واقعتان سياسيتان تلخصان ما وصل إليه المجتمع المصري من رقي خلال فترة الخمسينيات. كانت الواقعة الأولي في بدايات القرن حينما رشح أحمد لطفي السيد "باشا" نفسه للبرلمان في محافظة الدقهلية. وكان منافسه "عمدة" إحدي القري. ويعرف بدهائه الريفي ما يجمع بسطاء الناس وما يفرقهم. فاجتمع بالناخبين في الدائرة. وقال لهم إن لطفي السيد رجل ديمقراطي أي أنه كافر ومنحل وضد الإسلام!! فسألوا العمدة: هل أنت متأكد من هذا الكلام؟! فرد عليهم: اسألوه. حينما ذهب لطفي السيد للدائرة احتشد له الناخبون. وهو يخطب فيهم قام أحدهم وسأله: يا باشا.. هل أنت ديمقراطي؟ فرد الباشا بثقة: إ نعم.. أنا ديمقراطي!! وكان هذا "الاعتراف" كفيلاً بإسقاط هذا المفكر الكبير ونجاح العمدة الجاهل!!.في المحافظة نفسها. وفي عام 1957 تقدم حيرم الغمراوي الشاعر والصحفي بدار الهلال لخوض معركة مجلس الأمة وكان المرشح ضده أحد المشاهير هناك ومعظم عائلته من الباشوات فاكتسحه حيرم الغمراوي "المثقف" وسقط غير المثقف من خلال الجمهور نفسه الذي أسقط من قبل أحمد لطفي السيد. ومع ثقة الناس في حيرم الغمراوي الشاعر ورجل السياسة كان هو أيضاً علي مستوي هذه الثقة. فأعلن عن إنشاء عدة مشروعات لخدمة الناس: مصنع. ومحلات تجارية. وشارع متسع.. ولجأ إلي المواطنين فتبرعوا له بمليون جنيه في ذلك الزمن ربما تساوي الآن مائتي مليون فبادر الرئيس عبدالناصر بدعمه بثلاثة ملايين لينشئ كل مشروعاته. ومع نجاحه في الحياة العامة نجح كذلك حيرم في أعمال إبداعية كثيرة. خاصة الأغاني التي لحنها وقدمها كبار المطربين والملحنين. ومنها: "يا ليل يأبوالليالي" و"هو الله" و"والله ماني سالي" و"ع الدوار" و"من فوق برج الجزيرة" وقدمها الفنانون: عبدالعزيز محمود ومحمد الكحلاوي ومحمد عبدالوهاب وعبداللطيف التلباني.. وغيرهم. مع حوالي 14 مسلسلاً درامياً لعدة إذاعات.