الصالحون من عباد الله دائما يلجأون لله تعالي في كل الأوقات والأحوال. في الرخاء والنعماء وفي السراء والضراء. إنهم يقتدون بالأنبياء. يتضرعون بكل الذل والتواضع والإنكسار لباريء السموات والأرض. يسألونه الرحمة والمتاع في الدنيا والآخرة. والنجاة من الظلم والظالمين. والنصر علي كل من يعترض طريق الخير منهم. هؤلاء يتطلعون إلي مسيرة الأنبياء فيقتبسون منها ما ينير بصيرتهم وبصائرهم. فيصبرون علي البلاء ويشكرون ربهم علي ما حباهم من نعم. يترسمون خطي نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام. ويتدبرون كيف صبر علي أذي قومه وظل معهم يدعوهم بكل همة وعمل دءوب غير عابئ بسخريتهم وإيذائهم "قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون" صلي الله علي سيدنا نوح لقد كنت قدوة للمؤمنين ولقد كان نداؤك لربك نورًا يهدي الطائعين. فعندما ضاقت بك الأمور ولم يؤمن برسالتك إلا قليل من قومك. وعندما اشتدوا في غيهم. وطغيانهم ناديت ربك فكانت الإجابة. "ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون" "75 الصافات". وقد كانت النجاة له ولقومه. "فنادي ربه أني مغلوب فانتصر" رحمات ربي انهمرت عليه بالإجابة السريعة "ففجرنا الأرض عيونا" وقد فتح الله أبواب السماء بماء منهمر يغرق كل شيء ما عدا السفينة التي يستقلها سيدنا نوح "فدعا ربه اني مغلوب فانتصر. ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر. وفجرنا الأرض عيونا فالتقي الماء علي أمر قد قدر. وحملناه علي ذات ألواح ودسر. تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر" "سورة القمر". هذا الصبر الجميل وذلك السير في رحاب تعليمات رب العالمين اكتسب منه الصالحون الكثير من الأعمال والصبر علي هموم الدنيا وألاعيبها فشقوا طريقهم نحو النجاح والفلاح. وكان النصر حليفهم "انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" إن سجل الأنبياء حافل بهذا الرجاء والأمل في رحمة الله. فها هو سيدنا زكريا حينما وهنت قوته وأبيض شعره وعاوده الحنين للذرية انطلق نداؤه لرب العالمين "ذكر رحمة ربك عبده زكريا. إذ نادي ربه نداء خفيا". كل ذلك من أجل أن يرزقه الله ولدًا صالحاً كي يرث العلم والحكمة من هذه السلالة الطيبة. ولم يكد زكريا ينتهي من دعائه حتي كانت الإجابة في التو واللحظة. جاءت البشري بولد صالح لم يسبق أن سمي باسمه أحد من قبل. هذا الفتي اسمه يحيي. وهو ولد صالح بار بوالديه وله وعليه سلام من الله. هذا الولد جاء بعد لجوء زكريا لربه بكل التواضع واختيار أفضل الأوقات للدعاء. والصالحون يترسمون هذه المسيرة النبوية. لا يهتمون بالمعوقين وذوي الألسنة الذين يحبطون عباد الله. يطلقون عبارات الاستهزاء أحيانا والقول العنيف أحيانا أخري. لكن هيهات أن ينال هؤلاء من عباد الله المخلصين. ولاشك ان الله سبحانه ذكر هذه البطولات وتلك المسيرة لأنبيائه ليضرب لنا الأمثال ولكي ندرك أن الإنسان لن يتحقق له الرجاء والأمل الذي يريده إلا بالعمل الجاد والصبر ومقابلة السيئة بالحسنة. الخلق الكريم هو زاد المسلم في أحلك الظروف وأشد الأوقات ضراوة. وأن النصر مع الصبر. فها هو سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قد قابل الكثير من الإيذاء والمعاملة السيئة. لكنه صبر وغفر في حسن خلق. فيوم أن خرج من الطائف عقب دعوة قومه للإسلام حزينا كاسف البال جاءه جبريل ليعرض عليه الانتقام من هؤلاء بانهيار الجبال المحيطة بهم عليهم. رفض صلي الله عليه وسلم وقال لجبريل: "دعهم لعل الله يخرج من أصلابهم ذرية يعبدون الله. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون". سلوكيات طيبة أسوة وقدوة لكل عبد منيب.