* لماذا ترفض التصالح في مخالفات البناء؟ ** كلمة التصالح كلمة مطاطة يمكن أن تستخدم علي أوجه عديدة وهذه النوعية من المخالفات متعددة الأبعاد والأماكن خاصة أننا لا نمتلك حصراً دقيقاً لنسبة المخالفات ومن ثم لا يجب أن نوافق علي التصالح علي الإطلاق لأنه في رأيي يعني التقنين الصريح للفساد وعدم عقاب المخطيء كما أن التصالح والتغاضي عما ارتكب من جرائم يعني ببساطة ضرب هيبة الدولة وفتح الأبواب أمام منابع الخلل والانحراف لكل الفئات من رجال أعمال وملاك أراض ومواطنين عاديين لكي يقدموا علي ارتكاب نفس الجريمة ثم يفلتوا من العقاب مقابل سداد مبلغ من المال وأنا هنا لا أفهم كيف يطالب الجميع هذه الأيام بسيادة القانون وعدم الانتقاء عند التطبيق ثم نجد الان من يريد التصالح في المخالفات وعدم تطبيق ما ينص عليه القانون من هدم لهذه المباني والتقول بأن عدم إقرار مبدأ التصالح سيؤدي إلي دخول الدولة في نفق مغلق كلام ليس له أي أساس من الصحة فسيادة القانون يجب أن تكون صارمة علي الجميع بلا أي استثناءات وحتي لا تفلت الأمور من بين أيدينا مقابل أن يقوم المخالف بسداد غرامة مهما كانت كبيرة لأن ذلك سيشجع الآخرين علي التمادي في الخطأ وارتكبت نفس الفعل بدليل أن التغاضي عن العشوائيات في البداية أدي إلي حصار القاهرة بحزام من العشوائيات لدرجة أن القاهرة تصنف عالمياً بأنها من أكثر المدن التي تضم عشوائيات. غياب الاحصائيات * هل معني ذلك أنك تفضل الاتجاه إلي هدم المباني المخالفة؟ ** لا أقصد ذلك علي اطلاقه ولكنني أرفض أن يكون التصالح هو المسيطر علي تفكيرنا واتجاهنا خاصة أننا الآن في لجنة الإسكان ندرس المشكلة سواء في القري أو المدن ونحاول الوصول إلي حصر شامل بشأنها وتصنيف نوعية المخالفات بعد أن اكتشفنا عدم وجود هذا الحصر سواء في الأجهزة المحلية أو وزارة الإسكان وبعد أن ننتهي من الحصر الدقيق سيكون هناك قانون مفصل وسيكون عن كيفية التعامل مع مخالفات البناء وليس التصالح لأن ذلك يعني إقرار مبدأ المخالفة من البداية والسماح بها وهدفنا ليس ذلك فالهدف من القانون هو تحقيق أمرين الأول تقنين وضع الحالات المخالفة والحفاظ علي الدولة الذي يصب في النهاية في مصلحة المواطن وأعتقد أن القانون سيكون معبراً عن الواقع بصورة أكبر إذا استجابت الأجهزة المحلية في مختلف المحافظات إلي طلبنا.. بموافاتنا بحجم التداعيات والمخالفات الموجودة والتصنيف الدقيق لها حيث إن ذلك سيساعدنا في وضع جميع الأوضاع موضع الاعتبار ونحن نعد القانون وسوف يشاركنا في إعداد القانون جميع الأجهزة ذات صلة مثل وزارتي الإسكان والتنمية المحلية والمرافق مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والجهاز المركزي للمحاسبات حتي لا يظلم أحد وعلاج الأخطاء ولا نبدأ من الصفر لأن ذلك يعني ضياع الوقت دون إنجاز شيء مهم. *وما ذنب المواطن الذي تركناه دون توفير البديل المناسب له؟ ** رغم أن مصلحة المواطن هي الأساس لتحركنا إلا أننا يجب ألا نستبق الأحداث وأن نحمل أنفسنا مسئولية أخطاء ما تم في الماضي ولكننا نحاول الآن تصحيح الأوضاع الخاطئة وأن يصل التعامل مع المشكلة في النهاية إلي صالح المواطن خاصة أننا سنراعي في القانون أن يكون هناك طرق متعددة للتعامل مع المخالفات فلا يمكن أن نساوي بين برج سكني استثماري ومنزل متواضع من أجل إقامة رب الأسرة وأولاده فالأول يجب أن نحرمه من جني أي ثمار للمخالفات التي ارتكبها والثاني نتعامل معه بروح القانون ولكن عليه في نفس الوقت أن يتحمل جزءاً من المسئولية. فصل الاشتراطات عما ارتكبه من مخالفة مع الوضع في الاعتبار أن هدفنا هو الحفاظ علي الثروة العقارية بتنظيم أعمال البناء والتطبيق علي جميع أنحاء الجمهورية بلا استثناءات وسيتم في القانون فضل اشتراطات البناء في القري عن الاشتراطات المطلوبة في المدن لاختلاف طبيعة كل منهما عن الآخر مع إلزام هيئة التخطيط العمراني بعمل أحوزة عمرانية للقري وتوابعها حتي يستطيع سكان القري البناء لتلبية احتياجاتهم المتزايدة لوجود سكن لهم ولأولاده دون ارتكاب مخالفات أو عشوائيات والتي وصلت في القري إلي أضعاف أضعاف ما هو موجود في المدن علاوة علي أن القري وتوابعها تمثل أكثر من 70% من تعداد السكان ولابد عند إعداد القانون أن يتم مراعاة أوضاعهم واحتياجاتهم بشرط ألا يؤدي ذلك إلي حدوث عشوائيات أو مخالفات. الإسكان الاجتماعي * وما رأيك في أن المخالفات نتجت عن فشل الدولة في توفير البديل؟ ** لا خلاف علي أننا نعاني من أزمة إسكان منذ سنوات طويلة خاصة بين الطبقات المتوسطة وأقل من المتوسطة حيث تخلت الدولة عن الدور الذي كانت تلعبه في الماضي لفترة طويلة وإن كانت عادت للاهتمام بهذه القضية من خلال الإسكان الاجتماعي المناسب لشرائح عديدة من المواطنين وهذا الغياب السابق للدولة عن منظومة البناء وتوفير السكن للمواطن كحق من حقوقه الأساسية ليس مبرراً للمخالفة فالناس أصبحت تستسهل التلاعب حتي في ظل وجود البديل ودورنا هنا كمجلس نيابي أن نتصدي لهذا التلاعب من خلال قانون واضح المعالم يشجع علي البناء والاستثمار في هذا المجال من خلال اشتراطات واضحة وسهلة فالقانون الحالي به العديد من النقاط المجحفة التي تضع العراقيل أمام المواطن ويساهم فيها فساد المحليات ولهذا فالقانون الذي يتم إعداده الان سوف يراعي مواجهة السلبيات الموجودة مثل عدم صلاحية ترخيص البناء لمدة 3 سنوات بدلاً من سنة واحدة كما سيتم تخفيض الرسوم إلي أقل حد ممكن وسيتم تسيير الإجراءات وإيجاد آلية ليتم متابعة عملية البناء من عملية الحفر حتي انتهاء المبني حتي يتم مواجهة أي مخالفة من البداية وحماية المواطنين الذين يقومون بالشراء ويمكن أن يقعوا فريسة في أيدي المتلاعبين وسيكون هناك اشتراطات خاصة بالسلامة الإنشائية والارتفاعات وخطوط التنظيم وللقضاء علي الفساد في المحليات هناك اتجاه في اللجنة إلي أن يتم إسناد مهمة إصدار الترخيص إلي مكاتب استشارية خاصة لأساتذة الجامعات المختلفة وسيكون هناك رقابة مشددة علي هذه المكاتب ومتابعة دقيقة لعملها وأيضاً فرض غرامات باهظة عند اكتشاف أي تلاعب أو خطأ في علم هذه المكاتب. الظهير الصحراوي * وكيف تري كيفية مواجهة مشكلة نقص الوحدات السكنية في الريف؟ * المسئول الأول عن حل هذه المشكلة في رأيي هو الحكومة التي يجب أن تسارع بتوفير ظهير صحراوي للقري المختلفة من أجل توفير أراض جديدة صالحة للبناء بعيداً عن الأراضي الزراعية وفي نفس الوقت الحفاظ علي هذه الأراضي التي تتعرض للتآكل بشدة خاصة ونحن نتحدث الان عن ضرورة زيادة الإنتاج الزراعي لمواجهة النقص الحاد فيه والحد من الاستيراد الذي يكلفنا الكثير في ظل ظروفنا الاقتصادية المضطربة وهنا يجب أن يكون لدينا أيضاً رؤية تخطيطية مستقبلية بعيدة المدي تراعي الزيادة والتمدد السكاني مستقبلاً خاصة أن كل مشاكلنا الحالية تعود إلي إغفال التخطيط للمستقبل وتصدير المشاكل للأجيال القادمة بعد أن تتحول المشكلة الصغيرة إلي مشكلة مستعصية عن الحل ونتحمل أيضاًَ نفقات باهظة في العلاج. خلل كبير * وما رأيك في أن إقرار مبدأ التصالح مقابل غرامة يحقق حصيلة بالمليارات لموازنة الدولة؟ ** أنا هنا أتساءل هل مطلوب غض الطرف عن العشوائيات والمخالفات مقابل أموال حتي لو كانت كثيرة وهل من المنطق أن نتصالح مع مخالفات يمكن أن تشكل خطورة داهمة علي حياة المواطنين وهل بإقرار مبدأ التصالح علي عواهنه يمكن أن نقتل آلاف المواطنين الأبرياء ناهيك عن أن كل دول العالم بها قوانين تحاسب المخالفين علي أي أخطاء ولكن لأن القانون الحالي لم ينتبه لهذه النقطة نعاني من خلل كبير في هذه الجزئية لأن من آمن العقوبة أساء الأدب ومن ثم علينا إذا اتجهنا إلي إقرار مبدأ الغرامات أن يراعي أن يكون مقدارها مناسباً لقيمة المبني وتكلفته وكذلك ثمن الأرض التي أقيم عليها وبشرط ألا تكون هذه المنشآت مقامة علي أراض ملك للدولة أو أراض زراعية أو خطوط تنظيم وسليمة من الناحية الإنشائية. * ومتي يتم الانتهاء من هذا القانون؟ ** من المتوقع أن إنجاز القانون مع بداية العام القادم فاللجنة حريصة علي إنهاء الفوضي التي شهدها مجال البناء منذ فترة طويلة وحتي نحافظ علي مصالح المواطنين والحفاظ علي الثروة العقارية.