عندما تكون قادما من الخارج يختطفك سائقو الليموزين بالمطار للظفر ب "زبون سقع" بالتأكيد سيدفع بسخاء.. هذا عادي جدا وتوقعته عند وصولي من دبي نهاية الأسبوع الماضي. أما غير العادي فتمثل في المغالاة الشديدة في الأجرة بحجة ارتفاع أسعار البنزين وتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأخري. وعندما قلت للسائق إنني أتفهم موضوع الفارق في أسعار الوقود ولكن ما علاقة الأمر بالدولار؟!.. رد علي بالنحوي علي طريقة عبدالفتاح القصري!! الحقيقة أن الشعب كله أصبح خبيرا في الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة ربما بسبب ارتباط كل شيء بالعملة الأمريكية حتي لو كانت السلعة يتم تصنيعها تحت بير السلم. فقد اعتدنا علي قيام فئة من التجار باستغلال حاجة الناس من أجل تحقيق أكبر قدر من الأرباح. بالطبع لا أبرئ حكومتنا الرشيدة من الموضوع لكنها حصلت علي حظها من اللوم والنقد خلال الفترة الماضية ليس فقط لأنها تسير مثل الأعمي خلف توصيات وفرمانات صندوق النقد ولكن لأنها اختارت أسوأ توقيت لتحريك أسعار الخدمات خاصة المواد البترولية التي تؤثر بصورة مباشرة علي محدودي الدخل. دعك من الحكومة ومن سائق الليموزين وتوقف أمام دعوة فرح غريبة وفريدة ومستفزة للمصريين جميعا. اللهم باستثناء فئة محدودة جدا لا يعنيها حتي لو وصل الدولار إلي مائة جنيه. فهؤلاء يستطيعون تدبير أمورهم ولديهم القدرة علي التعايش مع الكوارث والأزمات ولا أقول يستفيدون من الكوارث والأزمات. الفرح - كما جاء علي موقع اليوم السابع - يخص نجلي رجلي الأعمال صلاح دياب وهاني طلعت مصطفي.. إلي هنا والخبر عادي جدا فنحن شعب يحب الفرح كما أننا لسنا ممن يعانون من مرض الحقد الطبقي. المستفز فقط هو إعلان تفاصيل حفل الزفاف المقرر إقامته بمدينة فلورنسا الإيطالية بتكلفة ثلاثة ملايين دولار "ما يقرب من ستين مليون جنيه مصري".. قيمة إيجار القاعة وأجور المطربين العرب والأجانب ونفقات استئجار طائرات خاصة لنقل المعازيم. تلك أمور يمكن استيعابها وتفهمها وتحدث من بعض الأثرياء العرب خاصة بالخليج ويمكن وضعها في إطار الحرية الشخصية طالما أن الظروف المادية تسمح.. هذا لو أن رجلي الأعمال لم ينشرا تلك التفاصيل "المستفزة" واكتفيا بأن تكون الدعوة حصرية للضيوف وحدهم وبالطبع هم جميعا من نفس الطبقة والمستوي الاجتماعي. ألف مبروك للعروسين ولرجلي الأعمال وبالرفاء والبنين ولكن رفقا بالفقراء. فآلاف الشباب يحلمون بستين ألف جنيه أو حتي ستة آلاف - وليس ستين مليونا - ليكملوا نصف دينهم. الرحمة حلوة. تغريدة: الذين يتحدثون الآن عن احتمالات نشوب حرب أهلية في أمريكا بعد انتخاب "ترامب" هم أنفسهم من توقعوا إقامة دولة الخلافة بعد وصول "أوباما" للبيت الأبيض!!!