تعاني شركات القطاع العام من إهمال جسيم وبعضه متعمد ل«الخصخصة»، ففي الوقت الذي اشتعلت فيه الأسعار بما يثقل كاهل المصريين، كان من المفترض أن تلعب هذه الشركات دورا مهما في السيطرة على جنون الأسعار، إلا أن يد الإهمال والفساد عاثت في القطاع العام، وتركت الجبل على الغارب للشركات الخاصة حتى فرضت سيطرتها على الأسواق. ومن أبزر شركات القطاع العام المهملة «قها للأغذية المحفوظة» التي أنشئت عام 1940 تحت اسم المصنع المصري للأغذية، قبل أن يعاد تأسيسها مرة أخري عام 1962 كشركة مساهمة مصرية تحت اسم النصر للأغذية المحفوظة، وفي عام 1991، أصبحت خاضعة لقانون قطاع الأعمال رقم 203 تحت مسمى شركة قها للأغذية المحفوظة قبل بيعها لمستثمر عام 1998 بسبب المشاكل التي عانت منها والصعوبات المادية وتسريح العمالة، وتم نقل ملكيتها مرة أخرى إلى الشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة حاليًا لوزارة التموين عام 2008 في محاولة لإعادة هيكلتها. وتعد «قها للأغذية المحفوظة» من أكبر الشركات في تصنيع الفاكهة والخضروات والبقوليات بمصر والشرق الأوسط، وتصدر منتجاتها إلى 32 دولة على مستوى العالم، منهم إفريقيا وأوروبا وأمريكا، وتصدر 25% من منتجاتها إلى السعودية واليمن وبعض دول الخليج، وكان للشركة دور وطني في توفير الأغذية المحفوظة للقوات المسلحة أثناء فترة حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973. الشركة المصرية للأحذية «باتا».. مصنع الأحذية الأشهر في مصر، الذي تميز بجودة منتجاته وقوة جلد الحذاء، عانت الشركة مما عاناه القطاع العام من الإهمال وعدم التطوير في ظل دخول القطاع الخاص والمنتجات المستوردة سوق المنافسة بقوة، لكن يبدو أن الدولة طرقت مؤخرا، باب تطوير «باتا». شركة النيل للمنظفات.. «سافو» أشهر منظف ومسحوق غسيل اشتهرت به شركة النيل للزيوت والمنظفات التي تأسست عام 1946 تحت اسم الشركة الإنجليزية المصرية للصابون والمنتجات الغذائية وتغير الاسم عدة مرات حتى صدر القرار الوزاري 613 لسنة 1988 بالاسم الحالي "شركة النيل للزيوت والمنظفات"، والتابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة الاستثمار وخاضعة لأحكام القانون 203 لسنة 1991. رأس المال المرخص به 200 مليون جنيه والمصدر والمدفوع 160 مليونا موزعه على 16 مليون سهم مملوكة بالكامل للشركة القابضة للصناعات الغذائية، تعمل الشركة على صناعة وتسويق المنظفات الصناعية، والصابون، وزيوت الطعام والأعلاف ومعجون الأسنان والحلاقة ومستحضرات التجميل، وعبوات الصفيح وزجاجات البلاستيك واستخلاص الزيوت من البذور الزيتية، لكن إهمال الشركة وعدم تطويرها في ظل دخول منتجات أخري جعلها تتراجع عن الصورة في السوق المصري. قال الدكتور محمد النجار، الخبير الاقتصادي، إن القطاع الصناعي في مصر مر بثلاث مراحل، الأولي في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، تم وضع خطط تنمية للقطاع الصناعي وإنشاء المصانع والشركات التي تمتلكها الدولة، ثم انتقالنا إلي عهد أنور السادات واستخدام سياسة الانفتاح الاقتصادي التي فككت الصناعات، وبعدها دخلنا المرحلة الثالثة في عهد حسني مبارك التي اتبع فيها سياسة الخصخصة للقضاء علي القطاع العام. وأضاف النجار ل«البديل» أن خصخصة القطاع العام مثل شركة المراجل البخارية وغيرها وإهمال شركة الحديد والصلب سمحت بالاحتكار لصالح المستثمرين ورجال الأعمال وضرب الهيكل الإنتاجي للقطاع العام، متابعا: «الدولة الآن أصبحت تهتم بالجباية وفرض الضرائب لسد عجز الموازنة وتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي من أجل الاقتراض، في حين أهملت القطاع الصناعي». وأوضح حسن أبو الدهب، رئيس اللجنة النقابية بشركة المراجل البخارية التي تم خصخصتها ل«البديل»، أن الدولة لا تريد النهوض بالصناعة وتشجيعها والدليل أن أي صناعات سواء كانت غذائية أو دوائية أو غيرها لابد أن تستخدم المرجل البخاري الذي خصخصته الدولة واتباع تصفية القطاع العام منذ قوانين السادات الانفتاحية. وأكد شكري حماد، رئيس مجلس إدارة شركة باتا للأحذية، في تصريحات تليفزيونية، أن منتجات الشركة واجهت بعض المشاكل في الفترة الماضية؛ نظرا لتوقف التطوير وطرح المنتج دون دراسة جيدة للسوق واحتياجات العملاء والمستهلكين، مشددا على بذل مجهود في البحث والدراسة للمنتجات المتواجدة بالسوق؛ لمعرفة رغبات المستهلك، وتطوير المنتج على أساس ذلك واختبار المنتج قبل طرحه بالأسواق.