ماذا تفعل لو فرضوا عليك أن تأكل علي الفطار فتة كوارع مخلوطة بالعسل الأسود والحلاوة الطحينية ومعجونة بالبلح الأمهات والجبنة القديمة؟.. وماذا تفعل لو ألقوا بك في مستنقع من المياه الراكدة وطلبوا منك أن تعبر عن قدرتك علي السباحة؟. وماذا تفعل لو ربطوا يديك ورجليك وعلقوك من رقبتك وقالوا لك سابق نصف نقل تسير علي الطريق السريع؟ انها جميعها مستحيلات يعجز الإنسان عن فعلها. هذا هو الحال بالضبط مثلما تكون مجبوراً علي الذهاب إلي أي مكان يطلقون عليه "الأرشيف" لتبحث عن أصل مستند ضاع منك أو لتستخرج صورة منه. وهناك حالات كثيرة قد تحتاج فيها إلي ذلك عندك مثلا لو ذهبت إلي بدروم الأرشيف بمجمع التحرير لتبحث عن مستند شهادة ميلاد أو وفاة أو قسيمة زواج أو غير ذلك من المستندات التي تتوقف عليها حياة مواطن ومصيره. أو أنك تذهب إلي الأرشيف في أي مصلحة حكومية للحصول علي مستند هام. جرب أن تذهب إلي الأرشيف في مثل هذه الأماكن وغيرها ستجد نفسك وقد فقدت الزمن ودارت بك الأيام ونسيت اسمك وأهلك ووظيفتك إذا كان الله قد من عليك بعمل ولست عاطلاً. وليس بعيداً أن تطلب من الله وقتها أن يعيد إليك الحياة كمن دفنوه في قبره وهو علي قيد الحياة دون سابق إنذار. لا مبالغة في ذلك فالأرشيف والعياذ بالله قبر لا قبل أحد به. حيث الظلام الدامس والملفات الورقية القديمة التي لا حصر لها والتي حين تحاول تصفح احدها تفاجأك بالأتربة والخنقة وضيق التنفس فتشعر سريعا بأنك انتقلت إلي رحمة الله. فضلا عن صوت مفزع يوقظك من الموت الذي تدخل فيه طواعية ليقول لك : خلص يا أستاذ ورانا أشغال. الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية لابد أنه فكر كثيراً في تطوير حال الأرشيف ولابد أنه وقف أمام عقبة التمويل لهذا التطوير المكلف. ولابد أنه لجأ إلي الدكتورة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي أو وزيرة الدولة للشئون الخارجية للحصول علي قرض من أي دولة ولابد أننا ننتظر تساهيل ربنا. رحم الله مصريا يبحث عن مستند في أرشيف ما.