هذا الرجل الصالح وابنتاه وردت قصتهم مع سيدنا موسي في سورة القصص. ويقال إنه سيدنا شعيب النبي. ولكن هذا القول غير صحيح. لأن هناك فرقا كبيرا في الزمن بينهما. ولأسباب أخري لا متسع لها هنا. ويقال إن اسمه شعيب. ولكن ليس النبي شعيب. وقصته هو وابنتيه مع موسي تبدأ بعدما خرج موسي من مصر متوجهاً إلي مدين. وقد كان خروجه خوفاً من فرعون وملأه أن يقتلوه بسبب قتله غير المتعمد للقبطي "أي المصري" ولم يكن يعرف الطريق التي توصله إلي مدين. فقال: ¢عسي ربي أن يهديني سواء السبيل¢ فاستجاب الله له. فوفقه للوصول إلي مدين. وجعله هادياً مهدياً بما آتاه من النبوة. وعندما وصل مدين ورد ماءها. وكان عبارة عن بئر يذهب إليها رعاء الشاء ليسقوا منه أغنامهم ¢ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون¢ ولفت نظره وجود امرأتين معهما أغنام. ولكنهما لا يحاولان سقيها من البئر. بل يحاولان إبعادها عن غنم الرجال. فأشفق عليهما وسألهما قائلاً: ¢ما خطبكما¢ فقالتا: ¢ لا نسقي حتي يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير¢ أي أنهما لا يتزاحمان علي الماء لسقي الغنم حتي لا يختلطا بالرجال. بل ينتظرن حتي ينصرفوا ثم يسقيان. وأخبراه بأن الذي أخرجهما للعمل هو أن أباهما رجل كبير لا يقوي علي هذا العمل الشاق. فسقي لهما ثم تركهما يرجعان لوالدهما. وقد قال عمر بن الخطاب: "إن موسي عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون. فلما فرغوا أعادوا الصخرة علي البئر. ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال. فإذا هو بامرأتين تذودان. قال: ما خطبكما؟ فتحدثتاه فأتي الحجر فرفعه. ثم لم يستق إلا ذنوباً واحداً حتي رويت الغنم" وبعد أن سقا لهما جلس تحت شجرة يستظل بها ¢فسقي لهما تم تولي إلي الظلü¢ وقد أخذ الجهد منه مبلغه. واستبد به الجوع والتعب. فاستغاث بالله قائلاً: ¢ رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير¢ وكانت المرأتان في هذه الفترة قد أخبرتا والديهما بما حدث مع هذا الرجل الذي لا يعرفانه. فأمر إحداهما أن تذهب إليه لتخبره أنه يريده ليكافئه علي معروفه ¢فجاءته إحداهما تمشي علي استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا¢ فذهب إليه وقص عليه ما كان من أمره مع فرعون وقومه. فطمأنه أنهم لن ينالوه بسوء ¢فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين¢ وعرض عليه أن يزوجه إحدي ابنتيه مقابل أن يعمل عنده في رعاء الشاء لمدة ثماني أو عشر سنوات. فوفي الأجل الأكبر. ثم عاد بأهله إلي مصر.