تأثراً وفرحاً بحلقة صنع في مصر التي قدمتها إسعاد يونس في برنامج صاحبة السعادة أسرعت إلي أقرب سوبر ماركت اسأل عن منتجات شركة قها لاستعيد الزمن الجميل زمن الصناعة المصرية المتميزة لكن صدمتني الإجابة.. قال لي صاحب السوبر ماركت ان قها ليس لها مندوبون للبيع لتوصيل منتجاتها إلي المحلات المختلفة وطبعاً نحن لا نسعي إليها في ظل شركات أخري خاصة تأتي إلينا بانتظام وتقدم عروضاً متميزة!! واكمل كلامه بأن المستهلكين منذ إذاعة الحلقة وهم يسألون عن المنتجات لكن الحل عند الشركة!! فإذا كانت حلقة صاحبة السعادة قد اعادت للأذهان نماذج ناجحة لصناعات مصرية أصيلة حفرت مكانتها علي مر السنين فإنها في نفس الوقت كشفت فشل هذه الشركات في تسويق منتجاتها وإعادة اسمها للأسواق بعد حالة من تعمد افشال الصناعة المصرية لصالح مافيا الخصخصة من ناحية ومافيا الاستيراد من ناحية أخري.. خير مثال علي ذلك هو شركة قها. وشركة قها هي الشركة الرائدة للصناعات الغذائية في مجال حفظ الفاكهة والخضروات ليس في مصر فقط بل في الشرق الأوسط وتمتلك ستة مصانع بها خطوط إنتاج متكاملة.. لكنها في زمن الخصخصة البغيض تم بيعها لأحد المستثمرين عام 1998 وفشل المستثمر في ادارتها وتعطلت معظم خطوط الإنتاج وعجز عن الوفاء بالتزاماته بالنسبة للعمالة لدرجة ان الشركة القابضة للصناعات الغذائية التي كانت قها تتبعها قبل الخصخصة قامت بتسديد الأجور والتأمينات الاجتماعية لمدة تقترب من السنة مما دفع المحكمة لفرض الحراسة علي قها وتعيين الشركة القابضة حارساً قضائياً عليها.. تلا ذلك اتخاذ الاجراءات القانونية لإلغاء الخصخصة وإعادة قها لاحضان الشركة القابضة ووزارة التموين. تاريخ عودة قها من الخصخصة هو الذي يستحق التوقف فقد عادت عام 2007 أي منذ ما يقرب من عشر سنوات وطوال هذه المدة غابت تقريباً السياسة التسويقية وغابت معها قها ومنتجاتها عن الأذهان.. والدليل علي ذلك انبهار الناس بحلقة إسعاد يونس وهرولتهم بحثاً عن تلك المنتجات وأيضاً ما قاله صاحب السوبر ماركت عن عدم وجود مندوبين لتوزيع منتجات قها. يحدث هذا في وقت أصبح فيه التسويق علماً له أساتذته المتخصصون وله القدرة علي فرض السلعة في الأسواق ومنحها القدرة علي المنافسة بوسائل متعددة خاصة إذا كانت السلعة تمتلك مقومات النجاح مثل قها لكن غياب السياسة التسويقية يجعلها بعيدة عن الأذهان وبالتالي عن المستهلك.. ولا يجب ان تكتفي الشركة بمنافذ خاصة بها محدودة العدد بشكل واضح بل يجب ان تصل للمستهلك اينما كان.. ولا يجب ان تكتفي الشركة بفرحتها بأن حلقة إسعاد يونس جلبت لها وكلاء أجانب من أسبانيا وأنجولا وكينيا يطلبون منتجاتها لأسواقهم فإذا لم تسارع الشركة بتبني سياسة تسويقية جادة ومستمرة فإن المستهلك سوف ينساها مرة أخري. رئيس الشركة يبرر سبب تأخرها في المنافسة بأنها ظلت مخصصة عشر سنوات وعادت محملة بديون بلغت 47 مليون جنيه.. وأنا أقول له لقد عادت قها بسلام من الخصخصة منذ عشر سنوات تقريباً ولو كانت هناك إرادة جادة لوضعها علي الطريق الصحيح لكان هذا قد تحقق منذ عدة سنوات.. عموماً الوقت لم يفت والمهم ان نبدأ وان تستعيد قها عافيتها فقد اشتقنا كثيراً لعودة القطاع العام الناجح ليرحمنا من قسوة وجشع القطاع الخاص عندما ينفرد بالأسواق.