اليوم الأحد يقرر الإيطاليون في استفتاء عام. مصير رئيس وزرائهم "ماتيو رينزي" وحكومته التي تنتمي للحزب الديمقراطي "يسار الوسط". ولهذا الاستفتاء حكاية تستحق أن تروي. خاصة ولنا في مصر حكاية مع رينزي لم تنته بعد اسمها قضية "ريجيني". فمنذ تولي "رينزي" السلطة في فبراير 2014. وكان قبل ذلك عمدة لمدينة فلورنسا. أعلن برنامجاً من نقطتين فقط. هما الإصلاح السياسي. والإصلاح الاقتصادي. كان اقتصاد إيطاليا. الذي احتل المركز الثالث بين أقوي الاقتصاديات الأوروبية يتراجع. والدَيْن العام بلغ 2.5 تريليون يورو. بنسبة 120% من الناتج القومي الإجمالي. وكان رأي "رينزي" أن إنعاش الاقتصاد لن يتم دون إصلاح السياسة وإعادة النظر في هيكل النظام الدستوري للبلاد. لتحقيق الاستقرار السياسي اللازم للنهوض الاقتصادي. وإحدي الصفات التي تطلق علي إيطاليا داخل أوروبا وخارجها. أنها الدولة التي لا تعيش لها حكومات. "وقد دخل رئيس وزرائها الأسبق" "سيلفيو بيرلسكوني" التاريخ حين نجح في تحقيق رقم قياسي في بقائه وحزبه في الحكم سبع سنوات متصلة من 2001 إلي 2008. وهو ما لم يتحقق لإيطاليا قبله أو بعده. فقد توالي علي الحكم مثلاً أربع حكومات في 3 سنوات من 2011 حتي تولي "رينزي" في فبراير .2014 ولذلك أعلن رينزي عن برنامج لتعديلات دستورية. يتم بمقتضاها تقليص حجم وصلاحيات البرلمان خاصة مجلس الشيوخ. بما يحقق سيولة وسهولة إصدار التشريعات اللازمة. وقرر طرح هذا البرنامج علي الشعب في استفتاء عام. وأعلن أنه سيستقيل في حالة رفض الشعب لهذا البرنامج. في البداية. كان "رينزي" ينوي إجراء الاستفتاء في أكتوبر الماضي. لكنه إزاء تزايد المعارضة لبرنامجه. بقيادة حركة "النجوم الخمس" وهي حركة شعبية تشكل تياراً سياسياً واسعاً استطاع هزيمة حزب "رينزي" في الانتخابات المحلية في يونيه الماضي. جعله يؤخر موعد الاستفتاء. حتي يعطي لحكومته وحزبه فترة زمنية أطول لشرح البرنامج. وكسب تأييد الإيطاليين له. لكن التأخير لم يحقق النتيجة المطلوبة. فخلال الشهرين الماضيين فقط دخلت إيطاليا وحكومة "رينزي" في مشاكل عديدة. أبرزها مشكلة المهاجرين لإيطاليا من الشرق الأوسط وأفريقيا. وهي مشكلة أصبحت تمثل صداعاً لأوروبا كلها.. كما واجهت البنوك الإيطالية أزمة كبري أثرت علي شعبية الحكومة. بالإضافة لتفاقم الوضع في ليبيا. وبالطبع استغلت المعارضة هذه المشاكل لتشديد الضغط علي "رينزي" واتهمته ب"شخصنة" الاستفتاء. بإعلانه أنه سيستقيل إذا صوت الشعب ب"لا" علي برنامجه. حتي يصور المعارضة وكأنها تعارض استمراره شخصياً في الحكم. وليس إصلاحاته التي تقلص صلاحيات البرلمان وتتعارض مع الديمقراطية. استفتاء اليوم يأتي بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبعد فوز "ترامب" في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وتوقع توابع لهذا الفوز في أوروبا بوصول الأحزاب اليمينية والحركات الشعبوية للسلطة.. وإيطاليا اليوم هي الاختبار الأول لهذه التوقعات. في انتظار حكومة "النجوم الخمسة".