من أعمال البر إلي دهاليز البيروقراطية تتراوح صناديق النذور التي تستقبل نفحات المؤمنين طاعة لله وصدقات للمحتاجين يودعونها أمانة في رقاب الثقات من مسئولي المساجد التي تحمل غالباً أسماء من ذهب لأولياء الله الصالحين. الغريب أن مسئولي الأوقاف في المحافظات يتنصلون من مسئولية هذه الصناديق وبعضهم رفض الإفصاح عن أي معلومات عنها في حالة عجيبة من الضبابية وغياب الشفافية وكأنها قرابين سرية لوزارة الأوقاف التي أعلنت مؤخراً عن مسابقة لتعيين موظفين جدد تحت مسمي كاتب نذور.. وكأن الجهاز الإداري للدولة تنقصه أعباء جديدة لوظائف هلامية تمارس أياماً معدودات خلال العام. صندوق النذور كنز دفين لمديرية الأوقاف بالإسكندرية بل لوزارة الأوقاف بأكملها نظراً لما تدره صناديق النذور بالإسكندرية من مبالغ مالية كبيرة خاصة في المواسم والأعياد فالإسكندرية بها ما يقرب من 15 صندوقاً بمساجد سيدي جابر وسيدي بشر وأبو العباس ونصر الدين عبدالرازق الوفائي وأحمد المتيم ومحمد القباري وأحمد المنير ومحمد الشاطبي والمغاوري وعبدالرحمن ابن هرمز وغيرهم ويعد أكبر صندوق للنذور علي الإطلاق هو صندوق مسجد أبو العباس حيث يوجد صندوقان أحدهما بالمسجد والآخر بالضريح ويليه مسجد سيدي أحمد المتيم والقباري. حول أسرار صناديق النذور وما تحصده من أموال يقول الشيخ جابر قاسم وكيل المشيخة الصوفية: لقد اعتدنا ان تقوم الإدارة المالية بوزارة الأوقاف بتشكيل لجنة لحصر صناديق النذور وجردها وتضم 4 موظفين ويتم توزيعها ما بالصندوق بنظام النسب فالموظفون يحصلون علي نسبة وإمام المسجد نسبة وغيرهم وهي نسب سرية لا يعلم أحد عنها شيئاً والباقي للأوقاف وبصورة عامة فإن صندوق النذور تحصل الأوقاف علي نسبة 90% مما يحتويه من أموال بينما تحصل المشيخة الصوفية علي 10% فقط وبالطبع فإن صناديق النذور لا توجد إلا في المساجد التي بها أضرحة. أضاف: بعد تعرض صندوق نذور أبو العباس للسرقة أصبحت وزارة الأوقاف تقوم بعملية الجرد كل شهر بعد أن كانت تتم كل شهرين أو ثلاثة موضحاً أن صندوق نذور أبو العباس هو الأكبر بين باقي الصناديق بالإسكندرية خاصة في أيام المواسم مثل المولد النبوي أو مولد أبو العباس حيث يحضر لنا من الخارج وفود من ماليزيا وإندونيسيا وكندا يتبعون المشيخة الصوفية بالإضافة إلي وفود من بريطانيا ولبنان والدول العربية وتلاوة القرآن الكريم وبالتالي فإن صندوق النذور بمناسبة أبو العباس قد يتعدي في المولد الخاص به ال 150 ألف جنيه من المتبرعين من احبائه ورواده بينما في الأيام المعتادة من غير المواسم فإنه يحقق 70 ألف جنيه شهرياً اما باقي المساجد فصناديقها تحقق ريعاً أقل يتراوح ما بين 10 إلي 15 ألف جنيه. أضاف: للأسف الشديد الأوقاف تقوم بالحصول علي هذه الأموال دون أن تقدم للمساجد شيئاً يذكر ولا أدري بماذا نستفيد من هذه الأموال أو كيف تنفق ونحن نقوم بتجديد المساجد علي نفقتنا الخاصة وآخرها مسجد القباري والضريح التابع له كما نقوم حالياً بتجديد ضريح سيدي محمد المغاوري ومعه 4 اضرحة في نفس المسجد من تلاميذ أبو العباس كما أننا ننفق علي احتفالات المولد النبوي وموالد أولياء الله الصالحين السابق ذكرهم والتي تدر المال علي صناديق النذور. أشار الشيخ جابر قاسم إلي أن الأوقاف تضع يدها علي صندوق صيانة الأضرحة والمساجد طبقاً للقانون 110 لسنة 2008بعد ان كان الصندوق يتبع المحافظة وأصبح الآن تابعاً لوزارة الأوقاف موضحاً أن هذا الصندوق يحوي 10% من إيرادات المحافظة وبالطبع لا تقوم الأوقاف بأي إنفاق يستحق الذكر لتطوير المساجد أو الاضرحة. فجر الشيخ جابر قاسم مفاجأة من العيار الثقيل قائلاً: هل نتحدث عن صندوق النذور ونترك السؤال المهم عن ريع وقف المساجد وأين ينفق موضحاً أن مسجد أبو العباس له وقف يصل إلي 150 فداناً بمنطقة المنتزه من المفروض ان ينفق منه علي تطوير المسجد وحفظ القرآن والموالد. فأين هو وكم يدر من أموال مضيفاً أن أراضي الأوقاف بالمنتزه ما هي إلا وقف للحرمين الشريفين وأبو العباس تم شراؤهم منذ عام 1105 هجرية من قبل أشخاص محبين لأولياء الله الصالحين فأين هي هذه الأراضي وأين أموالها. أضاف: لعل البعض لا يعلم ان مسجد ابن خلدون له وقف أيضاً فلماذا لم يتم الإنفاق منه علي تطوير المسجد بدلاً من ان يترك لينهار ونبحث عن جمع التبرعات من المصلين لإنقاذ ما يمكن انقاذه كما أن مسجد سيدي مسعود بمنطقة الجمرك له أيضاً وقف أرض خاص به فأين تذهب أمواله مضيفاً ان الأوقاف بالإسكندرية تحصل أموالاً من صندوق النذور طبقاً للقانون 118 لسنة 1976 بالإضافة إلي الريع المستقطع لحساب المساجد من الأضرحة بالإضافة إلي صندوق صيانة الأضرحة والمساجد الذي تدعمه المحافظة مادياً.