انقسم خبراء الاسكان حول التعامل مع المباني المخالفة بعد وقف العمل بقانون التصالح وكذلك كيفية التعامل مع حالات المخالفة التي قدرها البعض ب 66% من المباني القائمة وكيف نضع الضوابط التي تضمن وقف سبل المخالفات التي تحاصرنا. الفريق الأول يري انه لا سبيل امامنا لمواجهة الظاهرة ومنع تفاقهما الا هدم المباني المخالفة وتشديد العقوبة علي المخالفين الي السجن لانه بدون ذلك ستظل الفوضي تسيطر علي الأمور ولن نصل الي الانضباط الذي نريده. قالوا ان جماعات الضغط من المنتفعين بالمخالفات هي التي ساعدت علي اقرار مبدأ التصالح وتدافع عنه الآن تحت حجج واهية. أما الفريق الثاني فيري ان الأمر يحتاج إلي عدد من الحلول تناسب كل حالة علي حدة حيث يجب دراسة كل عقار بمفرده واذ كان لا يمثل خطرا علي حياة السكان أو ضغطا علي المرافق فلا مانع من الابقاء عليه مع مضاعفة قيمة الغرامة. قالو ان هناك مئات الآلاف من العقارات المخالفة ولا يعقل هدم هذه الثروة العقارية مطالبين في نفس الوقت بالتطبيق الحازم للقانون لمنع ظهور مخالفات جديدة. * المهندس محمود السرنجاوي نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية سابقا قال شئنا أم ابينا تحولت مخالفات البناء إلي أمر واقع وتشير العديد من الاحصائيات والدراسات الي انه سنويا ترتكب آلاف المخالفات بالاضافة الي ان 66% من المبان المقامة مباني عشوائية والسؤال الذي يفرض نفسه قبل البحث عن حلول المخالفات البناء ما هي الأسباب التي أدت الي هذا النمو الرهيب للمخالفات الذي يعبر عن خلل مجتمعي كبير؟ أضاف ان الدولة لعبت دورا خطيرا وسلبيات في تقنين البناء المخالف من خلال السماح بتوصيل المرافق والخدمات الي المباني المخالفة ولم يؤد ذلك الي ان استفادة للخزانة العامة للدولة كما انها في نفس الوقت تقاعست عن توفير المسكن الملائم لشرائح عديدة من المواطنين في الوقت الذي نشهد فيه تزايدا سكانيا كبيرا. اضاف ان الدولة اخطأت بالترويج لفكرة المصلحة وكانت تقوم بالفعل بتنفيذها في مناطق عديدة رغم ما يمثله ذلك من عبء وضغط علي المرافق والخدمات. أوضح ان الحل يتمثل في ان تزيد من عدد الوحدات السكنية التي تقوم ببنائها وثانيا تقنين أوضاع المباني المخالفة ببحث حالة كل عقار علي حدة فإذا كانت لا تمثل ضررا علي أرواح السكان فيمكن الابقاء عليها بشرط ان يسدد المالك غرامة باهظة توضع فيما يسمي بصندوق المخالفات للانفاق علي الخدمات المختلفة دون اعباء علي ميزانية الدولة. اضاف اما بالنسبة للمستقبل فلابد من تفعيل دور الأجهزة المحلية بحيث تمنع بتاتا من البداية ظهورأي مخالفة وعند رصدها يتم فورا هدمهامهما كلفت من مبالغ مع عدم السماح بأي نوع من أنواع المصالحة مع الغاء نظام الاستثناءات في العديد من الأماكن حيث توافق مثلا الدولة علي زيادة الارتفاعات في المدن الجديدة مقابل سداد ربع قيمة الأرض وهو ما يفتح الباب للمزيد من المخالفات. أكد أن الأمر يجب ان يخضع لتفكير طويل لأن اقرار مبدأ الهدم سوف يؤدي إلي اهدار ثلث الثروة العقارية في مصر. إهدار للموارد * د. شريف فخري نائب مدير مركز بحوث البناء والاسكان سابقا وعميد هندسة الجامعة الروسية قال ان فكرة التصالح في المباني المخالفة والابقاء عليها فكرة مرفوضة تماما لأنها تشجع علي استفحال الظاهرة فالمالك لا يتحمل من قيمة المصالحة شيئا بل يحملها علي سعر الوحدة كما ان الهدم لكل المخلفات غير مطلوب لأنه يمثل اهدارا للموارد ومن ثم فالأفضل ان يتم مصادرة المبني المخالفات وحرمان الشخص المخالف من ثمار مخالفته ثم يعاد تخصيصه للطبقات الأكثر احتياجا. طالب بضرورة اعادة النظر في التشريعات والقوانين والمنظمة للبناء بحيث تضمن التصدي من البداية للأعمال المخالفة خاصة ان هناك مخالفات يصعب التعامل معها بعد ان تحولت الي أمر واقع. اشار إلي ان الاشتراطات البنائية يجب في نفس الوقت تراعي ظروف المجتمع بحيث يسهل تطبيقها ولا يضطر الشخص الي المخالفة كما يجب ان نعيد توعية القائمين علي مراقبة البناء كمهندس الاحياء حيث ان هناك الكثير من القرارات الوزارية التي صدرت من التنظيم ولكن للأسف هناك نسبة لا بأس بها من المهندسين بالاحياء لا يعلمون عنها شيئا. طالب بأن تلعب نقابة المهندسين دورا في ضبط المنظومة بحيث تقوم بتوقيع عقاب نقابي علي كل مهندس يشارك أو يشرف علي اقامة مبني مخالف فليس منطقيا في ظل غياب