نجحت دار الأوبرا في افتتاح موسمها الجديد بأحد الفنون المهمة المعبرة عن طبيعتها حيث اضاء المسرح الكبير أنواره علي حفل لأوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو أحمد الصعيدي والذي شهد اقبالا جماهيريا كبيرا وكان بداية لموسم هذا الفريق والذي سوف يتم خلاله تقديم أكثر من ستين عرضا موسيقيا ولكن للأسف الحفل الافتتاحي لم يعبر عن ذلك ولم يكن عنوانا للفريق وموضحا لهويته حيث اختار المايسترو برنامجا معظمه مقتطفات غنائية وموسيقية من الأوبرات الشهيرة وهذا يكون مناسبا لأوركسترا أوبرا القاهرة الذي يصاحب الاوبرات والباليهات وربما كان مقبولا لو أننا ليس لدينا هذا الفريق وكان السيمفوني يقوم بالدورين معا كما كان قبل انشاء اوركسترا الاوبرا.. ولكن جاء الحفل متقنا وحرفيا وعلي درجة عالية من الأداء خاصة الجزء الأول. شارك في الحفل الميتزو سبرانو "دانييلا باسنوفا" من سلوفاكيا والباص رضا الوكيل أحد أهم نجوم فرقة أوبرا القاهرة.. تتضمن برنامج الحفل تسع فقرات بدأت بمقطوعة موسيقية من مؤلفات المايسترو أحمد الصعيدي بعنوان افتتاحية احتفالية قام بتأليفها عام 1998 والتي نالت الاعجاب حيث بها تنويعات علي لحن أنا المصري أما الختام فكان مع مقطوعة "بوليرو" للمؤلف الفرنسي موريس رافيل "1875 1937" والذي كتبها خصيصا للراقصة الروسية "إيد روبنشتاين" وعرضت لأول مرة في دار أوبرا باريس عام 1928 والعمل من حركة واحدة تتميز ببداية هادئة بطيئة ويتم تنميتها وسرعتها تدريجيا حتي تصل إلي الذروة في السرعة والتباين الصوتي واللوني والمقطوعة مشهورة حيث استخدمت في العديد من الافلام الامريكية كما انها من الرصيد الفني لفرقة البالية المصرية حيث سبق تقديمها عدة مرات.. وبين البداية والختام استمعنا من أوبرا كارمن إلي آرية "أغنية" الهابانيرا للمؤلف جورج بيزيه "1838 1875" ومطلعها "الحب عصفور متمرد" ويتم غنائها في الفصل الأول وتعد من أشهر الاغاني لطبقة صوت الميتزو سبرانو وقد أدتها ببراعة دانييلا باناسوفا حيث تميزت بتعبيرية في الأداء والحرص علي اتقان مخارج اللغة الفرنسية وكان هناك توافق بينها وبين الاوركستر ويحسب لها تمتلك صوتا براقا وهذا يعد نادرا في هذه الطبقة الصوتية.. ومن مؤلفات فيردي شدا رضا الوكيل بآرية "فيليبو" من أوبرا "دون كارلوس" والتي تعد جديدة علي الجمهور المصري حيث لم يسبق الاستماع اليها وكان أداء رضا في هذا البرنامج يتميز بالجمال والثقة والاحتراف وساعده علي ذلك صوته الذي يجمع بين القوة والعذوبة في نفس الوقت ويتمتع بالقدرة علي الإلتزام بالنغمات الموسيقية الصحيحة والتمكن من أداء الانتقالات الصوتية الصعبة في العديد من الجمل الموسيقية.. تتضمن البرنامج من الفقرات الغنائية آريات "روزينا" و"افتراءات" من أوبرا "حلاق أشبيلية" للمؤلف الايطالي روسيني "1793 1868". كما قدمت الميتزو سبرانو أغنية "التفكير" من أوبريت "بنات زيبيديو" للموسيقار الاسباني روبير تشابي "1851 1909" والتي أيضا نستمع إليها لأول مرة في مصر.. أما الأعمال الموسيقية فأستمعنا من أوبرا "تاييس" لجولة ماسينية "1842 1912" إلي مقطوعة "تأملات" والتي تعزف بين مشاهد الفصل الثاني والدور الاساسي فيها لآلة الكمان حيث تقوم بعزف اللحن الاساسي وقد تفوق في أدائها عازف الكمان حسام شحاتة واستطاع ان يؤكد حرفيته ومهارته وتميز بالتمكن من تقنية العزف وتوظيفها بنجاح لخدمة المقاطع التعبيرية التي أرادها المؤلف وجاء عزفه بشاعرية طاغية وتوازن واضح في الرنين الصوتي العام وجدير بالذكر أن هذه الأوبرا قدمتها الفرقة المصرية وتعد من رصيدها الفني.. ومن الاعمال الموسيقية ايضا قدم الأوركسترا الرابسودية الرومانية رقم 1 للمؤلف جورج انيسكو "1881 1875" وافتتاحية اوبرا "دونا ديانا" للموسيقار التشيكي اميل فون ريزنيتشك "1860 1945" والتي أيضا تقدم في مصر لأول مرة. وأخيرا وبالرغم من أن البرنامج غلبت عليه الاغاني والموسيقي الاوبرالية والاستعراضية الا ان الاتقان في الأداء وتقديم أعمال جديدة نستمع لها لأول مرة تعد من الايجابيات واضافة للجمهور المصري.