العدو الذي نود أن نعرفه هو نحن ! نحن الذين نصعب الحياة علي أنفسنا وعلي من حولنا. نحن الذين نركن الي الراحة والدعة ونسلم رءوسنا لغيرنا كي يعبث بها نحن الذين لا نؤدي اعمالنا باتقان فيخرج المنتج معيباً ثم نبتدع فكرة المستورد ونلهث بحثا عنه. ونتشدق بأننا دفعنا فيه ثمناً باهظاً للمباهاة والمفاخرة. نحن الذين نقبل بالرشوة لتخليص مصالح الآخرين! نحن الذين نعشق النميمة والفتنة ثم نجلس الي إذاعة الشيوخ الافاضل نطلب منهم تفسير معني الفتنة أشد من القتل! نحن الذين نحتكر السلع ونخفيها حتي يئن الناس ثم نعيد طرحها في الأسواق بأضعاف أضعاف سعرها الحقيقي محققين مكاسب خيالية علي حساب الفقراء والغلابة. نحن الذين ندخر الأموال في البيوت فاذا ما رفع البنك سعر الفائدة خرجت المليارات من تحت البلاطة! نحن الذين نترصد بالتلاميذ حتي نجبرهم علي الدروس الخصوصية. ونمنح الدرجات لمن يدفع اكثر! نحن الذين تركنا الصحراء واقمنا المباني والعمارات الشاهقة علي الأرض الزراعية والرشاوي تذلل كل الصعاب. نحن الذين تركنا النوم مبكرا ككل الشعوب المنتجة والمتقدمة وفضلنا الجلوس علي المقاهي حتي الفجر وسحابات الدخان تتصاعد من الشيشة والجوزة والسيجارة لعنان السماء. نحن الذين اذا حاول احدهم خداعنا رددنا عليه بعبارة: "هو انت فاكرني هندي" والهنود انتجوا السيارات والغواصات والدبابات ولديهم برمجيات وتقنيات لم تصلنا بعد. نحن وصلنا 92 مليون نسمة وليس لدينا فريق قومي يستطيع المشاركة في كأس العالم إلا كل 30 سنة لأن الالتحاق بالاندية لابد له من تقديم تنازلات لأهل الناشيء قبل ضمه للفريق الأول وأهل الرياضة يعرفون كلامي جيداً. بينما الباراجواي ذات الأربعة ملايين لديها فريق يشارك في كل دورة لكأس العالم لان الاصلح يلعب دون رشاوي مادية أو غيرها. نحن الذين تذاع إعلانات تتحدث عن القري الافقر في العالم ولابد من التبرع للصعيد للقضاء علي الجوع مع ان معظم مليونيرات مصر خرجوا من الصعيد ونجيب ساويرس واسرته نموذج. ايران فرض عليها حصار طويل وطويل جدا ومع ذلك صنعت السيارات والقاطرات والأخطر ان علماءها استطاعوا رغم الحصار انتاج السلاح النووي. نحن لدينا تجار يضاربون علي الجنيه المصري لصالح الدولار لاسقاط اقتصاد بلادهم وتحقيق مصالح خاصة. لدينا فنانون ومذيعون تجاوزت ثرواتهم عشرات الملايين ولم نسمع ان احدهم بني مستشفي او مصنعاً او نادياً للشباب. نحن الذين خرجت منا فئة لتحارب بلادها وجيشها ليموت في هذه الحرب العبثية الآلاف من شباب مصر بلا داع ولا يزال العدو الحقيقي آمناً ويشاهد ما يحدث بفرحة مكتومة. نحن الذين اختصرنا مصر كلها في العاصمة حتي لم يعد في القاهرة رصيف تستطيع السير عليه من شدة الزحام. نحن الذين اخترعنا الزومبة والمهموز وتفننا في الكيد لبعضنا حتي لا يتميز احدنا بميزة ليست في منافسيه. نحن الذين تقاعسنا عن اختيار الاصلح لعضوية البرلمان فلما قام اصبحنا ننتقده في كل قرار لا فرق بين ماهو مناسب او غير مناسب لنا نحن شعب أوصل بلاده الي حافة الخطر وينتظر ان يراها تتداعي أمام الأمم. ونقل أثرياؤه استثماراتهم لبلاد كانت تتلقي المساعدات من مصر فيما مضي. نحن العدو الذي نريد ان نعرفه !