدث ذلك عندنا وما أكثره نجد موقعاً إسرائيلياً كما ذكرت بعض الصحف احتفلت في موقع اختصته باللغة العربية وفيه ذكرت أن اللغة العربية هي اللغة الثانية بعد اللغة العبرية وانها تزين الكثير من اللافتات المنتشرة في شوارعها.. وانها أي إسرائيل تدرس اللغة العربية في مدارسها وجامعاتها. طبعاً إسرائيل تفعل ذلك لزراعة الوهم بأنها تغني باللغة العربية. أما نحن.. للأسف الشديد نسير في شوارع فنجد كل المحلات التجارية أو معظمها قد كتبت لافتاتها باللغتين الإنجليزية أو الفرنسية ودون كتابة حرف واحد باللغة العربية.. وكأن هذه اللغة تختص بها أي دولة أجنبية أخري.. في حين أن كل دول العالم بلا استثناء يشترط إلزام كل المحلات التجارية بكتابة الأسماء عليها باللغة الوطنية أولاً ثم كتابة أي لغة أخري بعد ذلك.. وعندنا في مصر أعتقد أن لدينا قانوناً مماثلاً يلزم الجميع بضرورة التسمية باللغة العربية وكتابة لافتات المحلات أيضاً باللغة العربية ويجوز كتابة الاسم باللغة الأجنبية ولكن بعد اللغة الوطنية أي العربية. وللأسف أيضاً نجد بعض الصحف المصرية الناطقة بالعربية تنشر إعلانات كلها مكتوبة باللغة الأجنبية عن مساكن للبيع أو للإيجار.. والحقيقة أن معني نشر إعلانات بهذه الصورة يعني شيئاً واحداً مؤسفاً هو أن أصحاب هذه المساكن لا يريدون البيع أو التعامل مع مصريين الذين هم في الأصل أصحاب البلد.. ولكن ماذا نقول في مثل هذه الإعلانات التي لا تجد من ينقذها؟! وليت الأمر توقف عند هذا ولكنه تعداه إلي المذيعين والمذيعات والمفروض أن يتحدثوا بلغة عربية سليمة.. نجد الأخطاء لديهم كثيرة.. فالمرفوع ينصبونه والمنصوب يرفعونه.. ثم يتكلمون بالعربية لبعض العبارات ثم يتحدثون أو يترجمون ما قالوا إلي لغة أجنبية.. بصورة غير مفهومة!! نحن لسنا ضد اللغات الأجنبية ولكن كل الذي ننشده ونرجوه ألا تطغي اللغات الأجنبية علي لغتنا العربية.. غير معقول هذا الاستخدام الكثيف للغتين الإنجليزية أو الفرنسية خصوصاً عند كتابة لافتات المحلات التجارية أو الإعلانات المختلفة بالصحف الناطقة بالعربية. علي الجانب الآخر فإننا نشجع تعليم الأطفال في المدارس الابتدائية وما تلاها من مراحل التعليم علي التعلم باللغات الأجنبية خاصة في المواد العلمية مثل الرياضيات والعلوم والكيمياء والتي يحتاجونها عند تكملة دراستهم في كليات عملية تستدعي اتقان اللغات الأجنبية خصوصاً الإنجليزية ولكن ليس معني هذا أن تتم دراسة المواد العادية بلغة غير اللغة العربية.. صحيح أن الحديث الشريف يقول من تعلم لغة قوم أمن شرهم.. هذا حقيقي ولكن لا يكون تعلمها هو الطريقة إلي الاستهزاء بلغتنا الوطنية. الأممالمتحدة قررت الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ونحن لا ندري شيئاً عن هذا اليوم.