الرقابة ان تتحول الفيلات الي عمارات في غمضة عين مما يمثل عبئا علي المرافق التي تم اقامتها لاستيعاب عدد معين من الوحدات السكنية. إعادة نظر * د. أحمد فرحات مدير مركز بحوث ودراسات الهندسة المدنية بهندسة القاهرة قال ان مبدأ المصالحة يجب ان تحكمه ضوابط وشروط أولها ان تضمن ان العقار آمن من الناحية الانشائية علي حياة السكان وثانيا هل العقار أضر بالتخطيط العمراني للمنطقة التي يوجد بها وهل يمثل عبئا علي مرافق المنطقة من مياه وكهرباء وصرف صحي أم لا وفي حالة عدم الاضرار يمكن النظر في التصالح خاصة ان لدينا 800 ألف عقار مخالف لا يمكن ان يكون هدمها السبيل لاصلاح المنظومة وفي نفس الوقت الذي نرفض فيه المخالفات نغض الطرف عن العشوائيات التي تتوسع ليل نهار. قال ان الدولة من المفروض ان تتحمل مسئوليتها التي تخلت عنها لسنوات طويلة بتوفير نماذج من الوحدات السكنية لكافة الطبقات من متوسطة ومحدودة بحيث يناسب سعر الشقة مختلف الدخول لأن التركيز في البناء علي فئة محدودة يفتح الباب للمخالفات لأن ذلك يؤدي إلي وقوع المواطنين في فحص المباني المخالفة لعدم وجود البديل امامها. كما يجب في حالة اقرار مبدأ المصالحة ان تكون الغرامة مساوية لثمن سعر المتر الذي تم بيعه فعلي سبيل المثال اذا باع الشخص المخالف المتر بألفين جنيه يجب تغريمه نفس القيمة فساعتها لن يقدم علي المخالفة لأنه لن يجني من وراءها شيئا. منظومة الازالة * المهندس محمد الهياتمي رئيس اتحاد التشييد والبناء سابقا قال ان القانون 119 لسنة 2008 الخاص بالبناء كان يرفض مبدأ التصالح ولكنه قوبل من البعض وجماعات الضغط بالرفض الشديد مما أعاد التفكير في عودة التصالح مرة أخري كما انه حدد ازالة المخالفة علي نفقة المالك خاصة انه في النهاية الذي يجني الارباح. اضاف المشكلة ان الحملات التي تخرج للازالة وتنفيذ القانون لا تقوم بالعمل بالشكل الجيد ومن ثم يجب اعادة النظر في منظومة الازالة حتي لو تم وقوع ظلم علي البعض لأننا نحتاج الي الحسم حتي يستقيم الأمر كما طالب بأن تكون الحكومة أكثر جدية في مواجهة المشكلة بتشكيل لجنة متخصصة علي أعلي مستوي لبحث كل حالة علي حدة لأنه يوجد اشخاص خالفوا عن جهل بالعمل وآخرون تعمدوا ارتكاب المخالفة وهؤلاء لا يجب ان يتم معاملة بأي رفق. اشار إلي ضرورة تشديد الرقابة علي المحليات باعتبارها العامل الاساسي وراء الفساد في سوق البناء لانها تتواطأ في أحيان كثيرة مع المالك ولا تقوم برصد المخالفة من البداية فبدلا من ان تقوم بالازالة فور وقوع المخالفة تتقاعس حتي يتحول الدور الواحد الي عشرة أدوار ويتم تسكينها ومن ثم تصعب الازالة في منتهي الصعوبة. * د. طارق عبداللطيف أستاذ التخطيط العمراني بهندسة القاهرة يري ان التحايل علي القانون هو وراء زيادة حجم المخالفة بشكل كبير وأيضا لأننا لا نوفر حلولا للمشكلة من الأساس بتوفير قطع أراض للبناء. كما انه لا يوجد في أي مكان في العالم وزارة مسئولة عن البناء فدورها وضع الاشتراطات ومراقبة تنفيذها وليس البناء. أكد ضرورة عدم التهاون من البدايةمع أي مخالفة وعدم السماح بأي استثناءات مع تحديد درجات الخطورة بحيث تكون الفيصل في الازالة من عدمه. أشار إلي ان صعوبة الحصول علي التراخيص ووجود تعقيدات ادارية في الاجراءات يزيد من حجم المخالفات التي أجزم اننا لم نقم برصدها بشكل دقيق ولا نعلم الا 20% فقط من حجم المخالفات. * المهندس حسب الله الكفراوي وزير الاسكان الأسبق يرفض تماما مبدأ المصالحة في المخالفات لأنها تفتح الباب علي مصراعيه لزيادة الظاهرة بل ويطالب بوجود عقوبة جنائية توقع علي الشخص المخالف كالسجن أو الحبس بجانب الغرامة لأن هذا هو السبيل الوحيد لوقف سيل المخالفات التي تقع في كل لحظة. أوضح أن الأمر يحتاج الي اعادة النظر في القوانين المنظمة للبناء وأسلوب الرقابة والمتابعة أثناء التنفيذ بحيث تكون مشجعة علي البناء وفي نفس الوقت بتراخيص سليمة 100% بحيث نتلافي الأخطاء الادارية العديدة التي تقع أثناء الرقابة والمتابعة من جانب الاحياء والمحليات وتؤدي حتما الي زيادة حجم المخالفات. أكد ان التسامح مع المخالفات بقبول مبدأ التصالح سوف يزيد من الفوضي الحادثة في سوق البناء ولن يحقق الانضباط الذي نسعي اليه فطالما ان الأمر يصل في النهاية الي سداد غرامة مالية علي المخالف يتم تحميلها الي الشخص المشتري فسوف تظل الفوضي قائمة.